السؤال
السلام عليكم
أعاني من حالة قلق ووسواس منذ شهرين، كنت متوجها إلى الجامعة في سيارة أجرة، وفي منتصف الطريق بدأت أشعر بضيق في التنفس، وتنمل الأطراف، وسرعة كبيرة في نبض القلب، الأفكار ساعتها كانت جلطة قلبية، شعرت بالموت!
تدريجيا خفت الأعراض، وبعدها بدأت أفكر ما الذي أصابني؟ لا يعقل هناك شيء، كاد قلبي ينفجر من شدة سرعته، ماذا أفعل؟ غادرت الجامعة مباشرة إلى المستشفى، ذهبت إلى اختصاصي باطني، فحصني وأجرى لي تخطيط قلب...الخ.
قال لي: قلبك ممتاز، وأنا استغربت، وقلت له: لكن يا دكتور قلبي كاد يخرج من محله من سرعة النبض! قال: هذا مجرد توتر وقلق، عليك بالاسترخاء، ثم ذهبت إلى طبيب باطني آخر فحصني، وقال لي: لا شيء، والطبيب لاحظ أني متوتر وقلق، ثم قال لي: أنت متوتر والقلق واضح عليك، قلت نعم، وكتب لي دواءين أحدهما أتناول حبتين في اليوم والآخر حبة قبل النوم، يساعد على الاسترخاء فعلا، بعد أن كنت أخاف الخروج من البيت ومنعزلا عن المجتمع.
تحديت مخاوفي وذهب للجامعة، مع العلم أني كنت أخاف أن أذهب للجامعة بسبب نوبة الهلع التي حدثت معي وأنا في طريقي إلى الجامعة، فصرت أخرج مع أصدقائي، وتحسنت حالتي نحو 70%.
استمر الحال أسبوعين، وبدأت أنتكس أكثر من السابق، وأصبحت لا أخرج من البيت أبدا، ولازمتني العزلة والاكتئاب والحزن من غير سبب، ووسواس، وعدم الشعور بالواقع، كأني في وهم أو حلم، وأصبحت أوسوس تارة أني مصاب بشيء في رأسي، وتاره أخرى أني سأموت، وأفكار سخيفة.
بعد بحث مطول على الانترنت عن الأعراض التي تصيبني، اكتشفت من ماذا أشتكي، وسمعت أن هناك نوعين من العلاج، أحدهما السلوكي المعرفي، والآخر الدوائي، طبقت بعض العلاج السلوكي وذلك أن تقلب التفكير السلبي إلى إيجابي، طبقتها وشعرت بتحسن مع الممارسة، وما زلت في عزلة في البيت، مع أرق، وتحسنت قليلا بعد أن تجاهلت الأفكار السلبية.
أود منكم نصيحتي والمساعدة، مع جدير الشكر والتقدير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مجاهد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
النقطة الأولى التي أريدك أن تقتنع بها وتتأكد منها تماما أن حالتك بالفعل هي حالة نفسية، لا علاقة لها مطلقا بأمراض القلب، والذي حدث لك هو تغير فسيولوجي ناتج عن الشعور المفاجئ بالقلق، والذي أدى إلى إفراز مادة الأدرينالين بكثافة؛ مما جعل القلب يتسارع، وحدث شيء من الضيق في التنفس، نسبة لانقباض عضلات القفص الصدري.
هذا أدخلك بالفعل في الخوف من أمراض القلب، وخوفك هذا خوف منطقي، لأن الأعراض بالفعل تشبه أعراض مشاكل قلبية ومشاكل التنفس، لكنها ليست كذلك، بل هي نوبة هلع، نوبة فزع، نوبة قلق حاد، وإن شاء الله تعالى قد أجهضت وانتهت في وقتها، وعلاج الطبيب أفادك.
الفحوصات الطبية التي أجريتها مطمئنة جدا، هذه كلها خطوات صحيحة، لكن بعد ذلك يجب ألا تتردد كثيرا على الأطباء، وألا تتوهم المرض، وألا تتخوف، فحالة الانعزال التي تعيشها الآن أعتقد أنها نوع من المخاوف، والمخاوف كثيرا ما تكون مرتبطة بنوبات الفزع أو نوبات القلق الحاد.
أيها الفاضل الكريم: كجزء من العلاج السلوكي الرئيسي عليك أن تخرج، وأن تصر على ذلك، لا تطاوع نفسك أبدا في هذا الانعزال، اخرج، زر أصدقاءك، زر أرحامك، اذهب إلى جامعتك، اجلس في الصفوف الأولى، احرص على صلاة الجماعة في المسجد، هذا نوع من التواصل الاجتماعي الرائع والرائع جدا، وممارسة الرياضة يجب أن تكون جزءا من حياتك.
العلاج الدوائي مهم وضروري، أنت لم تذكر الأدوية التي قد تناولتها سابقا، لكن عموما إن ذهبت إلى الطبيب النفسي هذا أيضا نعتبره أمرا إيجابيا، وإن لم تستطع فعقار (زيروكسات) ويسمى علميا باسم (باروكستين) هو من الأدوية الجيدة جدا لعلاج هذه الحالات.
جرعة (الباروكستين) هي أن تبدأ بعشرة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرين مليجراما – تناولها يوميا صباحا أو مساء، استمر عليها لمدة عشرين يوما، ثم اجعلها حبة كاملة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.