السؤال
السلام عليكم
أنا فتاة أبلغ من العمر 28 سنة، لست متزوجة، لدي مشكلة ترهقني، وقد مررت بمشاكل أسرية كثيرة أثرت علي بشكل كبير، بعض المشاكل لا تعنيني، ولكن منذ صغري وأنا كتومة في كل شيء.
هذا الطبع أخذ فكري بشكل كبير، فأنا أعاني من الحديث مع نفسي، والعيش مع نفسي، وأشعر أن بداخلي عالم كبير صنعته بنفسي، فما أتمناه أتخيله بعقلي، وأعيش داخل هذا الخيال أياما عدة، لدرجة أني وصلت أني أفكر أحيانا بأنها حقيقية.
المواقف المزعجة التي أمر بها، سواء من اتهام، أو مشادة كلامية مع أحدهم؛ وحيث أني لا أحسن الدفاع فيها عن نفسي، وأظل صامتة إلى إن ينتهي الموقف، فأسترجعه بخيالي، وأدافع عن نفسي بالشكل الذي أتمنى أن يحدث، ومع قوة خيالي يمكن أن تفلت مني كلمات مسموعة، أفكاري مشتتة، ولا أستطيع التركيز، وهذا كله حدث مؤخرا.
أما مشكلي القديمة: فهي الحديث مع نفسي، وكأن شخصا أمامي، أحب هذا، وأستمتع به، لكن أعرف بأنه خطأ كبير، ولكنه متنفسي، وقد مضى علي وأنا على هذا الحال 8 سنوات، ولكني الآن أريد حلا، فقد تعبت، وأخاف أن أفقد عقلي.
أرجوكم أنا أنتظر ردودكم.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الذي يظهر لي أن البناء النفسي لشخصيتك بالفعل هو أنك تفضلين العزلة النفسية وكذلك الفكرية، وليس من الضروري العزلة الجغرافية أو الاجتماعية، وهذا ولد لديك إسرافا في التفكير، أصبحت حدود الفكر متباعدة، والتفكير على هذا النمط يكون مرتبطا بنوع من القلق الداخلي، وهذا كله يتولد عنه في نهاية المطاف ما يسمى بأحلام اليقظة.
ولا نقول: إن مثل هذا التفكير كله ضار، أو كله مضيعة للوقت، فكثير من الذين ألفوا وكتبوا وأبدعوا كان يسرح بهم خيالهم، وكانوا يسرفون جدا في أحلام اليقظة؛ مما جعلهم يوثقون ويأتون بأفكار عظيمة جدا.
قطعا أنت وصلت إلى العمر الذي كان من المفترض أن تكون أفكارك أكثر ارتباطا بالواقع، يعني أن يكون هناك حد لهذا الفكر المسترسل، وهذا يمكن الآن أن يتم من خلال:
أولا: أرجو ألا تعتقدي أنك مريضة، أو أنك صاحبة علة، أو أنك موسوسة، ليس هذا صحيحا، وإنما هي حالة قلقية أحدثت نوعا من التطبع أو التواؤم معها، وأصبحت نمطا لتفكيرك.
ثانيا: أنا أفضل أن تحاولي أن تكتبي الأفكار التي تطرحها نفسك عليك، مهما كان فيها شيء من السخف في بعض الأحيان، حاولي أن تكتبيها وتوثقيها، وبعد ذلك يمكن أن تخرجي شيئا جميلا، كرواية مثلا، أو شيئا من هذا القبيل، فهذا سيجعل فكرك ذا هدف.
الآن الهدف مفقود، والفكر يفرض نفسه عليك، فضعيه في مساراته الصحيحة من خلال الكتابة، ليكون فكرا مترابطا وجيدا ومفيدا.
ثالثا: التعبير عن الذات، عبري عن نفسك علنا مع صديقاتك، مع قريباتك، مع من تثقين بهم، لا تتركي أفكارا معينة، خاصة الأشياء غير المرضية، لا تدعيها تتكون وتتمحور داخليا؛ لما يؤدي إلى احتقانات نفسية تشجع إلى ظهور هذا النوع من التفكير.
من الأشياء التي أنصحك بها أيضا: النوم المبكر، ممارسة أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، التوزيع الجيد، والإدارة الحسنة للوقت، هذا كله فيه خير كثير بالنسبة لك، قراءة القرآن أيضا فيها خير كثير؛ لتجعل الإنسان أكثر تركيزا، وأكثر مركزية للتحكم في تفكيره، وهذا هو الذي تحتاجين إليه.
في بعض الأحيان إذا كان هذا التفكير يصعب التحكم فيه، ويسبب قلقا زائدا؛ فهنا لا مانع من تناول عقار بسيط يعرف باسم (فافرين)، واسمه العلمي (فلوفكسمين)، فهو دواء جيد جدا لمثل هذه الحالات، والجرعة المطلوبة صغيرة جدا، وهي خمسون مليجراما، يتم تناولها ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض إلى خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم يتم التوقف عن تناول هذا الدواء، وهو سليم وغير إدماني، ولا يؤثر أبدا على الهرمونات النسائية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.