اليأس يدمرني وأشعر بشيء غريب في جسدي يقتلني.. أرشدوني

0 1156

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبلغ من العمر 26 عاما، أعمل في مجال الكمبيوتر، بدأت معي الأعراض منذ سنة ونصف، استيقظت ليلا على ألم أسفل المعدة، وإحساس بأن المعدة مسحوبة للأسفل، وضيق تنفس، وتسرع في دقات القلب، فذهبت إلى المستشفى، وتم فحصي، وقال لي أطباء الإسعاف أني لا أشكو من شيء، ومنذ تلك الليلة تبدلت حياتي، وأصبحت تأتيني نوبات ضيق نفس شديدة مع كل يوم، وإحساس بأن معدتي مسحوبة للأسفل، وأعراض كثيرة منها:

1ـ ضيق تنفس لا يفارقني، مع إحساس بأن صدري يكاد يتمزق.
2- خفة في الرأس، وعدم اتزان، وعدم تركيز.
3- صرير في الأذنين مستمر لا يفارقني.
4- تعب ووهن من أقل مجهود مستمر.
5ـ شعور غير مريح في الرأس يلازمني.
6- عسر هضم دائم، وكتمة وحرقة في المعدة، وغصة في الحلق.
7ـ آلام مختلفة في الجسم.
8ـ أصبحت بطيء الاستيعاب، وأحس أني في عالم آخر، وأحس بخمول، وأقضي أكثر وقتي في النوم (هروب من الواقع).
9- أعصاب رأسي دائما مشدودة، مع إحساس بأن أحدهم يشدني للخلف.
10ـ رجفة في القدمين واليدين، وتعب عند بذل أقل مجهود.

وهنا بدأت مشوار الأطباء والعيادات المختلقة: وترددت على العيادات التالية:
الهضمية ( أجريت ثلاثة تنظيرات علوية + تنظير سفلي ).
القلبية ( إيكو للقلب + تخطيط للقلب ).
العصبية ( كامل الفحوصات ) الصدرية ( فحص ووظائف رئة ).
الأذنية، وبالإضافة لجميع التحاليل من دم، وبول، وبراز، وكانت كلها سليمة، -والحمد لله-.

وأجمع الأطباء على أن حالتي (نفسية + قولون عصبي) وصف لي طبيب العصبية (Seroxat 20mg) لمده 3 شهور نصف حبة صباحا، وحبة مساء و( damatil 50 ) حبة صباحا وحبة مساء وبقيت على نفس الجرعة مدة 6 شهور، ولكني لم أشعر بتحسن، بل ازدادت، حالتي سوءا، وأصبحت منعزلا عن الحياة، وكل تفكيري يتركز على حالتي، وبأني سوف أفارق الحياة وخوف وقلق مستمر لا يفارقني، وأصبحت عند الإحساس بأي ألم أو نغزة أقول أني سوف أفارق الحياة، وأفكر بأن معي مرض خطير سوف ينهي على حياتي.

وأصبحت حركتي ثقيلة، وأترنح في المشي، وأنظر للحياة بنظرة يأس، وبأنه لا شفاء من حالتي، وبأني سوف أفارق الحياة بأي لحظة، وأقضي أكثر وقتي في النوم، نصحوني بمراجعة طبيب نفسي، فذهبت للعيادة النفسية، وقد تم معاينتي من قبل الطبيب ووصف لي دواء يعرف باسم (زولفت 50) حبة صباحا، و(Mirtapin 15) حبة مساء، وقد مضى شهر على الزولفت، ولم أشعر بتحسن وأصبح الدواء يضايقني بأعراضه الجانبية، راجعت الطبيب، فقام بتغير الدواء لـ(Tryptizol 25mg حبة مساء لمدة أسبوع، ثم حبتين لمدة أسبوع، ثم ثلاث حبات، و(Lexotan) حبة في اليوم.

أعتذر عن الاطالة، ولكن حالة اليأس التي أنا فيها تكاد تقتلني، وتلازمني، مع شعور بأن هناك شيئا غريبا في جسدي يقتلني، وأملي بالله، وبكم أن ترشدوني.

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ غسان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حتى تكون مطمئنا أؤكد لك أنني قد اطلعت على رسالتك بدقة وتدارستها تماما، وقرارك أن تذهب إلى الطبيب النفسي هو القرار الصحيح، أنت - الحمد لله تعالى - قمت بإجراء فحوصات مكثفة، ولدي تخصصات متعددة، واتضح بما لا يدع مجالا للشك أن أعراضك الجسمانية ليست عضوية المنشأ، إنما حالتك النفسية والتي تتمثل في وجود قلق نفسي هي التي تسببت في هذه الأعراض، وهذه نسميها بالحالات (سيكوسوماتية) – نفس جسدية – حيث إن النفس والجسد لا يفترقان، وما يصيب هذا يؤثر على ذاك، ولا شك في ذلك.

أيها الفاضل الكريم: أنت ركزت بعض الشيء على العلاجات الدوائية النفسية، هذا لا بأس به، لكن الدواء يمثل جزء من الحزمة العلاجية، وليس كلها، أولا: يجب أن تكون لك قناعات مطلقة أنك لست مريضا مرضا عضويا.

ثانيا: يجب أن تغير نمط حياتك، بأن تكون إيجابيا في تفكيرك، أن تحسن إدارة وقتك، أن تروح عن نفسك بما هو طيب وجميل، وأن تمارس الرياضة بكثافة، الرياضة سوف تجلب لك خيرا كثيرا.

ثالثا: تمارين الاسترخاء والتأمل نعتبرها علاجا مفيدا لمثل هذه الحالات، وهي أحد العلاجات المكملة الضرورية جدا، الطبيب النفسي سوف يدربك على هذه التمارين، فتحدث معه، وأيضا هناك ما يعرف بالعلاج التأملي المعرفي، هذا أيضا مفيد جدا، ويمكن للطبيب النفسي أن يقوم به.

نقطة أخرى – وهي هامة -: اجعل لحياتك معنى، أين مشروع العمر؟ ماذا تريد أن تعمل؟ ما هي آمالك؟ ما هي طموحاتك؟ ما هي خططك الآنية وخططك المستقبلية؟ .. هذا لا بد أن تتثبت منه دون حسرة على الماضي، أو خوف من المستقبل، إنما تعيش الواقع بقوة، هذا من أفضل العلاجات النفسية التي نراها تفيد الناس.

الصلاة في وقتها تريح النفوس وتبعث الطمأنينة -إن شاء الله تعالى-، الدعاء سلاح المؤمن، وكذلك تلاوة القرآن شرف المؤمن، فاحرص على ذلك أخي الكريم.

اجعل تواصلك الاجتماعي متميزا، الفعالية الاجتماعية، وتطوير المهارات الاجتماعية هي علاجات نفسية أساسية.

بالنسبة للعلاجات الدوائية: كما ذكرت لك معظم الأدوية متشابهة ومتقاربة جدا، أنا كنت أرى أن علاج زولفت سيكون مفيدا لك، لكن من الواضح أنك أصبح لك توجهات سلبية نحوه، والـ (لوكستان Lexotan) هذا قطعا يعالج القلق، ولا شك في ذلك، لكن مشكلته أنه ربما يؤدي إلى التعود.

أخي الكريم: الدواء الذي أراه مناسبا بالنسبة لك هو الـ (فلافاكسين)، أو الذي يعرف تجاريا باسم (إفكسر)، فابدأ في تناوله بجرعة خمسة وسبعين مليجراما ليلا، هنالك (إفكسر XR) أفضل، وبعد شهر اجعلها مائة وخمسين مليجراما ليلا، هذه هي الجرعة العلاجية الصحيحة لحالتك، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة عام، ثم اجعلها خمسة وسبعين مليجراما ليلا لمدة ستة أشهر، ثم خمسة وسبعين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

يضاف إلى الإفكسر عقار آخر يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول)، ويسمى علميا باسم (فلوبنتكسول)، وجرعته هي نصف مليجرام، يتم تناولها صباحا ومساء لمدة أربعة أشهر، ثم حبة واحدة – أي نصف مليجرام – صباحا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

أيها الفاضل الكريم: لا بد أن تصبر على العلاج الدوائي حتى يأخذ دورته الاستقلابية الكاملة، وهذا قطعا ينتج عنه فعالية صحيحة للدواء، ولا بد أن تأخذ بالآليات العلاجية الأخرى التي ذكرتها لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات