أشعر بالحزن والضيق والاكتئاب دائما، ما نصيحتكم؟

0 578

السؤال

السلام عليكم

بداية أريد أن أشكر القائمين على هذا الموقع، الذي طالما أفادنا كثيرا جدا، وأنا أدخل وأتصفح الاستشارات بشكل شبه يومي.

أنا شاب بعمر 22 عاما، أعاني من حالة اكتئاب شديدة جدا، وهذه الحالة منذ أكثر من 7 أعوام.

دائما أكون صامتا مع أسرتي، وطبعي قليل الكلام، وساءت حالتي في الفترة الأخيرة، فأصبحت لا أطيق الكلام مع أحد حتى أسرتي أصبح كلامي معهم في أضيق الحدود، وهذا يضايقني جدا، أرى باقي أسرتي مترابطين، وبينهم الأحاديث، أما أنا فأشعر بأنني غريب لأنني أقوم بعزل نفسي وأكون قليل الكلام معهم، وأنا أقضي معظم وقتي في النوم بسبب الخنقة والضيقة، والحالة المزاجية السيئة، آتي من العمل فأنام وأستقيظ لأذهب إلى عملي مرة أخرى، وهكذا يسير يومي.

أما علاقتي في العمل - فأنا أدرس وأعمل في نفس الوقت- فعلاقتي بمن معي في العمل جيدة، ولكنها سطحية بعض الشيء، فأنا لا أستطيع تكوين علاقات قوية مع الأشخاص.

أيضا أشعر معظم الوقت بالوحدة؛ لأن أصدقائي قليلون جدا، ربما 2 والباقي معرفة سطحية، ولا أستطيع تكوين علاقات، فأنا هادئ الطباع وأتكلم قليلا جدا، حتى إذا جلست مع أحد لا أجد ما أقوله حتى إنني في الفترة الأخيرة أصبحت منطويا أكثر وأكثر بسبب حالتي، فأصبحت لا أحدث أي شخص إلا في أضيق الحدود.

بحثت عن أي عمل ليس من أجل المال بل هربا من وحدتي، ومحاولة لنسيان كآبتي وحزني وضيقي.

أشعر بضيق دائم في حياتي، وأشعر بأني كاره للحياة وكل ما فيها، ولا أريد أن أكمل حياتي بسبب الحزن الدائم، فأنا حزين، ولا أعلم لماذا؟ لا أتذكر أنني شعرت بالسعادة من قبل إلا فترات قليلة وسرعان ما يعود الأمر إلى ما كان عليه!

فكرت كثيرا في الذهاب إلى طبيب نفسي لكنني كنت أشعر بإحراج شديد فأتراجع عن الأمر، فأرجو منكم مساعدتي، وهل يوجد عقار طبي لعلاج حالتي؟

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت ذكرت أن أعراض الاكتئاب بدأت عندك منذ كنت بعمر خمسة عشر عاما، وهذا قطعا أمر يجعلني أفكر: هل فعلا كان لديك اكتئاب نفسي حقيقي أم هو مجرد شيء من عدم الارتياح وعسر في المزاج الذي يأتي في تلك السن أو في تلك المرحلة العمرية؟

الذي أرجحه – أيها الفاضل الكريم – كان الأمر مجرد عسر مزاجي، نسبة لأن فترة التكوين هذه في ذاك العمر فيها تغيرات نفسية وجدانية وبيولوجية وفسيولوجية، وأعتقد أن الذي حدث لك بعد ذلك هو نوع من التخوف، الخوف من المستقبل، وهذا أدى إلى شعور بالضيق وافتقاد الفعالية، وجعلك تنزوي وتنسحب اجتماعيا.

هذا هو الذي أراه، وأنا حقيقة أول ما أنصحك به – أيها الفاضل الكريم -: أرجو ألا تلبس نفسك ثوب الاكتئاب، لا، نحن لا نريد هذا الأمر لشبابنا، أصبحت الآن بعض المفاهيم متداولة، بعض الكلمات متداولة بين الناس: الاكتئاب، الحزن، الخوف، القلق، الوسواس، لا، لا نريد أبدا لشبابنا أن يحصل لهم نوع من التماهي والتطبع والتواؤم والاندماج مع هذه المفاهيم، هذا الذي ألاحظه الآن من خلال ممارستي للطب النفسي. كثير من الشباب تجد لأمر بسيط جدا يكدر على نفسه من خلال التشاؤم.

هذا هو علاجك الأساسي، ألا تلبس نفسك ثوب الاكتئاب، وأن تتفاءل، وأرسل لنفسك رسائل إيجابية وذلك من خلال كلماتك (أنا بخير، إني أستعين بالله وأصبر)، وهكذا.

أيها الفاضل الكريم: لا تتحسر على الماضي، ولا تخف من المستقبل، واحرص على الحاضر وعشه بقوة وأمل، المستقبل بيد الله، والحاضر بيد الله، والماضي بيد الله، وأنت عليك أن تأخذ بالأسباب الحياتية. الماضي هو مستقبل الحاضر، والمستقبل هو ماضي الحاضر، إذا الحاضر هو الأهم، لأنه مشترك بين الاثنين.

أرجو أن ترتب أوراقك على هذا النحو:

أول شيء: أن تفكر إيجابيا، أن تثق في مقدراتك، أن تنظم وقتك، أن تجتهد في دراستك، أن تكون بارا لوالديك، وعلى رأس الأمر يأتي: أن يكون قلبك معلق بالمساجد. هذا هو العلاج الذي أراه في حالتك، تغيير كامل في نمط الحياة، هنا تكون قد هزمت الاكتئاب – إن كان أصلا لديك الاكتئاب -.

أنا أريدك أن تصحح مفاهيمك، أريدك أن تنطلق هذه الانطلاقة.

أما بالنسبة للأدوية: لا أرى هنالك حقيقة حوجة أساسية، كنت أتمنى أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي ولا تحس بأي حرج، لكن حتى نحسن من دافعيتك يوجد دواء يسمى تجاريا باسم (مودابكس) ويسمى علميا باسم (سيرترالين) ويسمى تجاريا أيضا (لسترال) وأيضا (زولفت)، لا بأس، ابدأ في تناول نصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) تناولها يوميا لمدة أربع ليال، ثم اجعلها حبة كاملة، واستمر عليها لمدة شهرين.

سوف تحس بتحسن كبير، في هذه الفترة أريدك أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي، لأن المقابلة أيضا فيها تدعيم كبير جدا لك، وحتى يتم مراجعة التشخيص مع الطبيب النفسي، واذكر لها ما ذكرناه لك، وإن أقر الطبيب النفسي حاجتك للعلاج الدوائي قطعا سوف يجعلك تستمر عليه.

رسالتك رسالة طيبة، وأسأل الله تعالى أن نكون قد أوفيناها حقها بقدر المستطاع، وأشكرك – أيها الفاضل الكريم – وأرجو أن تكون إيجابيا، وتعيش الحاضر بقوة وأمل ورجاء، ولا تخاف من المستقبل، ولا تتحسر على الماضي، والدنيا بخير.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات