السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أعاني من رائحة كريهة في جسمي لا أعرف مصدرها، ولا أذكر متى بدأت معي؟ لكن منذ صغري كانت معلمتي ومديرتي ينبهون بشكل جماعي علي وعلى زميلاتي بالاهتمام بالنظافة الشخصية، كانت العبارات موجهة للكل، والنظرات لي فقط، وبسبب هذا الأمر فقدت الكثير من العلاقات والصداقة، لا أبادر بقطعها بقدر ما يبادرون هم بها.
عانيت الألم والوجع، والمشاعر المضطربة منذ صغري، الكل ينعتني بعدم الاهتمام بالنظافة، الكل يتحدث عني بطريقة سيئة، الكل يتجنب مخالطتي والجلوس معي، أنا مرحة ومجتهدة، لم أذكر أنني حصلت على المركز غير الأول في سلم الدرجات إلا مرتين، لا أزال أتذكر أنني تخليت عن الجلوس في المقدمة في سبيل عدم إزعاج المعلمة والطالبات، كنت أجلس في الخلف، ودائما يقولون لي: لماذا فتاة في مثل اجتهادك تجلس في الخلف؟ وحين أخرج؛ لحل مسألة أو ما شابهها؛ لا يعودون لإخراجي مرة أخرى، بعضهم يقدر ما أعاني منه، والآخرون طوال وقوفي على السبورة يضع يده على أنفه.
كرهت الحياة وكل شيء، كرهت الاجتماعات، أثرت حالتي على مستوى دراستي في الجامعة، تتطلب دراستي مخالطة الرجال أيضا، أصبحت منعدمة الثقة، تراجع مستواي الدراسي، حتى في الجامعة سمعت من تقول: ما هذه الرائحة الكريهة؟ لماذا لا يستحمون؟ الآن أنا في سنة التطبيق -الامتياز- شعور بشع مما أمر به، فقدت كل مرحي وأصبحت انطوائية.
قد زاد الأمر حدة إلى أني فقدت كل علاقاتي الاجتماعية، ولولا رحمة ربي؛ لوقف مستقبلي ودراستي في أول عتباته، أنا أكره أن أوصف باللامبالية التي لا تهتم بنظافتها، التي لا تراعي مشاعر غيرها، أقسم أنني أنام على بكاء وأنين لا يعرفه إلا ربي، أقسم أني فقدت الكثير من المزايا والكثير من العلاقات الجميلة بسبب هذا الأمر، بل إن أساتذتي كثيرا ما ظلموني بسبب هذا الأمر، لا أحد يريدني أن أقترب منه؛ لمناقشة أمر ما، حتى وإن لم يتحدثوا فيكفي الإشارات حتى أفهم رغبتهم، حتى التكريم على مستوى المنطقة أحرم منه، وأسمعهم يقولون: لا تفشلنا؛ رائحتها غير جيدة.
أهتم بنظافتي كثيرا، أقوم بالاستحمام يوميا بالإضافة لمزيل العرق ولبس القطن، وعدم أكل كل ما من شأنه أن يجلب الرائحة، وأستخدم مسك الطهارة وفرشاة الأسنان، ومعطر شعر الرأس، لكن كل ذلك لا يجدي، دقائق فقط بعد الاستحمام وكان كل شيء هباء منثورا.
عملت فحوصات في مستشفى سليمان الحبيب، وكل شيء سليم، تقول الدكتورة: لا بد أن تعرفي مصدر الرائحة؛ حتى نبدأ في علاجك، وأنا لو كنت أعرف ما جئت إليها، أنا حقا أجهل مصدره، قمت بسؤال أختي مرة عبر رسالة جوال وحدثتها عن كل شيء دار بيني وبين الدكتورة، وقلت: أريد أن أعرف المصدر، فأخبرتني: أنها لا تشم غير رائحة فمي. وأنا أشعر حين ألبس النقاب أني أشم رائحة بول، وحين ألعق يدي وأتركها تجف بلساني؛ أشعر برائحة كريهة، حتى منطقة السرة فيها شيء أسود أجهل ما هو؟ لكن له رائحة أيضا، هذا كله تم فحصه مسبقا قبل الزيارة الأخيرة، ويقولون: لا يوجد شيء سلبي. تشتت جدا.
بعد كل هذا أريد توجيها منكم لعيادة ودكتورة مجربة في الرياض؛ لأنني أقيم فيها حاليا لمدة 4 أشهر قبل العودة لمدينتي، ولا أريد أن تكون مثل من سبقتها: اعرفي المصدر؛ حتى نتمكن من معالجتك. أريد أن تقوم هي بالفحص الكامل، وأن أتخلص من هذه المشكلة التي أفقدتني كل معنى جميل في الحياة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ساره 1990 حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أقدر معاناتك مع تلك المشكلة، وأتمنى أن تكون المعلومات والنصائح التالية مفيدة لك بشكل كبير:
يوجد نوعان من الغدد العرقية بالجسم، نوع (Eccrine glands) وتوجد في كل أنحاء الجسم المختلفة تقريبا، وتفرز العرق نتيجة زيادة درجة حرارة الجسم؛ لتنظيمها، والنوع الثاني (Apocrine glands)، وتوجد في أماكن محددة مثل: الإبطين، وجلد الأماكن التناسلية، والثديين، وتفرز الرائحة المميزة لكل إنسان، ولا توجد لها وظيفة في تنظيم درجة حرارة الجسم.
وتنتج الرائحة الكريهة نتيجة تحلل العرق -وبالأخص في منطقة الإبطين-، بواسطة البكتيريا الموجودة في الجلد وإنتاج المواد -الأمونيا والأحماض الدهنية-، ذات الرائحة اللاذعة أو النفاذة أو الزنجة، ولذلك فإن العلاج يعتمد في الأساس على إبقاء الجلد، وبالأخص تحت الإبطين جافا، بالإضافة إلى تقليل البكتريا التي تقوم بتحليل العرق إلى الحد الأدنى من خلال اتباع التعليمات الآتية:
• الاستحمام المتكرر، وغسل الإبطين بعد العرق، باستخدام المنظفات أو الصابون المضاد للبكتيريا، والتجفيف بشكل جيد.
• تجنب زيادة التعرق بتجنب الجلوس في الأماكن الحارة، وتناول المأكولات الحارة.
• لبس الملابس القطنية أو الماصة أو المسهلة لتبخر العرق، وتغيير الملابس، والاستحمام بعد ممارسة الرياضة، أو أي نشاط بدني يؤدي إلى التعرق.
• تجنب تناول المأكولات التي تفرز في العرق، ويكون لها رائحة نفاذة من الثوم والكاري.
• يجب إزالة الشعر من المنطقة تحت الإبطين باستمرار؛ لأن وجود الشعر يؤدي إلى زيادة الرطوبة، والاحتفاظ بالعرق، وكذلك زيادة عدد البكتيريا التي تحلل العرق بصورة كبيرة.
• استخدام مضادات التعرق (Antiperspirants)، وليس مزيلات العرق أو الروائح فقط (Deodorants)، ويجب ملاحظة ذلك عند شراء مزيلات العرق، بقراءة هل هي مزيلة للعرق، أو معطرة فقط، وذلك بمراجعة الكلمات الإنجليزية المكتوبة بين الأقواس، وتوجد أنواع متداولة في المتاجر تحتوي على مزيل العرق والمعطر في عبوة واحدة، وتوجد شركات مهتمة بإنتاج مستحضرات العناية بالجلد، لها مستحضرات موضعية تحتوى على مركبات مضادة للعرق بتركيزات علاجية؛ للتقليل من إفرازه، مثل: (Drichor) أو(Spirial) وتوجد على عدة هيئات منها الكريم إذا رغبتي في ذلك، ويمكن مناقشة الطبيب المعالج أو الصيدلي؛ لمعرفة الأنواع المتاحة في البلد الذي تقطنين به.
إنقاص الوزن إلى القيمة المثالية مفيد؛ للتقليل من الرطوبة بالثنايات.
أنصح -أيضا- بزيارة طبيب أمراض جلدية وباطنية؛ لتوقيع الكشف الطبي عليك، وأخذ التاريخ المرضي، وطلب بعض الفحوصات المعملية، لأن هناك بعض الأمراض تكون مصحوبة بزيادة في التعرق، مثل زيادة نشاط الغدة الدرقية وغيرها.
أما إذا كانت المشكلة ليست لها علاقة مباشرة بالتعرق والرطوبة بثنايات الجلد، فتوجد حالات نادرة يكون سبب الرائحة الكريهة فيها، هو خلل في عملية الأيض لبعض الأحماض الأمينية الموجودة في عدد من الأغذية، أهمها الأسماك البحرية، ويجب للتأكد من التشخيص بعمل بعض الفحوصات، أهمها: عمل تحليل للبول المجمع لمدة 24 ساعة؛ لقياس والتأكد من وجود ناتج الأيض، الذي يسبب الرائحة الكريهة، وفي هذه الحالة يكون العلاج بتنظيم تناول الأغذية المختلفة.
ينصح طبيبك وطبيب التغذية، بتجنب تناول بعض الأغذية مطلقا، مثل الأسماك البحرية -يمكن تناول أسماك المياه العذبة-، وينصحون أيضا بالتقليل من تناول أغذية أخرى، وهكذا، ويمكن إعطاء بعض المضادات الحيوية التي تعمل على تغير أنواع البكتيريا الموجودة في الأمعاء، بالإضافة إلى النصيحة باستخدام صابون منخفض في الرقم الهيدروجيني؛ لأنه يساعد في إزالة هذا الناتج الأيضي من على سطح الجلد.
في بعض الأحوال إذا لم يلاحظ الطبيب رائحة كريهة حقيقية عند المريض، ربما يكون ذلك علامة مبكرة لبعض الأمراض النفسية.
أتمنى لكم السعادة، ووفقكم الله، وحفظكم من كل سوء.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د/ محمد علام استشاري الأمراض الجلدية والتناسلية
وتليها إجابة د/ رغدة عكاشة استشارية أمراض النساء والولادة وأمراض العقم.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
بالفعل -يا ابنتي- إن ما تعانين منه هو أمر محرج ومرهق, لكن هوني على نفسك, وهدئي من روعك, فالمشكلة حتما ليست تقصيرا منك, ولا في اتباعك مبادئ النظافة, ففي كثير من الحالات قد يكون للقلق والتوتر دور كبير, فمن المعروف أن الشدات النفسية بكل أنواعها, تؤدي إلى زيادة في إفراز هرمونات الشدة, وهذه الهرمونات تؤدي إلى زيادة نشاط الغدد العرقية, والعرق المفرز في حالات الشدة النفسية يكون أكثر تركيزا وأشد كثافة من العرق الطبيعي، وهذا ما يجعله يتميز برائحة أقوى.
وفي مثل هذه الحالة يصبح الإنسان أسير حلقة مفرغة, فرائحة العرق النفاذة والسيئة؛ تزيد من شعور الإنسان بالحرج والخجل, وهذا يزيد من توتره؛ فترتفع أكثر هرمونات الشدة, وهكذا...، والحل الأمثل هنا سيكون في علاج حالة التوتر والقلق, من أجل كسر هذه الحلقة المفرغة.
وبالطبع هنالك بعض الأمراض التي قد تكون مسؤولة عن صدور رائحة سيئة للجسم, مثل: مرض (السكري) وأيضا هنالك بعض الأمراض الوراثية النادرة التي يكون فيها الجسم غير قادر على استقلاب مادة تسمى (ثري ميتيل آمين) فتظهر هذه المادة في إفرازات الجسم المختلفة مثل: العرق، واللعاب، والبول، وغير ذلك...؛ فتصبح رائحة الجسم منفرة.
لذلك فإن أول خطوة يجب عملها عندك هي استبعاد كل الحالات المرضية التي من الممكن أن تكون سببا في ظهور رائحة سيئة للجسم, ثم علاجها.
وإليك بعض النصائح المفيدة إن شاء الله تعالى:
1- يجب الاستحمام مرة أو مرتين يوميا على الأقل, مع الحرص على استخدام ليفة خشنة بعض الشيء؛ لتساعد على تقشير الجلد، وتنظيف فوهات الغدد الدهنية والعرقية.
2- حفظ الجلد في كل أنحاء الجسم جافا وبعيدا عن الرطوبة قدر الإمكان, خاصة في المناطق التي يكثر فيها التعرق, مثل: الإبطين، بين الفخذين، تحت الثديين، وغير ذلك...
3- يجب مسح كل المناطق التي يكثر فيها التعرق بمناشف ورقية من نوع جيد, والأفضل أن تكون مخصصة للأطفال, مع تجفيف هذه المناطق جيدا بعد ذلك.
4- حلاقة المناطق المشعرة في الجسم؛ فهي من أكثر المناطق التي تتكاثر فيها الجراثيم.
5- تغيير الملابس الداخلية والخارجية يوميا, أو مرتين في اليوم, والاهتمام بتغيير (حمالة الثدي) لأنها من القطع التي تكون ملاصقة للجلد بشدة, وفي مناطق يكثر فيها التعرق, كما أنها غالبا ما تكون مصنوعة من أقمشة وألياف تحبس الرطوبة، وتشجع على الالتهاب.
6- تفادي تناول الأطعمة التي من المعروف بأنها تسبب روائح نفاذة, مثل: الثوم, والبصل, وبعض الخضروات... وغير ذلك, أو التقليل منها قدر الإمكان, خاصة في الأيام التي سيكون لديك فيها مناسبات اجتماعية.
7- استخدام مضادات التعرق من نوع جيد لا يسبب الحساسية, إن لزم الأمر.
نسأل الله عز وجل, أن يمن عليك بثوب الصحة والعافية دائما.