السؤال
أنا طالبة في الجامعة درجة البكالوريوس، أحببت جامعتي منذ اليوم اﻷول كنت سعيدة جدا، وكانت اﻷيام جميلة، كنت مرتاحة نفسيا، بعد شهر من دخولي الجامعة، تعرفت على شاب ووقعت بغرامه، كنت أراقبه يوميا منذ دخوله إلى الجامعة حتى خروجه.
أحاول دائما ألا يلحظ وجودي بعد مدة، وجدت أن أفضل طريقة للتواصل معه هي " الفيس بوك " تواصلت معه كنت سعيدة جدا، بعد مرور أشهر دخلت إلى حياتي فتاة، لم أعرف ما هو قصدها إلا بعد أسابيع أخبرتني أنها عشيقته، وطلبت مني الابتعاد عنه.
بعد الذي حصل، أصبحت أكره الذهاب إلى الجامعة، تدنى مستواي التعليمي، حاولت أن أنتقل إلى الجامعة الأخرى، لكن ذلك فشل، أنا لا أستطيع النوم لساعات متواصلة، وأحيانا أبقى بلا نوم لأيام، رغبتي به شديدة لدرجة أنني أذهب إلى مكان سكنه لأراه.
أصبحت الكوابيس تراودني، خسرت نصف وزني، تفكيري انعقد عليه، أجلس يوما كاملا في سريري، لا أحادث أحدا، وتصيبني نوبات بكاء شديدة في الصباح الباكر، ولا تتوقف إلا بعد أن أشعر بإنهاك وتعب في كافة أجزاء جسدي، أتغيب أسابيع عن الجامعة.
قررت والدتي منذ أيام أن تعرضني على طبيب نفسي، لكني رفضت، طبيبي هو أن أراه أمامي، وأن أحادثه، وأن ألمسه، ولكن ذلك مستحيل، تصيبني نوبات بكاء حاد وانهيار إذا رأيتهما معا، ويخطر في بالي أحيانا أن أقدم على الانتحار، أو أن أقتلها، أريد أن أخرجه من عقلي، ولكني لا أستطيع.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سوسن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا، والكتابة إلينا بما في نفسك وحياتك، ولا شك أنها كانت تجربة صعبة مررت بها، وما زلت.
طبعا من سؤالك يبدو أنك حقيقة تريدين أن تخرجي هذا الشاب من عقلك، فهل هذا صحيح؟ إذا كان صحيحا، وهذا ما أنصحك به، فسأذكر لك عددا من الأمور التي يمكنك القيام بها، ومنها على سبيل المثال:
• ابتعدي قدر الإمكان عن أماكن رؤيته، فمن الصعوبة أن تنسي آخر، وهو أمام عينيك.
• احذفيه من حسابك على الفيس بوك والتويتر، أو غيره من البرامج والأجهزة.
• إذا كنت تتحدثين عنه لإحدى صديقاتك مثلا، فتوقفي عن الحديث عنه، واطلبي منها ألا تذكره لك.
• تخلصي من كل الأشياء المادية التي يمكن أن تذكرك به.
• ابتعدي عن روح الانتقام منه إن وجدت، فهذا لا يزيد الموضوع إلا اشتعالا.
• حددي وقتا مخصصا للتفكير فيه، مثلا 10 دقائق في اليوم، ومع انتهاء هذا الوقت لا تعودي للتفكير فيه.
• اشغلي نفسك بشيء يصرف انتباهك عنه، وخاصة العزم على التقدم والتفوق في الجامعة، وهذا يتطلب طبعا الدوام المنتظم في الجامعة، وعدم التغيب، فهذه حياتك ومستقبلك وليس مستقبل أحد آخر.
• تجنبي الموسيقى والأفلام الرومانسية التي يمكن أن تثير الموضوع مجددا.
• قدري نفسك حق قدرها، وارفعي من نظرتك لنفسك، فأنت لست بالشخص القليل القيمة.
• أقبلي على الحياة، واجلبي لنفسك البهجة والسرور بممارسة ما تحبين من الهوايات.
• عيشي نمط الحياة الصحية من التغذية السليمة، والنشاط الرياضي، والنوم المريح.
• تواصلي مع صديقاتك سواء في الجامعة أو خارجها.
• وهكذا ستلاحظين أن الحياة أوسع بكثير مما تتصورينه، وأوسع من مجرد شاب.
• أعطي نفسك وقتا للتعافي والنقاهة من هذه التجربة، واطمئني بأنك ستتجاوزين هذه المرحلة، فالوقت من أهم عناصر التعافي.
• أقبلي على الله تعالى بالصلاة والقرآن والدعاء.
وفقك الله، وحفظك من كل سوء، وجعلك من المتفوقات.
++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. مأمون مبيض الاستشاري النفسي
وتليها إجابة د. أحمد الفرجابي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
++++++++++++++++++
فمرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك ويصلح الأحوال، وأن يقدر لك الخير ويحقق في طاعته الآمال.
وأرجو أن تعلمي أن قلبك غال فعمريه بطاعة الله واجعلي محابك تنطلق من منهج الله، واعلمي أن الإسلام أرادك مطلوبة عزيزه لا طالبة ذليلة، كما أرجو أن تعلمي أن الرجل يجري وراء المرأة التي تهرب منه وتلوذ بعد الله بإيمانها وحيائها ويهرب من المرأة التي تجري خلفه، وإن جاملها وتزوجها فإنه سوف يهينها ويحتقرها ويذكرها بحقارتها مع أول خلاف، ونحن نقول هذا الكلام عن خبرة وتجربة، ويسعدني أن أؤكد لك أن الشاب المذكور لا يستحق منك الاهتمام؛ لأنه رضي بأن يكون معك أو معها علاقة محرمة؛ ولأنه لم يبحث عنك ولم يسأل عنك، ولأنه مليء بالعيوب والرجال لا تقاس بأشكالها، ولأنه عديم الغيرة؛ ولأن هناك من تنافسك عليه وفي الحرام؛ ولأن مستقبلك أغلى ودينك هو حياتك ومماتك.
فانتبهي لدراستك ورتبي حياتك، واشغلي نفسك بالخير، واستمعي لتوجيهات الطبيب النفسي المتألق، واستمعي لتوجيهات والدتك واقتربي منها، وثقي بأن رزقك سوف يأتيك.
ورغم تقديرنا لمعاناتك إلا إننا نؤكد لك أن المعاناة الكبرى والداهية العظمى هي الجري وراء السراب، والتعلق بالذئاب من الشباب والبعد عن الحق والصواب، فتوبي إلى ربك التواب واشغلي نفسك بالخير حتى يطرق بابك الخطاب، ويطلبوا يدك من أهلك الأحباب، ويبذلوا المهر ويقدموا الثناء عليك، وعلى أهلك الكرام، وعندها أيضا لا تقبلي إلا بصاحب الدين والأخلاق.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يوفقك للخير، وقد سعدنا بتواصلك، ونسأل الله أن يوفقك ويسدد خطاك، ويحفظك ويتولاك.