انحدر معدلي في الجامعة بسبب القلق.

0 265

السؤال

السلام عليكم

أنا طالبة أبلغ من العمر 21 عاما، في كلية الهندسة، كنت دائما المتفوقة دراسيا بل وفي جميع المجالات، لكن كانت عندي عادة سيئة وهي: مراكمة الأعمال إلى آخر لحظة، على أني أنجزها بالكامل، إلا أني لا أستطيع إتمامها إلا في اللحظات الأخيرة، فأضع نفسي تحت ضغط وقلق فظيعين؛ على الرغم من ذلك فهذه المشكلة كانت تتعبني ولكنها لم تؤثر على تفوقي حتى دخلت الجامعة.

وفي الوقت الحاضر في دراستي الجامعية مراكمة الأعمال تشكل مشكلة كبيرة بالنسبة لي، خاصة مع الكم الكبير من المعلومات، وصعوبتها والحاجة للاستذكار الدائم، جربت كل الطرق وشتى الوسائل، وقرأت كتبا وبحثت، وحاولت مع نفسي بوسائل التحفيز، وبوضع جداول، وبتقسيم الوقت ولكن بلا جدوى.

أصبحت هذه المشكلة مثل الهاجس عندي، حيث أن معدلي في انحدار، وأصبحت لا أستطيع التوقف عن التفكير فيها حتى أنني إذا فتحت الكتاب لأدرس يبدأ عندي خفقان شديد وقلق يصل إلى البكاء؛ لأني أخشى أني لن أستطيع إنهاء المادة قبل الوقت، وبالتالي ستنحدر درجاتي، وتتوالى الأفكار السلبية عندي، ثم لا أستطيع الاستذكار مطلقا حيث أن طاقتي تبددت في القلق والبكاء.

بدأت أشك أن الموضوع مرض نفسي أو عين -لا قدر الله-، أو أن التخصص أعلى من مستواي، أنا لا أقبل بما دون التفوق، وأجد نفسي عاجزة تماما عن للوصول إليه.

أفيدوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بهذا السؤال.

سؤالك ذكرني بأيام الدراسة الجامعية، وقلق الدراسة والمذاكرة والاختبارات، من الواضح أن طريقتك السابقة في تأجيل الأمور وجعلها تتراكم قد أفادتك في الماضي، وربما لأن المواد كانت محددة، أو لأسباب أخرى، ولكن من الواضح أيضا أن هذه الاستراتيجية لم تعد صالحة للوقت الحالي، ودراسة فرع هام كالهندسة.

لا أعقد أنها عين، ولا أعتقد أن التخصص يفوق قدراتك، فأنت لم تصلي لهذه المرحلة ودخول كلية الهندسة أصلا؛ إلا لأنك أهل لها، فاطمئني، وإنما الموضوع يعود لثلاثة أمور على الأقل، وهي:

الأول: تغير طبيعة الدراسة، وعدد المواد وتعقيدها، فالاستراتيجية السابقة من تأخير الأمور لآخر يوم، ومن ثم الإقدام على المواد ودراستها، ومن بعدها الاختبار فالنجاح، ربما أفادتك عندما كانت المواد محددة، وفي كتب معينة، وربما بعض الصفحات أصلا كانت محذوفة من الاختبار، أما الآن، فالمواد متعددة ومتشعبة المراجع، بالإضافة للمشاريع العملية والمخبرية والتجارب، وكبر قاعة الدرس، واختلاف نوعية الطالبات عنها في المراحل المدرسة، واختلاف كامل جو الجامعة.

ثانيا: أنك في مرحلة عمرية مختلفة، حيث النضج النفسي والاجتماعي وغيره، والتواصل مع عدد أكبر من الناس، والأمور العامة التي تشغل بال الفتيات في هذه المرحلة العمرية الهامة.

ثالثا: كثرة وسائل الملهيات، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات؛ مما يجعلك تمضين الأوقات والساعات الكثيرة لا للراحة، وإنما تنتهي جلسة الفيسبوك مثلا وأنت أكثر تعبا مما كنت عليه قبل الجلسة.

لا بد أن لديك أسئلة كثيرة حول كيفية تنظيم الوقت للدراسة، وخاصة كما تقولين: أنت قرأت وبحثت، والحقيقة أنه لا توجد طريقة سحرية للدراسة، وللإجابة على هذه الأسئلة:

لا بد أولا: من تغيير استراتيجية العمل لتغير الظروف.

ولا بد ثانيا: من الانكباب على الكتاب والدرس.

ولا بد من التوقف عن كل ما يلهي ويصرف عن الدراسة.

إنك إن قمت بالواجب من العمل المنظم والهادئ، مع بعض الراحة والترفيه؛ كلما وجدت نفسك أكثر قدرة على العطاء، والفهم، والتقدم والتفوق.

لا يوجد نظام واحد للدراسة والمذاكرة، وما ينفع إنسانا قد لا يفيد شخصا آخر، فعليك أن تكتشفي النظام الأكثر تلاؤما معك، فبعض الناس يميلون للنشاط والهمة العالية في فترة الصباح، بينما يميل البعض الآخر للنشاط في المساء، فانظري أي الأوقات أكثر مناسبة لك، وحاولي عندها أن تستفيدي من هذه الأوقات.

ومن الطلاب من يميل للدراسة في جو خاص داخل البيت، وفي شيء من الهدوء، بينما هناك من يحب الدراسة أمام الناس في المكتبة العامة أو مكتبة الجامعة، فأيضا انظري أي الأجواء أكثر مناسبة لك، فاستغلي هذه الأوقات.

أنا أضمن لك -بعون الله- إن أعطيت يوميا ساعتين غير الواجبات المنزلية إن وجدت للدراسة والقراءة، بأنك ستلاحظين خفة هذا القلق أو اختفائه، وستلاحظين التقدم الواضح في الإنجاز، وكما قلت لك ليس هناك وصفة سحرية، وإنما هي فتح الكتاب والدراسة.

وفقك الله، ويسر لك، وجعلك ليس فقط من الناجحات بل من المتفوقات.

مواد ذات صلة

الاستشارات