السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
جزاكم الله خيرا على موقعكم المفيد.
مشكلتي هي أن أمي -حفظها الله- قد تجاوزت الأربعين، وألاحظ تغيرا في نفسيتها، فقد أصبحت حساسة جدا، فأحيانا تقول لي من باب الفضفضة: (أتمنى أن أعيش لوحدي)، كأنها كرهت الحياة، مع العلم أنها تعرضت لضغوطات ولكثير من المشاكل، ولا تزال هناك مشاكل بين أبي وأمي.
كيف أتعامل معها وأخفف عنها؟ كيف أعيد ابتسامتها لوجهها؟ ما هي نصيحتكم لي كوني ابنتها؟ مع العلم أننا صديقتان -والحمد لله-.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الثناء على الموقع، والاهتمام بأمر الوالدة، وحرصك على السؤال، ونسأل الله أن يوفقك، ويصلح الأحوال، وأن يرزقك رضا والديك، ويحقق الآمال.
لا شك أن الوالدة بعد الأربعين بحاجة إلى وقوف بناتها إلى جوارها، وهي كامرأة بحاجة إلى دعم معنوي، مع الاعتراف بفضائلها ومعروفها تجاه كل أفراد الأسرة، وهل هناك من يتعب مثل الأمهات، ومن هنا ضاعفت الشريعة حقوقها، ورفعت قدرها، حتى كانت الجنة تحت أرجل الأمهات.
وإذا حدث خلاف أو توتر بين والديك، فعليك أن تطيعي أمك، ولا تعصى والدك، وكوني رسول خير ينقل بينهما المشاعر النبيلة، والانطباعات الرائعة، وعشرة السنوات لا تنسى، لكن المشاعر تحتاج إلى تجديد، والأسرة بحاجة إلى صيانة دورية.
وقد أعجبنا وأسعدنا أنك صديقة للوالدة، وهذا هو المطلوب، والصديقة تآزر، وتقدر، وتلتمس الأعذار، وتكون نصيره عند الأزمات، وتخفف عليها إذا جاءت الضغوطات.
ومما يعينك على كل ذلك ما يلي:
- اللجوء إلى الله.
- معرفة نفسية الوالدة، وفهم احتياجاتها، ورصد ما يحزنها، ومعرفة ما يسرها.
- أخذها إلى الأماكن التي ترتاح إليها.
- تقديم التنازلات، وتقديم رضاها على رضاكم.
- إدخال السرور عليها.
- الاعتراف بفضلها والمفاخرة بها.
- تقديمها في الطعام والجلوس.
- مناداتها بوالدتي ويا غاليتي و... .
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، وقد أسعدنا هذا الحرص الذي دفعك للتواصل، وبشرى لنا بك وبأمثالك من البررة، وبشرى لكم بثواب البر.
سعدنا بتواصلك مع موقعك، ونسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك.
________________________________________________
انتهت إجابة الشيخ الدكتور/ أحمد الفرجابي -مستشار الشؤون الأسرية والتربوية-.
وتليها إجابة الدكتور/ مأمون مبيض -استشاري الطب النفسي-.
________________________________________________
شكرا لك على الكتابة إلينا بما في نفسك، أعانك الله وخفف عنك ما تعانيه.
من الواضح حرصك على سلامة أمك، وعلى تقديرها، وإدراك ما تعاني منه الآن وفي الماضي.
وسررت جدا أنكما تتعاملان كصديقتين، فهذا لا شك يريحها كثيرا، ويعينها نفسيا وحياتيا على تجاوز الصعاب.
وطبعا يختلف جوابي، وما يمكن أن تقدميه لأمك وفق عمرك الآن، والذي لا أعرفه، ولا يمكنني أن أقدر كم عمرك من خلال عمر أمك، ومن خلال أسلوبك في الكتابة الواضحة والأحاسيس الناضجة.
ربما أكثر ما يمكنك تقديمه هو الاستمرار في كونك صديقة لأمك، وأن تفعلي معها ما يريح الأصدقاء عادة، وهو قضاء الوقت معها، والاستماع إليها، فقد تريد أو تحتاج أن "تفضفض" لأحد، وقد تكوني أنت الشخص الأساسي الذي ترتاح له بالحديث معك.
ولاشك أن عليك أن تستوعبي وتتحملي وتصبري على ما ستتحدث به، فقد يكون عن زوجها، وهو والدك، فحاولي أن تصغي إليها، وأنت غير مضطرة لطرح الحلول للمشكلات، إلا أن الإنسان يرتاح كثيرا من خلال الفضفضة والكلام.
وعندما تقول لك عبارات من نوع "أريد أن أعيش لوحدي" فاصبري على هذا ولا تأخذيه على أنه كره للحياة، وإنما مجرد تعبير وتنفيس عما في النفس من الشعور بالضغط.
حاولي أن تتعرفي على نفسية والدتك ومشاعرها، وانتبهي إلى أنها لا تعاني من حالة من الاكتئاب النفسي، فعندها قد تكون هناك حاجة كبيرة للتشخيص والعلاج المناسبين.
ولننتبه أنه أحيانا أنه يمكن للمرأة أن تعاني من بعض الأعراض النفسية المرافقة للتبدلات الهرمونية، وما يسمى عادة "بسن اليأس"، وهي ليست بالتسمية الصحيحة، لأنه لا يوجد عندنا بعون الله ما يدعو لليأس، والأفضل أن تسمى مرحلة منتصف العمر، أو مرحلة انقطاع الحمل، والكثير من السيدات يعشن حياة طيبة جدا في هذه المرحلة العمرية.
حاولي أن تعرضي عليها مساعدتك لها في الأعمال والواجبات اليومية، وحاولي الخروج معها بين الحين والآخر لتغيير الجو، والخروج من جو البيت، وخاصة إذا كان مشحونا بالخلافات الزوجية، كما يوحي سؤالك.
ويمكنك أيضا أن تمارسي معها بعض الهوايات والأنشطة المريحة، والتي تساعد على الاسترخاء، كحضور مجالس العلم، والرياضة وبعض الهوايات كالرسم وغيره...
وفقك الله، ويسر لك ولأمك الخير والراحة والسعادة.