أمارس العادة السرية عندما تفارقني زوجتي.. هل أنا إنسان سوي؟

0 305

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
أكتب إليكم والدموع لا تتوقف من عظم المصيبة التي أنا عليها.

والله إني لأستحي أن أسأل عن هذا السؤال، لكن هذا ديني، فإذا ضاع فماذا بقي لي؟ أقول لكم: أنا دائما أقع في العادة السرية قبل الزواج، وما فعلتها يوما إلا وأعقبها بالدموع والندم، لكن سرعان ما أقع فيها مرة أخرى، فقلت لعل السبب من عدم الزواج، فاجتهدت وسألت الله أن يعينني على الزواج فتزوجت، ولكن ما أن فارقتني زوجتي حتى وجدت نفسي أقع فيها مرة أخرى، فما توجيهكم لي؟ فقد ضاقت علي نفسي، وهل أنا إنسان سوي؟ أصبحت أشك في نفسي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإن مشكلة العادة السرية أنها معصية سرية، لا يطلع عليها أحد، ولذلك لا يشعر الإنسان تجاهها بنوع من الحرج كالمعاصي التي تقع أمام الناس، فإن معظم الناس خاصة ضعاف الإيمان يحرصون على أن يظهروا للناس أحسن ما لديهم من تصرفات وأخلاق وعقيدة وعبادة، لكنهم إذا خلوا بمحارم الله تعالى ووقعوا فيما يغضب الله وكأن الله لا يراهم، ولا يعلم سرهم ونجواهم، وهذا كله من ضعف الإيمان، ومن تلبيس إبليس – لعنه الله – ومن النفس الأمارة بالسوء عياذا بالله تعالى.

ولذلك هذا الأمر لم يفت النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يتكلم عنه، إذ أنه أخبرنا أن من شرار الخلق عند الله تعالى عباد إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها، وهذا هو حقيقة الحد الأعلى للوعيد الذي أراد النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يلفت أنظارنا إليه بأن الذي يفعل هذه المعاصي السرية التي لا يعلم بها إلا الله سبحانه وتعالى يكفيه أنه من شرار الخلق عند الله عز وجل، وكفى بهذا رادعا – أخي الكريم أبو أحمد -.

وأنت كنت كما ذكرت قبل الزواج تقع فيها، ولكن الله تبارك وتعالى من عليك فتزوجت، فأصبحت الآن رجلا محصنا وذقت الحلال الطيب المبارك، ولكنك تقول بأنك عندما ابتعدت عنك زوجتك عدت مرة أخرى إلى هذه المعصية.

أقول لك: إن المشكلة فيك أنت شخصيا؛ لأنك لو كنت صاحب عزيمة جادة وقوية وصاحب نية صادقة وحياء من الله تبارك وتعالى حقا ما فرقت معك، بل لا قبل الزواج ولا بعده، وهناك ملايين من المسلمين من إخوانك الذين لم يفكروا حتى مجرد التفكير في مثل هذا الأمر، لماذا؟ لأنهم يعلمون أنه من المتعذر والمستحيل على أي إنسان أن يغيب عن عين الله تعالى طرفة عين، وإذا كان الواحد منا يستحي من أخيه أو أمه أو أبيه أو يستحي حتى من زوجته، ويستحي من أبنائه الصغار أن يفعل أمامهم شيئا لا يرضي الله تعالى، أو شيئا يخدش الحياء، أو ينافي الفطرة، فما باله لا يستحي من جبار السموات والأرض جل جلاله؟ فالمشكلة عندك – أخي أبو أحمد – والقرار قرارك، نعم أنت تبكي وتتألم وتذرف الدمع حارا بعد وقوع المعصية، ولكن ما هو الحل؟

الحل لا بد من خطوة جريئة وقوية، تقف فيها مع هذه النفس الأمارة بالسوء لتقول لها: (إلى متى يا نفس؟ كنت سابقا أعزبا غير متزوج، وكان الشيطان يضحك علي، الآن أنا رجل متزوج، ولقد أكرمني الله تبارك وتعالى بنعمة حرم منها الملايين من عباد الله تعالى، فكم من رجل وامرأة الآن من العوانس بالملايين في الدول، لم يتيسر لهم ما يسر الله لي، أهذا هو شكر الله تبارك وتعالى على نعمة الصحة؟ على نعمة السمع؟ على نعمة البصر؟ على نعمة الاستقرار الوظيفي؟ على نعمة الزوجة؟).

أهذا هو – أخي أبو أحمد – هو شكر النعم؟! إذا لا بد أول شيء أن تقف مع نفسك الأمارة بالسوء وتقول لها: (هذا آخر ما يمكن أن أفعله، ولن أعود إلى هذه المعصية مرة أخرى مهما كانت الظروف والأحوال)، إذا لا بد من قرار جريء وقوي وصادق، هذا أول شيء.

الأمر الثاني: دعاء واستعانة بالله تبارك وتعالى بقوة.

الأمر الثالث: البحث عن الأسباب التي تؤدي إلى إثارتك والقضاء عليها.

الأمر الرابع: عدم إعطاء مساحة أوسع للخلوات التي قد يزين الشيطان لك الوقوع من خلالها في المعصية.

الأمر الخامس: ابحث عن وسائل تقضي فيها أوقات فراغك بعيدا عن الخلوة، كصحبة صالحة، أو دورات علمية في أي مجال، أو الذهاب إلى ناد من الأندية الرياضية، أو حتى الجلوس في مكان عام، المهم ألا تختلي بنفسك حتى لا يضحك عليك الشيطان، واعلم أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فالأمر يخصك أنت، وأنت الوحيد القادر على إنقاذ نفسك، فأنقذها من الآن حتى لا تتلظى بنار جهنم في الآخرة والعياذ بالله.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات