السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر الباري على توفيقه وامتنانه.
أحببت أن أسأل سؤالا بسيطا جدا وهو: بماذا تنصحون طالب العلم أن يتخصص في زماننا هذا؟ ومتى يكون الطالب طالب علم حقا؟ وبماذا تنصحونه؛ ليدع المعاصي والآثام -تجاوز الباري عنا وعنكم-؟ وأي المتون تنصحون بحفظها أولا؟
أفتوني مأجورين، وعلينا الإنصات والإصغاء، فكلنا آذان سامعة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو العباس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت بالسؤال عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: اعلم -علمك الله الحق وثبتك عليه- أن فضل طلب تعلم العلم عظيم، وأجره عند الله كبير، وقد أوصى النبي -صلى الله عليه وسلم-الأمة بالترحيب بأهل العلم، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (سيأتيكم أقوام يطلبون العلم، فإذا رأيتموهم فقولوا لهم: مرحبا بوصية رسول الله، وأقنوهم) -علموهم-، وهو مقدم على ما عداه، ومن سار في درب العلم سهل عليه طريق الجنة، فقد أخرج البيهقي في سننه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله أوحى إلي: أنه من سلك مسلكا في طلب العلم سهلت له طريق الجنة، ومن سلبت كريمتيه أثبته عليهما الجنة، وفضل في علم خير من فضل في عبادة، وملاك الدين الورع).
وهم أهل الذكر الذين أمر الناس بسؤالهم عند عدم العلم قال الله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} وأخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رحمة الله تتنزل على العالم والمتعلم دون غيرهم، فعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (ألا إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه، وعالم أو متعلم) ثم أخبرنا -صلى الله عليه وسلم- أن العالم لا ينقطع أجره حتى بعد موته شريطة الإخلاص، فعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) نسأل الله أن تكون من أهل العلم الكبار أخي الفاضل.
ثانيا: قد قالوا -أخي الحبيب- قديما: من حفظ المتون حاز الفنون. وهو كلام صحيح؛ لأنه يلخص لك الطريق، ويسهل عليك بلوغ هدفك، ولا يخفى عليك أن العلم لن يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك.
ثالثا: هناك متون مختارة في بداية الطلب وهي مجربة ونافعة بإذن الله، وهي تحتوي على مختصر في كل فرع من فروع العلم، وهي: بعد حفظه لكتاب الله أن يحفظ الطالب متنا في كل علم بحيث يكون قاعدة يبني عليها سائر أبواب العلم ومسائله، فإذا أراد بعد ذلك التوسع في علم من العلوم، ورام ضبط فروعه ومسائله، وهي كالتالي:
1- ألفية ابن مالك في النحو.
2- ألفية العراقي أو السيوطي في المصطلح.
3- ألفية المراقي أو الكوكب الساطع في الأصول.
4- ألفية الشاطبي في القراءات.
وعلى هذا الغرار ينبغي عليك السير وفقا لكل متن في كل علم.
رابعا: بالنسبة للمعاصي -أخي الحبيب- تحتاج منك عدة أمور:
1- تعميق الرقابة من الله عز وجل والخوف من عقابه.
2- تعزيز محبتك لله ورسوله، فإنه متى ما بلغت المحبة في قلبك لدينك مبلغا عظيما إلا هوت الشهوة وضعفت.
3- المحافظة على الصلوات في المساجد مع التشديد على حضور تكبيرة الإحرام، والحرص على النوافل، فقد ذكر بعض أهل العلم أن الشهوة لا تقوى إلا في غياب المحافظة على الصلاة، واستدلوا على ذلك بقول الله: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات} فكل من اتبع شهوته يعلم قطعا أنه ابتعد عن الصلاة كما ينبغي عليه القيام بها، وبالعكس كل من اتبع الصلاة وحافظ عليها وأداها كما أمره الله أعانه الله على شهوته.
4- الصحبة الصالحة التقية تعينك على طاعة الله، فإن الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا قال له العالم: (اخرج من أرضك فإنها أرض سوء إلى أرض كذا فإن فيها قوما يعبدون الله، فاذهب فاعبد الله معهم). والصاحب -كما قيل- ساحب، لذا عليك بالصالحين، وابتعد عن رفقة السوء؛ فإن الطباع تسرق من بعض، وتذكر قول حبيبك -عليه الصلاة والسلام-: (الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل).
وأخيرا بالنسبة للتخصصات: إن كنت تقصد التخصص العلمي فهذا يرجع لميولك الشخصي، وحتما سيتضح لك هذا الميول بعد الدراسة الأفقية الأولى في العلوم الشرعية، وننصحك بأن تسأل شيخك الذي تدرس عنده العلم عن ذلك، وتستنصحه؛ فإنه بك أدرى.
نسأل الله أن يوفقك لكل خير، والله الموفق.