السؤال
أعاني دائما من النسيان الدائم، فقد وصل بي الحال أني أنسى ما أقوله وأنا أتكلم، ولا أستطيع تكملة حديثي، ودائما أفكر في أشياء كثيرة في وقت واحد، إضافة إلى ذلك أني تعرضت لصدمات كثيرة متتالية من أشخاص، ومن أثر الصدمة أصبحت منعزلا تماما عن الناس، حتى مع أسرتي، ولا أتحدث مع أحد منذ مدة تجاوزت الأشهر، وأشعر دائما باليأس والعجز، وعدم القدرة على فعل أي شيء مفيد، وأشعر أن لا قيمة لي أبدا.
أريد علاجا للتوتر الدائم والقلق، فأنا أتوتر وأقلق كثيرا، وعند حدوث هذه الحالة تحدث لي رعشة شديدة في جسدي، تصل لدرجة أني لا أستطيع التحدث مع أحد من شدة الارتعاش، وأثرت هذه الحالة على كل شيء في حياتي، حتى دراستي فقد كنت دائما متفوقا في الدراسة، والتحقت بكلية الهندسة، لكن أصبحت لا طاقة لى بالجلوس على المذاكرة، وأصبحت إنسانا عصبيا جدا، فما الحل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.
قطعا –أخي الكريم مصطفى– القلق والتوتر يمكن أن يحول إلى طاقة إيجابية، فهو مطلوب، من لا يقلق لا ينجح، من لا يقلق لا تكون لديه العزيمة والشكيمة لأجل أن يتقدم وأن يتطور وأن ينتج وأن يكون نافعا لنفسه ولغيره، لكن قطعا هذا القلق وما يصحبه من توتر لا بد أن يكون في حدود ما هو معقول.
التبلد الوجداني وعدم وجود قلق مشكلة كبيرة جدا، ويسهل أن يتم علاج من لديه قلق زائد، ويصعب تماما علاج من لديه برود أو تبلد في مشاعره، هذه هي النقطة الأولى.
النقطة الثانية: موضوع أنك قد تعرضت لصدمات كثيرة، هذا الأمر لا أريدك أن تنظر إليه بسلبية وسوداوية وظلامية شديدة، لا، الحياة هي تجارب، وهي اكتساب للمهارات، حتى وإن كانت أتتك من الباب الخاطئ أو بصورة سلبية، وأرجو -أيها الفاضل الكريم– ألا تتحسر على الماضي، ولا تخف من المستقبل، عش الحاضر بقوة، وهذا هو المهم وهذا هو الضروري.
أريدك أيضا أن تجلس مع نفسك وتقف وقفات نفسية هادئة ووجدانية، تخطط لمستقبل حياتك بصورة هادئة وأفضل.
أيها الفاضل الكريم: أرجو مخلصا أن تطلع لتعرف كيف نصحنا رسول الله -لى الله عليه وسلم- لإدارة الحزن ولإدارة الغضب، ارجع لكتاب الإمام النووي (الأذكار) أو أي من المصادر المشابهة، وسوف تجد -إن شاء الله تعالى- علاجا نبويا عظيما في هذا السياق.
الرياضة مهمة جدا لامتصاص الغضب ولإزالة التوتر، فأرجو أن تحرص عليها.
التعبير عن الذات أول بأول وعدم الكتمان لتجنب الاحتقان أيضا فيه خير كثير، التواصل الاجتماعي، البر بالوالدين والأرحام، زيارة المرضى في المستشفيات، كلها تنزل على الإنسان رحمة وهدوءا كبير جدا وتزيل القلق، فاحرص على هذا أيها الفاضل الكريم.
أما بالنسبة للعلاج الدوائي فأقول لك: الأدوية موجودة ومتوفرة -الحمد لله تعالى– وتوجد مجموعة من الأدوية نعتبرها مثالية جدا لأنها غير إدمانية.
بما أنه لديك شيء من الخوف الاجتماعي البسيط عند المواجهات فأعتقد أن عقار يعرف تجاريا باسم (مودابكس) ويسمى علميا باسم (سيرترالين) ويسمى تجاريا أيضا (لسترال) وأيضا (زولفت) سيكون هو الدواء المناسب بالنسبة لك، وأنا أحسب أن عمرك أكثر من عشرين عاما أو في هذا الحدود، ولذا جرعة المودابكس التي تناسبك هي حبة واحدة ليلا، وقوة الحبة خمسون مليجراما، تناولها بانتظام لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
ويمكنك أيضا أن تدعم الموادبكس بعقار آخر يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول) ويسمى علميا باسم (فلوبنتكسول) وجرعته هي نصف مليجراما –أي الحبة تحتوي على نصف مليجراما– تناوله يوميا مع المودابكس، وذلك لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الفلوناكسول، واستمر في تناول المودابكس بنفس الطريقة التي ذكرتها لك.
تمارين الاسترخاء أيضا ذات فائدة كبيرة جدا، خاصة في التحكم في الرعشة الجسدية والانقباضات العضلية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.