السؤال
السلام عليكم
يسعدني أن أطرح مشكلتي هذه على موقعكم الموقر والمفيد، والذي أتمنى أن أجد ضالتي فيه، وأسأل الله أن يديمه ويوفق القائمين عليه لما يحب ويرضى، وأن يكتب أجركم إنه سميع الدعاء.
أنا شاب ملتزم وصريح، وأحب الخير للجميع، أحب الاختلاط بالناس في بعض الأحيان، لكن لا أخفي أن لدي ميولا للانطوائية، بالرغم من أن لدي عددا من الأصدقاء الجيدين، فأنا أعاني من اكتئاب وقلق وتوتر، وتقلب في المزاج، بدون سبب في بعض الأوقات، وسرعة الملل من أي شيء كالقراءة والعمل والحديث، رغم البداية القوية والمشوقة بالإضافة إلى التردد في اتخاذ القرار، والتخوف وإعطاء الأمور أكثر مما تستحق، وتأنيب الضمير والقلق من المستقبل، وما سيترتب عليه.
كما أشكو من اضطراب النوم وكثرته، حيث يأتي في الوقت الذي لا أريد مع الأرق في الوقت الذي أريد!
أحيانا أكون متهيجا ونشيطا، خصوصا عندما أكون سعيدا، ولكن الخمول يطغى علي، كما أعاني من سرعة النسيان وكثرة التفكير مع التشتت الذهني والسهو، وعدم التركيز في الصلاة، والمذاكرة، وهذا يقلقني كثيرا على صعيد الدين والحياة، حيث لم أعد أستمتع كما كنت من قبل بأشياء أحببتها، فتراودني نوبات اليأس لكني طموح في الوقت ذاته.
لدي العديد من المشاكل التي تواجهني، وربما تكون السبب أو هو عامل وراثي، فهناك أقارب لي يعانون من الاكتئاب، واضطراب ثنائي القطبية، ولكن ما الحل؟
نصحت بهذه الأدوية: سيبرالكس - بروزاك - ديانكسيت - أبيليفاي – سيتاديب، ولكني لم أجرب أيا منها تخوفا من مضاعفاتها والسمنة، فأرجو منكم كما عهدناكم في فعل الخير أن تساعدوني في تشخيص المرض، واختيار الدواء المناسب، والدال على الخير كفاعله، مع جزيل الشكر والتقدير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مجمع القول أن حالتك بسيطة، هذه رسالة إيجابية أرجو أن تقتنع بها، فما تعاني منه ليس مرضا نفسيا حقيقيا، هي ظاهرة نفسية تتمثل في وجود قلق عام، والقلق أدى إلى شيء من الوسوسة، وكذلك المخاوف، وهذا كله قطعا يؤدي إلى شعور بالإحباط، لا يرقى لأن نسميه اكتئابا.
العوامل الوراثية قد تلعب دورا في أن تزيد من استعداد الإنسان لبعض الحالات النفسية، لكن لا نعتبرها سببا لوحدها، ومن هذا المنطلق نستطيع أن نقول: إن الوراثة قد يكون لها دور مهيئ أو مرسب، لكنها ليست مسببة، والإنسان يمكن أن يعيش حياة طيبة ومتوازنة جدا وصحية من الناحية النفسية وكذلك الجسدية، حتى وإن كان له تاريخ أسري للأمراض.
صلة القرابة أيضا أمر مهم، مثلا إذا كان الإنسان لديه مرض نفسي أساسي أصاب أحد والديه أو كليهما، هنا نستطيع أن نقول إن التأثير الوراثي من حيث التهيئة والاستعداد أن يصيب المرض ذريته أو بعض أفراد ذريته أقوى.
إذا لا تنزعج، الأمر واضح جدا، كل أعراضك تفسر على أنك تعاني من قلق المخاوف الوسواسي من الدرجة البسيطة، مع وجود عسر مزاجي، وأعتقد أن العلاج الدوائي مهم بالنسبة لك، وعقار يعرف تجاريا باسم (بروزاك Prozac) ويسمى علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine) دواء مثالي جدا؛ لأنه لا يسبب السمنة، والجرعة هي كبسولة واحدة، تتناولها في الصباح لمدة أسبوعين، وبعد ذلك يمكن أن تجعلها كبسولتين، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها كبسولة واحدة لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
أخي الكريم: حاول أن ترتب وتحسن من مستوى النوم من خلال الممارسات الطبيعية، مثل ممارسة الرياضة، تجنب النوم النهاري، تثبيت وقت النوم ليلا، تجنب الميقظات مثل الشاي والقهوة بعد الساعة السادسة مساء، والحرص على الأذكار، هذه كلها عوامل ممتازة، عوامل مطلوبة تساعد الإنسان في النوم.
اسأل الله تعالى أن ييسر لك أمر العمل، لأن العمل هو أحد مصادر التأهيل النفسي الرئيسية، وتطوير الذات، واكتساب المهارات على المستوى العملي والمستوى الاجتماعي لا تأتي إلا من خلال العمل والعمل الجاد، فادفع نفسك في هذا الاتجاه، واسأل الله تعالى أن يسهل أمرك.
نشكرك على التواصل مع إسلام ويب.