السؤال
السلام عليكم
أنا سيدة متزوجة منذ 12 سنة ولدي طفلان، وكنت حاملا في الشهر الخامس وانفجرت عندي المشيمة فذهبت للطوارئ، وأبلغوني بخسارة طفلي وأنهم سيقومون بعمل تنظيف للرحم، بعدها دخلت في غيبوبة لمدة ثلاثة أيام ثم أفقت منها، وعلمت بعدها بأنني تعرضت لنزيف حاد، وأنهم أعطوني ما يقارب من 22 وحدة دم، وكان ضغطي منعدما، وتوقفت الرئة، وعلمت أنهم استأصلوا الرحم، وطلبت منهم معرفه السبب قالوا لي: بسبب النزيف اضطررنا لإزالة الرحم، كل ما أريد معرفته هو: هل استئصال الرحم يوقف النزيف؟
أنا في حالة يرثى لها، فأنا مغتربة وأعيش في أمريكا وحالتي النفسية صعبة، وأشعر بأنهم ظلموني بقرار استئصال الرحم.
أرجوكم أفيدوني، مع الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم حكم حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
الحمد لله على سلامتك، ونسأله -عز وجل- أن يمن عليك بالشفاء التام والعاجل، وأن يعوضك خيرا، والحمد لله الذي رزقك بطفلين جميلين قبل أن يتم استئصال الرحم، جعلهما الله -جل وعلا- قرة عين لك.
بالفعل -يا عزيزتي- فعلى الرغم من أن الإجهاض أو الولادة يعتبران حدثان فيزيولوجيان طبيعيان وغير مرضيين، إلا أنهما قد يتحولان خلال لحظات قليلة جدا إلى حالتين مرضيتين خطيرتين على حياة الأم أو على حياة الجنين أو على حياتهما معا، وفي كثير من حالات النزيف الرحمي -ومنها انفصال المشيمة- فإن استئصال الرحم وبأسرع وقت ممكن يكون هو الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها إيقاف النزيف وإنقاذ حياة الأم، لكن يجب أن تعلمي بأن استئصال الرحم -وهو عملية كبيرة بالطبع- لا يتم اللجوء إليها كخيار أولي، بل كخيار أخير، وذلك بعد أن تفشل كل الخيارات العلاجية المحافظة التي بين أيدينا، فهنا يكون الطبيب موقفه حرجا جدا، فإما أن يترك النزيف ليودي بحياة الأم -لا قدر الله-، أو يقوم باستئصال الرحم بأسرع وقت وينقذ حياتها -بإذن الله تعالى-، وبالطبع فإن حياة الأم مقدمة على أي شيء آخر في هذه الحالات بما في ذلك حياة الجنين، لذلك تعطى لها الأولوية.
والنزيف الرحمي الشديد قد يحدث لأسباب عديدة من أهمها: حالة انفصال المشيمة -كما حدث معك- فبعد إخراج المشيمة قد لا تنقبض عضلات الرحم مكان هذا الانفصال؛ لأنه مكان مشوه وغير سليم وفاقد لوظيفته، فتبقى الأوعية الدموية في تلك البقعة من الرحم مفتوحة، وتنزف بشدة ولا تنجح أي وسيلة في إيقاف هذا النزف، لا عن طريق الأدوية ولا عن طريق تطبيق الضغط على الرحم، ويكون الحل الوحيد لإنقاذ حياة الأم في تلك اللحظة هو استئصال الرحم.
هذه الحالة تعتبر من الحالات المرضية الخطيرة التي يجب فيها الانتباه لكل دقيقة تمر، ويجب أن يتم اتخاذ القرار الجراحي في الوقت المناسب وبدون تأخير، وذلك قبل أن تحدث أذية دائمة في الدماغ أو تحدث الوفاة -لا قدر الله- وكم من حالة نزيف انتهت بوفاة الأم أو بأذية في الدماغ، بالرغم من عمل استئصال للرحم، وذلك لأن قرار الاستئصال قد تم اتخاذه متأخرا لدقائق فقط.
لذلك أقول لك: ما تم عمله لك كان هو الطريقة الوحيدة لإنقاذ حياتك، فاحمدي الله -عز وجل- أن كان الطبيب المتابع لحالتك على مستوى عال من المهارة العلمية والعملية، ويتمتع بمهنية عالية فتصرف بسرعة لإنقاذ حياتك بإرادة الله -عز وجل-.
نسأله -جل وعلا- أن يديم عليك ثوب الصحة والعافية.