السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو أن تتسع صدور حضراتكم لمشكلتي وما يجول في خاطري؛ فأنا أحتاج المساعدة.
أنا شاب أدرس في كلية الطب وأحفظ القرآن الكريم كله -ولله الحمد-، ولكني -وهكذا أغلب شباب هذا الزمان إن لم يكن كلهم- وقعت في فخ إدمان الأفلام الإباحية والعادة السرية، وجاهدت، وحاولت بهمة وعزيمة! فتركتهما منذ شهر، ولكنه انتابني اكتئاب شديد، وساءت حالتي النفسية لدرجة تفوق الوصف، وتمنيت الموت، وصرت أحس حرمانا جنسيا رهيبا.
تولدت في داخلي طاقات غضب عنيفة، وعصبية هائجة؛ حتى أصحبت أشعر بالحقد والغل والسخط تجاه كل من يستطيع تلبية حاجاته ورغباته، حتى إنني صرت أكن كرها شديدا لممثلي الأفلام الإباحية الذين يشبعون رغباتهم ومتعتهم بلا قيود أو حدود، في حين أني عاجز، ومطالب بألا أمارس حتى العادة السرية، والأسوأ من ذلك أنني كرهت الزواج!
رغم جمال خلقتي -والحمد لله- إلا أنني أظن بأنه لا توجد على أرض الواقع فتاة كتلك التي في مخيلتي؛ فقد شوهت الأفلام الإباحية خيالي، ودنست أفكاري. ماذا أفعل؟!
آمل الرد من حضراتكم، وأرجو المساعدة، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد لله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا، والبوح بما يعتلج في صدرك ونفسك، أعانك الله، وصبرك؛ فالفتن تحيط بنا من كل جانب.
لقد بنت الصين سورا كبيرا يحيط بها؛ لتؤمن حمايتها، فظهر الخراب والدمار من داخلها، فأفضل الدفاعات والتحصينات -على أهمية التحصينات الخارجية- هي الأسوار الواقية الداخلية؛ فالتحصينات الخارجية تنفع إذا أمنا الجو الداخلي!
ما أريد أن أقوله هو: تبدو أنك عازم على التغيير، والإقلاع عما لا تريده من الممارسات والمشاهدات، إلا أنه لا بد لك أيضا من الإجراءات الخارجية.
من الطبيعي بعد إدمان مشاهدة الأفلام أن تشعر بالاكتئاب والحرمان بعد التوقف عنها منذ شهر، وعاجلا أو آجلا ستشعر بالحاجة للعودة مجددا، وهذا هو بالذات تعريف الإدمان.
من الطبيعي جدا، بل من المتوقع، أن تكون هناك أعراض انسحابية للتوقف عن هذا الإدمان، كالأعراض والمشاعر والأفكار التي ذكرتها، ولكن مع الوقت ومع الاستمرار عن التوقف، ومن خلال إلهاء النفس بأعمال أخرى إيجابية، ستخف هذه الأعراض الانسحابية، ومن ثم تختفي، أو تقترب من الاختفاء.
أقترح عليك الآن: التركيز على موضوع الإقلاع عن الإدمان، وتغيير السلوك للأفضل، والالتفات لدراستك الطبية، والتي تحتاج لوقت وجهد غير قليل، وتترك موضوع الزواج في المستقبل، وشكل الفتاة التي ستقبل بها وبشكلها، فهذه الأمور ستعود من التطرف الشديد إلى شيء من الاعتدال والواقع، بعد مرور بعض الوقت، وهكذا كل الناس.
أرجو أن تتخذ الإجراءات العملية الخارجية لجعل توفر الأفلام الإباحية غير متيسرة المنال لك، وبحيث عند ما تريدها لا يسهل عليك الحصول عليها، وكما نفعل عادة مع مواد الإدمانات الأخرى؛ حيث توفر هذه المواد سيسهل على الشخص النكوص والعودة للتعاطي مجددا.
أرجو أن يكون في هذا ما يفيد، وبانتظار سماع أخبارك نجاحاتك الطيبة -بعون الله-.