السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أود استشارتكم في موضوع علاقتي بأمي، فهي صعبة جدا وعصبية، فقد توفي أبي وأنا في الخامسة من العمر، وأختي عمرها شهرين، ورفضت أمي أن تتزوج بعد أبي؛ لانشغالها بأختي الصغيرة المريضة، وأنا تولت خالتي -رحمها الله- الاهتمام بتربيتي، فكانت هي أمي.
عمري الآن 29 سنة، وقد تزوجت أمي قبل 6 سنوات، ورزقها الله بأطفال، يعلم الله أنني أحبهم أكثر من نفسي، ولكنني تعبت من أمي، فهي تكسر شخصيتي أمامهم، وترفع صوتها علي، أنا لا أنكر أنني أرد عليها أيضا، ولكنها هي السبب في عصبيتي، فلا أتحمل تصرفاتها.
صدمتني بتصرفاتها عندما تقدم لي خاطب، حيث بدأت تماطل ولا توافق، إلى أن تدخلوا أقاربي فوافقت، ولم أجدها كأم بجانب ابنتها في وقت فرحها، فقد كانت تحاول أن تستفزني في يوم عقد القران -الملكة- بكلامها، وأنا أقسم بالله أنني أبحث عن رضاها، وأحاول أن أخدمها بكل طاقتي وأكثر، لكنها لا تقدر ذلك، فهي تعتقد أن الأمومة تسلط وأوامر طوال الوقت، وأنا أتمنى أن أصادقها وأحس بمشاعرها.
أريد حلا لمشكلتي، علما أنني لست الوحيدة التي تعاني من تصرفاتها، بل كل الأسرة تعاني من أسلوب أمي، وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك ونشكر لك التواصل والاهتمام ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال وأن يحقق في طاعته الآمال.
لقد أعجبنا وأسعدنا قولك وقسمك بأنك تبحثين عن رضاها، وهذا هو المطلوب، لأن البر الوالدين عبادة، والذي يجازي عليها هو رب العباد، سواء اعترفت الوالدة أم لم تعترف، ولذلك نجد في سورة الإسراء وبعد آيات الإحسان للوالدين قول الله: " ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا"، وإذا كانت الوالدة صعبة في تعاملها مع الجميع، فلماذا الانزعاج الزائد؟ وأرجو أن تعلمي أن موت الوالد، وصعوبات الحياة، ومرض شقيقتك، كلها أشياء تترك آثارا على النفس.
ونتمنى أن لا تردي على الوالدة؛ لأن الرد سوف يزيد النار اشتعالا، فاحتملي واصبري وتذكري ثواب الصبر، وغدا سوف تذهبين لحياتك الجديدة في بيتك، وتصبح تلك المواقف مجرد ذكريات.
ونسأل الله أن يرحم والدك والخالة وأموات المسلمين، ونؤكد لك أن إشراف خالتك على تربيتك مما يعقد فهم الوالدة لك، وتفاهمها معك، مع ضرورة أن تشعري أن معظم الآباء والأمهات قد يشتدون على أبنائهم وبناتهم ليس كرها فيهم، ولكن لأنهم يريدون لهم الأفضل، وهذا ما يفسر رضا الآخرين عن أبنائنا وثناؤهم عليهم، في مقابل عدم رضا الوالدين على الأقل ظاهريا عليهم، وكم تمنينا أن يدرك الآباء والأمهات أنهم سوف ينالون بالتشجيع والمدح والقرب والصداقة وحسن الظن والحوار، ما لا يمكن أن ينالوه بأسلوب الشدة والإساءة والتحقير.
ولا داعي للانزعاج والتوتر، وأرجو أن تقتربي من الوالدة، وإن ابتعدت عنك، واهتمي بأخوانك الصغار، واحرصي على حمايتهم من شدة الوالدة التي عانيتم منها، وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه والصبر؛ فإن العاقبة لأهله.
ونسأل الله أن يوفقك، وأن يسدد خطاك وأن يصلحك ويتولاك.