ابنتي لا تتحمل البعد عني ولا تنام إلا وأنا بجوارها وتصر على إمساك يدي

0 225

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا سيدة متزوجة، مشكلتي مع ابنتي ذات التسع سنوات، حيث إنها تعاني من الخوف الشديد خاصة عند النوم، فلا بد أن أكون بجوارها أثناء النوم، ويجب أن تكون هناك إنارة في الغرفة، وأحيانا تصر على أن تمسك يدي، رغم أن غرفتها ملاصقة لغرفتي تماما ولا يفصل بين الغرفتين سوى الباب الذي يكون مفتوحا دائما.

سبب هذا الخوف في اعتقادي هو هروب خادمتي من المنزل منذ 3 سنوات، فقد عادت ابنتي من المدرسة مع والدها ووجدت أبواب البيت مفتوحة وحجاب الخادمة ملقى على الأرض، فظنت أن الخادمة قد اختطفت، علما أنها وحيدتنا وليس لها إخوة.

كيف أتعامل مع ابنتي؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جود حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

أيتها الأخت -الفاضلة الكريمة-، لا شك أن هذه الابنة ابنة خاصة جدا، فهي الوحيدة وهي بنت، ولا شك أن هنالك نوعا من الحاجة العصبية أو ما نسميها بالحاجة الوجدانية لهذه الطفلة، فهي تحب أن تكون بالقرب منك وكذلك من والدها، وأنتما بصورة شعورية أو لا شعورية لا شك أنكما تقومان بمبادلتها لهذا التودد والالتصاق الوجداني.

هذه -أيتها الفاضلة الكريمة- عملية نفسية سيكولوجية ليست كلها تحت التحكم، لكن هذا لا يزعج، لأن الإنسان يدرك ويدري العمليات التي تحدد علاقاته النفسية والسلوكية والإنسانية، خاصة مع أبنائه وهذا في حد ذاته يجعل الإنسان ينتبه لأشياء كثيرة، الذي أريد أن أقوله: أن هنالك حماية نفسية شديدة شكلت وأحاطت بهذه الابنة -حفظها الله- لذا لا تحب ولا تقبل ولا تود أي نوع من الفراق، وفي ذات الوقت أنت كذلك، بالرغم من اجتهادك أن تقوميها، وأن تقدمي لها أفضل أنوع التربية والتوجيه، لكن هنالك أمر فوق طاقتك.

مرة أخرى: لا تنزعجي، هذه الأمور تحصل في بيتي وفي بيتك وفي كل بيت، إذا كان الوضع على الشاكلة التي تحدثت عنها، أي العلاقة بين الطفل الوحيد وأسرته، الذي أريد أن أقوله هو: أن تتجاهلي استغاثتها وصراخها، لا أعني بالصراخ أنها تصرخ، لكن تعطي مؤشرات أنها لا تتحمل الفراق، لا تستجيبي لهذا، لا أنت ولا لوالدها، وقومي بالتجاهل التام، وأرجو أن تغلقي باب الغرفة من وقت لآخر، وأرجو أن يكون هناك مسافة جغرافية داخل البيت ما بينك وبين الطفلة، يعني في أثناء اليوم لا تجعليها تتابعك، ولا تجعليها تتأكد أين أنت دائما، هذا أمر ضروري جدا.

الأمر الثالث: مساعدتها على بناء شخصيتها وتطوير مهاراتها، وهذا يتم حقيقة من خلال أن تعتمد على نفسها، مثلا: ترتيب خزانة ملابسها، وأن تقوم هي بترتيب سريرها في الصباح، وأن تعلميها شيء من الطبخ وشؤون المطبخ، وتجعليها تعد بعض الوجبات كالسندويشات البسيطة لها ولك مثلا ولوالدها وهكذا، فهذا بناء نفسي، وبعد ذلك من الطبيعي أن تشرحي لها أهمية أن تنام لوحدها وأنها في حفظ الله، وهذا يتم حقيقة من خلال التدريب التلقائي والمستمر، وأعطيها أمثلة من الحياة فهذا مهم جدا، في ذات الوقت حاولي أن تجدي لهذه البنية مساحة لذاتها، هذه نسميها بالمساحة الذاتية، يعني مثلا: في إجازة نهاية الأسبوع -أو متى ما كان ذلك ممكنا- دعيها مع بعض البنات في ذات عمرها من أسر مؤتمنة من أصدقائكم وأقربائكم، لأن الطفل يتعلم من الطفل، والطفل يحس بكينونته حين يكون مع بقية الأطفال، وأعتقد أن هذا هو الأمر المهم والمطلوب في حالة هذه الابنة، أما موضوع الخادمة فلا أعتقد أنه له أثر كبير، ربما يكون قد ساهم، لكن اشرحي لها هذا الموضوع، أعتقد أن الأمر كله يتمركز حول قلق الفراق من جانبها ومن جانبك أنت.

نسأل الله لكم الصحة والعافية، وأن يجعل هذه الابنة من الناجحات والمتفوقات والصالحات، وبارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات