السؤال
السلام عليكم
أعاني من الخوف والتوتر الشديد عند مواجهة الناس، وتزداد نبضات القلب، ويتلعثم اللسان عن النطق، مع أني أمتلك الحجة القوية لحسم المواجهة لصالحي.
الخوف يمنعني من الحديث والنطق، وعدم التركيز وسرد الحجة بانتظام، ومن ثم الهروب من المواجهة، ويكون الظلم واقعا علي لكن لا أستطيع طرح حجتي أمام الخصم والحضور.
أنا أحمل هم قضية تخص الرأي العام، وأتعرض للمواجهة كثيرا، ولا أستطيع أن أواجه، وحين المواجهة ينتابني شيء أشعر بمزيد من بلع الريق والتوتر الشديد!
أخاف من الذهاب إلى العمل، ومن مواجهة مشاكلي في العمل، وفي الحياة العامة، وأعاني من الشرود الذهني، وأسرح كثيرا، خاصة في الحوارات مع بعض الإخوة، ويرى ذلك واضحا علي! مع أن الموضوع لا يحتمل شرود الذهن إلى مكان آخر.
أعاني البطء في التركيز على ما يراد التحدث عنه، وخمول في الجسم، وحب النوم منذ فترة كبيرة لأوقات طويلة.
إذا اختلفت مع أحد حول شيء وحاول مهاجمتي لا أستطيع الرد على النحو الذي أريده، ويزداد الخوف والتوتر الشديد.
أعاني من نوبات الخوف من دون سبب، وأشعر أحيانا بالكسوف واحمرار في الوجه، وأتأثر بأقل المواقف وأبسط الكلام الموجه لي، وقليل اللقاء مع إخواني.
أنا ملتزم بفضل الله، وأحفظ كثيرا من القرآن، ومتقن لأحكامه، ومع عدم وجود متقن في الصلاة لا أستطيع التقدم للإمامة، والخوف منها كثير، وأشعر بالتوتر والخوف ايضا من مقابلة الضيوف في بداية الأمر.
لا أستطيع التحدث مع الملأ، وأخاف من المقابلات الشخصية، وأنا أتابع الموقع منذ فترة في مثل هذه الحالات، واستفدت كثيرا منها، ومن تمارين الاسترخاء وغيرها، لكن تمارين الاسترخاء كانت فعاليتها محدودة.
كان أخي مصاب بمثل هذه الحالة وهي الرهاب أو الخوف الاجتماعي، وبفضل الله ثم بفضلكم قد أتم الله علاجه، وهو كان يخاف لمجرد الحديث مع أي أحد، وكان لا يخرج من البيت، والحمد لله، تغير كثيرا، لدرجة أنه أصبح شخصا آخر تماما، وكان يتناول عقار "زيروكسات cr " وأظهر العقار فعاليته الكبيرة في هذه الحالة، وهل هناك فارق بين "زيروكسات cr" "وزيروكسات"؟
أنا بصدد تناول العقار الذي قد أسلفت ذكره، لكن أحتاج إلى نصائحكم، وما هي الجرعة المطلوبة في هذه الحالة؟ وما هو سبب الإصابة بهذا المرض؟
أنا إنسان لا أحب الرضوخ للظلم أو الاستسلام، ولا أستكين لهذه الحالة، وأتمسك بالأمل دائما، وأحب أصحاب الإرادة القوية، ولا أحب أن أكون تابعا للظلمة أو الطواغيت، وأحب أن أكون فعالا في المجتمع، لكن يمنعني هذا المرض كثيرا من ممارسة هذه الأشياء، وعائلتي تعلق حل مشاكلها وهموم حياتها على العبد الفقير، لكن يمنعن هذا الطارئ من ممارسة هذا، وأنا أتيقن أنه طارئ، ولابد من التخلص منه بإذن الله عز وجل.
أود مساعدتكم، ولكم مني فائق الاحترام والتقدير، والدعاء بالغيب وجزاكم الله خيرا.
أحبكم في الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
رسالتك طيبة وجميلة، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
أنت تريد أن تكون من أصحاب الإرادة القوية، وهذا شيء عظيم، ولا تحب الظلم، وكلنا كذلك - أيها الفاضل الكريم – ونقول معك: ألا لعنة الله على الظالمين وعلى الطواغيت، فالأمر أسهل مما تتصور.
أيها الفاضل الكريم: الذي أراه أنك مثل لاعب الكرة أو الملاكم الذي لا يقبل بالتعادل أبدا، يريد دائما أن ينتصر، إذا قاتل لا يقاتل للتعادل، يقاتل للنصر، وهذا شعور جيد، وشعور طيب، لكنه لا يمكن أن يكون متيسرا في جميع الأحوال.
أيها الفاضل الكريم: أرى أن نفسك راقية جدا وطيبة جدا، ومتطلعة جدا ولديك الدافعية للدرجة التي تجعلك لا تقبل أي نوع من الهوان، هذا أيضا غير مرفوض، ولكن الأمر يتطلب شيئا من الكياسة والحكمة والاستبصار حين نعامل الآخرين أيها الفاضل الكريم.
مبدأ بسيط جدا وعظيم جدا: درب نفسك وطوعها على أن تقبل الناس كما هم لا كما تريد، تأمل في هذه المقولة، هي ليست استسلامية أبدا، وليست سلبية، هي إيجابية جدا، حاول أن تجد العذر للآخرين، حين يرتكبون ما تعتقده خطئا وهو قد لا يكون خطئا، قس الناس وقس نفسك بقياس واحد، وهذا – أخي الكريم – أمر جيد.
النقطة الثانية: أنت تحتاج أن تتعامل مع الصالحين والطيبين، وهم كثر جدا، كثر والحمد لله، تجدهم يرتادون المساجد، تجدهم في العمل الخيري، تجدهم في بر الوالدين، تجدهم يتبعون الجنائز، وتجدهم في محافل العلم وحلقات الدراسة.
أخي الكريم: مثل هذه النماذج الجميلة سوف تطمئنك وتشعرك أن في هذه الدنيا خيرا كثيرا.
أخي الكريم: كثيرا ما نتضايق، كثيرا ما نستاء، ولكن لما يقابلك أحد الإخوة فجأة فيتغير شعورك، ومجرد رؤيتك لهذا الأخ الذي قابلك يتغير فكرك، وتتذكر فعلا أن الدنيا بخير، ألم يحدث لك هذا أخي الكريم؟ نعم حدث لك.
مرر هذا الحوارات مع نفسك، وأنت رجل – الحمد لله تعالى – تقرأ القرآن وتحفظ منه ومتقن لأحكامه، فكن من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس.
أنصحك أيضا: أن تعبر عن مشاعرك، لا تكتم، حتى الأشياء البسيطة الجأ إلى أسلوب التفريغ النفسي، هذا أمر جيد.
ما يأتيك من رهبة بسيطة في المواقف الاجتماعية أعتقد أنه ناتج من حماستك الزائدة، ومحاولتك دائما أن تكون مجيدا ومتقنا، هذا لا بأس به، لكن الإنسان أيضا محتاج أن يكون عفويا في كثير من المواقف.
زود نفسك بالمعارف، زود نفسك بالقراءة، بالعلم، كما قلنا: بمجالسة العارفين والصالحين، هذا يجعلك تلقائيا تكون مفوها وصاحب منطق وقوة فكرية، وتقبل الآخرين كذلك.
أخي الكريم: اسع في بر الوالدين، هذا فيه خير كبير لك، وأنت تعرف ذلك، وامسح على رأس اليتيم، يجعل في نفسك كثيرا من العطف حتى على من يعاديك.
أيها الفاضل الكريم: أنا أرى أنه سيكون من الطيب والمكمل لهذه الاستشارة أن تتناول أحد مضادات القلق والتوتر والمخاوف الاجتماعية.
عقار (مودابكس) والذي يسمى علميا باسم (سيرترالين) ويسمى تجاريا أيضا (لسترال)، وأيضا (زولفت) هو الدواء المناسب والمثالي لك، ابدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلا، وقوة الحبة خمسين مليجراما، تناولها لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.