السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
مشكلتي هي أنني أعاني من الكبرياء -وليس التعالي- فمثلا إذا كنت في مناسبة لا أسلم على أحد إلا على من يسلم علي، باعتقادي أنني إذا بادرت بالسلام فإنني أنتقص من كرامتي.
ولقد فقدت عددا كبيرا من أصدقائي بسبب كبريائي، فمن أول موقف سلبي أقطع علاقتي بهم، لأنني أقول بأني إذا رجعت إليهم فليس لدي كرامة، وأنني أذل نفسي.
حتى مع أهلي، فلو زرت أهلي فإني أشعر بأنني عبء عليهم، ولا أستطيع أن آكل أي شيء عندهم، إلا إذا اشتريته بنقودي، حتى مع أخواتي، لا ألبس معهن، وإذا خرجنا في رحلة معهم أحس أني عالة عليهم، ولا أرتاح أبدا، أجلس طول اليوم قلقة جدا ومتوترة، ولا أرتاح نفسيا إلا في بيت زوجي.
لا أدري ما هي هذه الحالة؟ هل هي كبرياء أم ماذا؟ فقد تعبت نفسيا من هذا الشيء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فرح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا، والكتابة إلينا بما في نفسك.
لا أعتقد أن الموضوع موضوع "كبرياء" بالمعنى الحرفي للأمر، وربما يصعب علي تفسير هذا السلوك بشكل كامل، لأننا لا نعلم الكثير عن تفاصيل حياتك وطفولتك وتربيتك، وربما عن علاقة والديك ببعضهما.
ربما الأمر هو أقرب للاعتياد على موقف معين، ونمط من السلوك، هل يا ترى مررت أنت أو أهل أفراد أسرتك بموقف كان فيه شيء من الإذلال بسبب أن هذا الشخص، سواء كنت أنت أو غيرك، كان في حاجة للعون والمساعدة، إلا أن الناس من حوله قابلوه بالرفض والإساءة، مما كون عندك ردة فعل شديدة تجاه أن تطلبي من الناس شيئا أو أن تظهري أنت في حاجة إليهم، وربما عزز هذا عندك موقفا من عدم إظهار أي شيء يشير أنك في حاجة للآخرين، أو أنك في حاجة للمساعدة والعون، ولذلك فأنت لا تشعرين بالراحة في أي موقف تأخذين فيه مما عند الآخرين.
طبعا التغيير وارد وممكن، وإن لم يكن بالسهل أحيانا، إلا إذا كنت حقيقة عازمة على التغيير، وأظنك ترغبين بهذا التغيير؛ ولهذا كتب لنا تسألين.
يا ترى هل شعرت بانتقاص من كبريائك الآن عندما كتبت لنا بهذا السؤال؟
لا أعتقد ذلك، وبنفس الطريقة، عليك أن تشعري بأن مساعدة الناس لبعضهم، وتبادل ما عندهم من الأشياء المادية لا ينتقص من كبرياء أحد، وخاصة أن غالبية الناس يعطون ويشاركون عن نفس طيبة، وكم هي معاني الكرم والأخذ والعطاء في حياة الناس، وهناك تعاليم كثيرة في إسلامنا، والتي تدعو الناس للمشاركة وتبادل المصلحة والعون، ومنها مثلا التعامل بين الجيران، والتعامل داخل الأسرة، ومعاني الإنفاق والإحسان.
فهناك أمور كثيرة تجعل حياة الناس أسهل، وتظهر من خلالها الأخلاق الحميدة، والتي تعلمين لاشك بقيمتها في حياتنا.
حاولي من الآن التدرج في الاختلاط بالناس، ابتداء بالأسرة، وحاولي مشاركتهم الطعام والشراب، ومن ثم الناس الآخرين، وتذكري بأن الحياة واسعة وتتسع للجميع.
وفقك الله، ويسر لك الخير