السؤال
السلام عليكم
قريبي شخص معاق حركيا منذ طفولته، منذ أن كان عمره سنتين، والآن يبلغ من العمر 45 عاما، غير متزوج، ولا يعمل، وقبل عام مر بحالة اكتئاب بعدما شاهد فيلما مرعبا كان قد شاهده في صغره قبل ثلاثين سنة، فيبدو أنه أحس أن العمر قد مضى، وأن السنين تجري، خاصة مع إعاقته، وأنه لم يتعالج من الإعاقة، فشعر باكتئاب.
ذهب إلى طبيب نفسي، رغم صعوبة تنقله؛ بسب إعاقته، ووصف له الطبيب دواء (ميرزاجن)، 15 مل، ودواء (salipax)، كبسولتين، وطلب منه المراجعة بعد شهرين، إلا أنه لم يراجع الطبيب؛ لأنه يرى صعوبة في الذهاب والمراجعة، ويقول: "إن حالتي تحسنت"، وتوقف عن الدواء.
بعد مرور سنة من المراجعة الأولى، أي قبل شهر بالتحديد، مع بداية السنة الهجرية الجديدة؛ عادت له الحالة، لكنها بشكل أقل من الحالة التي كانت قبل سنة، والسبب نفسه؛ حيث إنه شعر بمرور السنوات مع دخول عام جديد، وهو ما زال على حاله لم يتغير، وبنفس الروتين اليومي، فقرر أن يأخذ نفس العلاج الذي وصفه له الدكتور قبل سنة، فأخذ (ميرزاجن) فقط، بجرعة حبة يوميا في الليل، ولم يأخذ الدواء الثاني؛ نظرا لأن الاكتئاب هذه المرة أقل من النوبة السابقة.
الآن مر شهر على أخذه (ميرزاجن)، 15 مل، حبة يوميا، ولا يدري هل يتوقف عن العلاج أم لا؟ لأن حالته تحسنت، ويرى أنه لا يحتاج للاستمرار في تناول الدواء، لكنه يخشى من الأعراض الانسحابية للدواء.
هل هناك طريقة لترك الدواء تدريجيا؟ وهل يستمر على نفس الجرعة بعد مرور شهر من الآن أم أنه يتوقف تماما عن الدواء؟ مع ملاحظة أنه لا يستطيع الذهاب للدكتور.
ملاحظة: المريض حساس جدا من مسألة التقدم في العمر؛ حتى أنه يتضايق عندما يكون الحديث عن التقدم بالعمر، حيث إنه ينزعج من هذا الأمر، ويفسر ذلك: أنه لا يريد أن يمضي عليه العمر وهو لم ينجز شيئا، خاصة في مسألة العلاج من إعاقته التي لازمته منذ طفولته.
شكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زكريا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لهذا الأخ العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
كما ذكرت وتفضلت، هذا الأخ لديه عدم القدرة على التكيف مع وضعه، وكما ذكرت، فهو حساس جدا في أن العمر قد تقدم به.
هذا الأخ يحتاج لتدعيم ولنوع من الشحنات الإيجابية من جانبكم، وهذا الأخ أيضا محتاج أن يجعل لحياته معنى، هو الآن ينظر أن حياته لا معنى لها، لكن هذا ليس صحيحا، فلا بد أن يجعل لحياته أهمية؛ بأن يقرأ، بأن يطلع، بأن يحاول مشاهدة البرامج الجيدة، لماذا لا يدخل في مشروع حفظ القرآن، حتى ولو كان للأجزاء الأخيرة، هذا يساعده، يجعله يشعر أن حياته لها معنى، وفي ذات الوقت حاولوا أنتم أن تشركوه، أن تستشيروه حتى في شؤونكم، هذا أيضا يعطيه اعتبارا ويعطيه شيئا، ويشعره أنه لازال مرغوبا فيه، وأن حياته ذات معنى.
بالنسبة للعلاج الدوائي: (ميرزاجن) يمكن أن يجعله حبة يوما بعد يوم الآن لمدة أسبوعين، ثم حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة أسبوعين، ثم يتوقف عن تناوله. لكن أود أن أقترح اقتراحا، وهوأن هذا الأخ ربما يكون محتاجا لنوع من الوقاية أو التغطية البيولوجية –كما نسميها–، وهو أن يتناول أحد مضادات الاكتئاب بجرعة بسيطة، ولمدة طويلة، وتكون الجرعات متباعدة، وأفضل دواء سوف يناسبه هو عقار (بروزاك)، والذي يعرف علميا باسم (فلوكستين).
(الفلوكستين) ليس له آثار جانبية، دواء ممتاز جدا، وفي ذات الوقت يمكن استعماله على المدى الطويل، وليس له أي آثار انسحابية. يمكن لهذا الأخ الكريم بعد أن يتوقف من (ميرزاجن) أن يبدأ في تناول (البروزاك) بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهرين، هذه هي المدة الأقل فعالية (للبروزاك)؛ حتى تكون كاملة، بعد ذلك يتناول كبسولة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة عام مثلا.
أعتقد أن هذا الترتيب سيكون جيدا جدا معه، والبديل هو أن يتناول (البروزاك)، عشرين مليجراما يوميا لمدة شهرين.
هنالك نوع من (البروزاك)، يعرف باسم (بروزاك 90)، وهذا يستعمل بمعدل كبسولة واحدة في الأسبوع –أي أربع كبسولات في الشهر–، إذا تحصل عليه أيضا، يمكن أن يستعمله بمعدل كبسولة واحدة في الأسبوع لمدة عام مثلا، ثم يتوقف عن تناوله.
أعتقد أن هذه الطريقة أفضل، وتواكب متطلبات هذا الأخ النفسية والبيولوجية؛ حتى لا يأتيه الاكتئاب مرة أخرى.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.