هل الإقامة في الريف لاستثمار الوقت أنفع من سكنى المدينة؟

0 295

السؤال

السلام عليكم

أنا بعمر 24 سنة، كنت قد نشأت وترعرعت في بلدة ريفية صغيرة، ولكن كان نصيبي بأن تكون وظيفتي في إحدى المدن الكبيرة.

مشكلتي هي عدم تمكني من التكيف مع جو المدينة، بالرغم من وجود الخدمات المتنوعة، وما إلى ذلك، إلا أنني أفتقد الريف الذي نشأت فيه، فهناك أحس بترتيب وقتي، واستغلاله بشكل أفضل، وبوجود الطبيعة الغالبة على الريف.

أيضا مستواي العلمي والثقافي تطور بشكل كبير ومبهر، خلال مكوثي في الريف، لأني أقضي معظم وقتي في القراءة، بينما في المدينة بالكاد أعتمد على الأساسيات، ولا أجد وقتا حتى لقراءة بضع صفحات يوميا، فهل يعني هذا أني لا أتناسب مع جو المدينة، وأنه يجب علي العودة هناك عاجلا؟

أرجو المساعدة، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ابننا الفاضل في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والسؤال، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم الأحوال، وأن يحقق في طاعته الآمال.

رغم جمال الريف وطيبة أهله إلا أن المطلوب هو التأقلم مع جو المدينة مع الاستمرار في التواصل مع الأهل في الريف، والذهاب إليهم في العطلات، وفي نهاية الأسبوع إذا كان ذلك متيسرا.

لا يخفى على أمثالك أن الفرص في المدن أكبر، والاحتكاك متاح والخبرات متوفرة، فاغتنم الفرص واشغل نفسك بالخير، وانتبه لعباداته، وأتقن عملك، وكون علاقات وصداقات، وأبشر بالخير والتقدم.

الوقت غال، وتنظيمه مطلوب، ولحظات العمر غالية، فاغتنم فراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وحياتك قبل موتك، فالوقت هو الحياة، وما مضى منه خصم على الأعمار، ولا يمكن أن يشترى أو يعوض حتى بأغلى الأثمان!

وجود الإنسان في حد ذاته ثقافة، لأن الثقافة هي الأخذ من كل شيء بطرف، والتعاطي مع معطيات الحضارة، وصور التمدن، يوسع الأفق، كما أن ثمرة القراءة والفائدة منها والعمل بها إنما يكون في الأصل حيث الوجود الكثيف للبشر.

من هنا فنحن نتمنى أن تحور برامجك لتنسجم مع نظام المدينة، والإنسان له قدرات عالية على التكيف على الأوضاع المختلفة، وسوف تكتشف الفوائد الكبيرة لو جودك في المدينة.

كثيرا ما يحن الشعراء ويشوقون إلى مراتع الصبا، ولكن دوام الحال محال، والأرزاق التي قدرها القدير موزعة، والسعي وبذل الأسباب مطلوب، وكم هو جميل ما قاله الشاعر.
مشيناها خطى كتبت علينا *** ومن كتبت عليه خطى مشاها
وأرزاق لــنــا مــتفــرقات *** فمن لم تــأتــه مـنـا أتــاهــا

الرزق يطارد صاحبه، وإليه يطير الإنسان، فسبحان الرزاق مالك الأكوان.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، واشغل نفسك بالخير قبل أن يشغلك الشيطان بغيره، وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده، واشغل نفسك بالإحسان، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.

نسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يوفقك للخير، ونسعد بدوام تواصلك ونسأل الله أن يوفقك.

مواد ذات صلة

الاستشارات