كيف نتعامل مع قريبتنا المختلة عقلياً؟

0 272

السؤال

السلام عليكم
شاكرة لكم حسن تعاملكم وإرشادكم.

لدي قريبة بها مشاكل عقلية، لا أفهم حالتها بالضبط، لكنها مختلة عقليا بنسبة50%، هي بعمر25عاما، والدها متوفي، ووالدتها نفس حالتها فاقدة لقواها العقلية.

لديها إخوة من والدها غير أشقاء مهملون لها، وتاركون أمر رعايتها لجدتها الكبيرة في السن، وشقيقة أمها غير المتزوجة.

حالتها تزداد سوءا، فهي تفهم في أمور الفتيات من أجهزة وعلاقات اجتماعية، ولبس وموضة وزواج وغيرة، تريد أن تجاري كل هذا وتدخل في النقاشات.

مستوى عقلها لا يساعدها، فتحبط وتحاول أن تعوض هذا بالاستهلاك من ملابس وأجهزة، فهي ليست مختلة تماما، تفهم وتعرف ما يدور حولها، لكن تأتيها حالات عصبية، وتصبح خطرة على من حولها، وتشعر بالغيرة كلما تزوجت فتاة أو رأت فيها شيئا يعجبها، لدرجة الانهيار، تضرب ويصل الأمر إلى استخدامها للأدوات الحادة، كل فترة تصبح أشرس من ذي قبل!

شقيقة أمها كرهت الحياة بسببها، فهي تحاسبها على كل شيء تفعله، ولا تستطيع الزواج مع تقدمها بالسن وتركها مع الجدة التي لا تقوى عليها، لا تحيا حياتها كالغير، بل كل شيء مرتبط بابنة أختها، أهملت حياتها وقدمتها على نفسها، خوفا منها.

يصعب التعامل معها، والجدة رافضة تماما فكرة المستشفيات أو الأدوية المهدئة، مع أنه ضروري جدا لحالتها.

أريد مساعدتكم بالطريقة الصحيحة للتعامل معها وإشعارها بأهميتها، وإقناع الجدة باستخدام الأدوية؛ لأنها صعبة الإقناع، وهل ضرب المختل عقليا يجوز في حالات الدفاع عن النفس أو عن الآخرين؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rafeef حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على اهتمامك بأمر هذه الفتاة، والتي نسأل الله تعالى لها العافية والشفاء.

قطعا لا يمكن أن نشخص تشخيصا دقيقا أي إنسان لم نقم بفحصه، ومن خلال المعلومات المتاحة والتي زودتنا بها نقول لك: إن هذه الفتاة بالفعل ربما يكون لديها بعض الصعوبات النفسية، لكن لا أريدك أبدا أن تتهميها بأنها مختلة العقل.

قد يكون لديها أفكار ظنانية، واندفاعات نفسية سلبية تؤدي إلى مسلكها الخاطئ، والكثير من الناس يكون لديهم ما يعرف بازدواجية التوجه، أي تجد أن جزءا من كيانهم ووجدانهم مضطرب، تنتج عنه سلوكيات خاطئة، وتجد الجزء الآخر سليما ومرتبطا بالواقع، ومن خلاله يتواصل الإنسان ويحكم على الأمور بصورة صحيحة.

هذه الفتاة ربما تكون من هذا النوع، أي لديها نوع من ازدواجية التوجه.

أعتقد أن الكلام يجب أن يكون مع جدتها لإقناعها بأن هذه الحالة حالة طبية نفسية بسيطة، والذي يتحدث مع الجدة لابد أن يكون ذا علاقة معها، ويكون إنسانا فطنا، ويطرح الأمور بصورة مبسطة ومحببة حتى تقتنع جدتها بضرورة أن تذهب هذه الفتاة إلى العلاج، وكثيرا ما يقتنع الناس حين نذكر لهم الذهاب إلى المشايخ، وكذلك الذهاب إلى الطبيب في نفس الوقت.

يمكن أن يطرح موضوع هذه الفتاة على جدتها بهذه الكيفية، وهذا ربما يقنعها، والكثير من الإخوة المشايخ – جزاهم الله خيرا – ينصحون الناس بالذهاب لمقابلة الأطباء النفسيين، خاصة إذا كانوا يعرفون طبيبا مسلما ثقة.

حالتها من وجهة نظري تتطلب الفحص النفسي الدقيق، تتطلب القيام ببعض الاستبيانات والمقاييس المعيارية لتحديد شخصيتها، والتأكد من طبيعة علتها.

أتفق معك أنها تعاني من صعوبات نفسية، وأرى أنها سوف تعالج من خلال مساعدتها لاستعادة استبصارها، وإعطاء بعض الأدوية التي تتحكم في اندفاعاتهم السلبية وأفكارها الظنانية الخاطئة وما تعاني منه من غيرة، فالعلاج بالفعل ضروري في حالتها، وأعتقد أنها سوف تستفيد منه كثيرا.

بالنسبة لسؤالك: هل الضرب للمختل عقليا يجوز؟
لا، أنا لست من أهل الفتيا، لكن قطعا لا يجوز، وما أسميته بالضرب من أجل الدفاع عن النفس: الإنسان قطعا يجب أن يرد العدوان، أي إذا اعتدى عليه أحد من الناس، ويحمي نفسه، هذا أمر مطلوب، لكن أن يسيطر الإنسان على إنسان آخر ويتشفى منه وينتقم ويضربه ضربا مخلا، هذا قطعا ليس صحيحا.

المريض يجب أن يوجد له العذر، ونحاول أن نبني معه علاقات طيبة ونوجهه، المرضى مهما كانت درجة اضطرابهم من تعاملاتنا معهم بشيء من الفنيات والفطنة والذكاء يمكن أن تبنى علاقات ممتازة جدا حتى مع أكثر المرضى اضطرابا وتعانفا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات