السؤال
السلام عليكم
عمري 17 عاما، أعاني منذ ثلاثة أسابيع من الجلوس وحدي والخوف الشديد قبل النوم، مع أني معتادة على الجلوس وحدي، وقد دخلت المستشفى مرتين من قبل من أجل محاولة الانتحار، وذهبت لطبيبة نفسية ولكن لم تفدني، وهذه الحالة كانت تأتيني من فترة لأخرى، ولكن الآن لا أستطيع النوم إلا بوجود أمي، وقد شخصت حالتي باضطراب الشخصية الحدية، وطوال اليوم أكون عصبية جدا، ولكني في ذات الوقت حساسة ولا أحب أن أظهر مشاعري، وأنا مع الأيام لا أهتم لشيء، دائما أقول: سوف أموت، لماذا أتعب نفسي بعمل هذا وذاك؟ وأكون متحمسة لشيء، ولكن ينقلب مزاجي في ثوان، ولا أريد أن أفعله ويذهب الحماس.
في صغري عانيت من المشاكل الشديدة بين أمي وأبي، كنت أرى أبي يضرب أمي، وأكره المدرسة جدا لأني كلما صادقت فتاة تركتني ولا أعلم لماذا، أريد ترك المدرسة ولكن أهلي رفضوا، ودائما يقولون: ماذا سيقول الناس عنك؟ ولا يهتمون لمشاعري ويقول أبي: أنت تمثلين وليس فيك شيء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
من الأشياء التي تثير انزعاجنا وقلقنا هي محاولات الانتحار وسط الفتيات في مثل عمرك، هذه عادة ذميمة جدا، وطريقة خاطئة لحل المشاكل، ومعظم الفتيات اللواتي يحاولن الانتحار لا يردن أن يمتن، لكن هي مجرد صرخة مساعدة واستدرار للعطف وللخروج من حالة من الضيق وسوداوية المزاج.
أيتها الفاضلة الكريمة، يجب أن تضعي حدا لهذا النوع من التفكير أو الفعل، وأقصد بذلك الانتحار، هو حرام، هو رديء، هو سيء، يضعف موقفك أمام الآخرين، والفتاة التي تنعت بأنها تحاول الانتحار لا شك أنها سوف تضيع فرص كثيرة جدا في الحياة، خاصة فيما يخص تعليمها وزواجها والأشياء الاجتماعية المعروفة، فمهما كانت الاحتقانات النفسية، مهما كانت الضغوطات، الإنسان يتعامل معها برشد، يتعامل معها بصبر، يتعامل معها بحكمة، واعلمي أن كل هذه الأعراض هي أعراض عابرة ومؤقتة -إن شاء الله تعالى-.
أنت ذكرت أن حالتك قد شخصت باضطراب الشخصية الحدية، وهذا تشخيص ليس سهلا، ولا أريدك أبدا أن تتصوري أنك بالفعل تعانين من شخصية حدية، ربما تكون لديك بعض السمات هنا وهناك، لكن فيما ذكرته لا تنطبق عليك كل صفات الشخصية الحدية، ولا تهتمي بهذه المسميات، المهم في نهاية الأمر أن تحسني من مشاعرك، أن تكوني متفائلة، أن تكوني إيجابية، أن تنظمي وقتك، وتكوني بارة جدا لوالديك، وما حدث بين والديك فيما مضى أمر قد انتهى، والإنسان يجب ألا يتحسر على الماضي ولا يخاف من المستقبل، حتى لا يفقد أن يعيش الحاضر بقوة، ويجب أن نعيش الحاضر بقوة، والتعليم واكتساب المعرفة والتمسك بالدين هي أعظم رصيد يفيد الإنسان، هذه لا أحد يستطيع أن ينزعها منك، المال ينزع، الصحة تذهب، لكن علمك ودينك لا أحد ينزعه منك.
فاجعلي هذا هو هدفك (أريد أن أتعلم، أريد أن أكون متدينة) هذه أهداف، ومعظم الذين يعانون من سمات الشخصية الحدية يصابون بالضجر والملل والخواء، لأنهم لا يضعون أهدافا، وهذه إشكالية، لكن الإنسان الذي يضع هدفا قطعا سوف ينظم وقته ويرتب مشاعره وأفكاره ليصل لذاك الهدف.
نصيحة أخرى هي: أن تكون لك أنشطة داخل البيت، ساعدي والدتك، كوني إنسانة فعالة في لم شمل الأسرة من أجل التوافق والانصهار الاجتماعي الجميل، اجعلي لنفسك صداقات فاعلة وسط الصالحات من البنات، لا بد أن تكون لك أنشطة في المدرسة والجامعة، أنشطة اجتماعية نافعة وفاعلة، هذا سيعطيك الشعور بالرضا ويزيل عنك التململ والشعور بالضجر والخواء وافتقاد الهدف.
وأريدك أيضا أن تواصلي مع طبيتك، هذا جيد جدا، التواصل مع الطبيبة دائما مفيد، لأنه سوف يزودك بشحنات إيجابية من تصحيح المفاهيم، وكيفية مواجهة المشاكل، والتصدي لها، ويمكن أن تعطيك بعض الأدوية البسيطة جدا لإزالة القلق والتوتر وتحسين المزاج - إن شاء الله تعالى-.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.