سيطرت على حياتي وساوس الشرك وحرمتني السعادة والاستقرار

0 539

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلما ذكرت الله، ظهرت أمامي صور وخيالات لأشخاص، فيبدأ الشيطان يوسوس في نفسي وساوس الكفر، فأحزن من هذه الوساوس التي تعكر علي دعائي، وأخاف من الشرك، فأنا مخيرة أمام أمرين إما التوقف عن الدعاء، أو النظر إلى شيء آخر حتى تزول صورة الوساوس، أو تبقى عالقة.

قرأت عن الوساوس، فبدأت العمل على علاجها، تحسنت لفترة، ثم عاد الأمر نفسه بعد العلاج، فوسوس لي مرة أخرى بالشرك، خفت أن أشرك.

دائما يدور في نفسي حوار داخلي، فأقول: كيف لي أن أشرك؟ فيرد الوسواس: ألم يرك الناس وحجابك ناقص؟ ألم تذنبي بسبب أولئك الأشخاص؟ ذلك شرك، وأنت مشركة، ولست مثل باقي الموسوسين، أنت بالذات عملت ما يدور في نفسك، أي - أتتك وساوس الشرك، ثم فعلت الذنب ولم تتركيه، وقلت في نفسك كلام شرك -، فذلك شرك، وليس التعوذ والانشغال عن الأمر هو مخرجك من الشرك، بل هي قضية أكبر منك، وأنك سوف تموتين على الشرك، ثم أقول: لا ليس شركا، فأنا بقلبي مؤمنة بأن الله ربي، وهذه صور لناس هم عباد لله، والله هو خالقهم، إنها مجرد وساوس، وكل إنسان يخطئ، حتى أولئك الذين يعانون من الوساوس يذنبون مثلي، وعلاجهم هو التعوذ، والإعراض، وعدم التدقيق في صور الأشخاص الذين وضعت صورهم أمامي أو أمام الموسوسين مثلي، ثم بعد ذلك هجمت وساوس الكفر علي أو على من هم موسوسين مثلي، أشعر بأن هذا الكلام ينطبق على من هم بمثل حالتي.

شيخي الفاضل: هل فعلا عملت ما في نفسي، مع العلم بأن الوساوس كأنها تتعمد أن توسوس لي؛ وذلك حتى أشعر بالذنب، وحتى تجعلني أبدأ بالشك، والاستعاذة هي ما يجب علي فعله، ولكنني عملت ما في نفسي وأشركت، بالرغم من أنني أشعر بالنفور من الوساوس، وأظل في حالة من الخوف والشك، هل علي أن أفعل مثل باقي الموسوسين؟ أم أن هناك أمرا آخر؟ هل أنا مختلفة عن باقي الموسوسين؟ هل ما زلت على الإيمان؟

أنا متعبة جدا، وأشعر بأنني سوف أموت بسبب مخاوفي وتفكيري بأنني سأطرد من رحمة الله، أنا أحب ديني، وأكره الشرك والظلال، فأنا دائما أهرب من الشرك، إنني مقهورة وخائفة أن أكون قد عملت ما في نفسي، وأكون بذلك قد خرجت عن ديني.

نعم إنني أذنب مثل جميع الناس، وأستغفر أيضا، ما هو الحل؟ وهل أنا كما أتهم نفسي يا شيخي الفاضل؟ لقد أثقلت الدين على نفسي، وحينما أذنب، ألقي لومي على الوساوس، وأنها مرتبطة بما قمت به، وإنني مطرودة من رحمة الله، أنا خائفة هل كلما أذنبت وقال لي الوسواس بأنه كفر أكون قد أشركت؟ وعملت ما في نفسي؟ وهل الوساوس مرتبطة بالذنب؟ أم فقط يجب أن أستعيذ بالله منها، وأن أعرض عنها، وأترك الذنوب، هل ما زلت على الإيمان حين أترك الذنوب بسبب الوسوسة، وهل عملت بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (لم أعمل بها)، أم أن المقصود بالحديث النبوي الشريف أنه لم ينشرح لها صدري، ومع الأسف أنا موسوسه وأعاني من الوسواس القهري، وأنها تقال رغما عني حين أذنب؟ هل لم يعد ذنبي ذنبا وصار شركا، ولست أحاسب كغيري من المذنبين.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله المخلصة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، أن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يعافيك من هذه الوساوس، وأن يحفظ عليك دينك، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من الصالحات القانتات.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة -، فالذي أحب أن أبينه لك: أن الشيطان - لعنه الله -، عندما يرى الإنسان مجتهدا في العبادة والطاعة، فإنه يحرص على صرفه عن هذه العبادات والطاعات بأي وسيلة من الوسائل، ولذلك يستعمل صورتين من صور الحرب على الإنسان المؤمن:
الصورة الأولى: أن يزين له الشهوات.
والصورة الثانية: أن يوقعه في الشبهات.

ومعنى الشهوات: المعاصي الظاهرة، كالكذب، والتبرج، وترك الصلاة، والنظر المحرم، والكلام المحرم، إلى غير ذلك.

أما الشبهات: فهي التي يثيرها الشيطان في قلب العبد المؤمن، إذا عجز الشيطان عن إيقاع الإنسان في الشهوات؛ لأنه كان حريصا على الطاعة، وكان مجتهدا في مرضات الله تعالى، ويستحي من الله، ويلزم نفسه شرع الله، انتقل به الشيطان إلى حرب الشبهات القلبية، ولذلك هذا الذي تعانين أنت منه، والذي شرحته مفصلا في رسالتك، هو نوع من حرب الشيطان على قلبك، وذلك عن طريق إثارة هذه الوساوس التي تؤدي بك إلى الدخول في هذه الدوامة الكبيرة، والتي تضيق عليك صدرك، والتي تجعلك في حالة من الخوف والهلع والرعب وعدم الراحة، كل ذلك من كيد الشيطان.

ولذلك أول شيء أحب أن أبشرك به أن هذه الوساوس من علامات الإيمان؛ لأن الصحابة - رضي الله تعالى عنهم -، شكوا مثل هذا الأمر للنبي عليه صلاة ربي وسلامه -، فقال: أوجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذلك صريح الإيمان.

فإذا هذا الذي أنت فيه من علامات الإيمان، وليس من علامات الكفر، بشهادة النبي - عليه الصلاة والسلام -.

ثانيا: بما أنه مزعج وغير مريح، وأنه مؤلم، فهذا أيضا من علامات الإيمان، فعليك أن تستعيذي بالله تبارك وتعالى منه، بمعنى أن تقولي (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الوسواس الخناس) وتجتهدي في ذلك، وتحاولي كلما استعذت بالله أن تتفلي على يسارك ثلاث مرات، سواء في داخل الصلاة أو في خارج الصلاة.

الأمر الثالث - بارك الله فيك -، الذي أنت فيه حاجة إليه إنما هو احتقار هذه الأفكار وإهمالها، وعدم الالتفات إليها، مهما كانت هذه الصور أو الأفكار أو غيرها، حاولي كلما وجدت هذه الصور أمامك تبصقي عليها، وتمسحيها بنعلك، تمسحي البصقة بنعلك كما لو كنت تدعسيها أو تستحقرينها بطريقة أشد وأقوى.

رابعا: اجتهدي في عدم ترك مساحات فراغ طويلة في حياتك، حتى لا يملأها الشيطان بهذه الأفكار.

خامسا: حاولي قدر الاستطاعة أن تشتتي الفكرة عندما تأتيك، كلما تشعري أن الفكرة سوف تطل على رأسك وسوف تدخلين في مرحلة الوسواس، حاولي إذا كنت نائمة فقومي، وإذا كنت جالسة فتحركي، افتحي كتاب، شاهدي التلفاز، تكلمي مع الوالدة، اخرجي من الغرفة، تكلمي مع أحد، المهم أن تشتتي الفكرة، فمع تكرار هذه المقاومة - بإذن الله تعالى - سوف ينصرك الله تبارك وتعالى على الشيطان.

سادسا: عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى..

أما المعاصي فهي ليست كفر، ما دام الإنسان لا يستحل المعصية، يعني لا يرى أنها حلال فهي معصية شأنها شأن غيرها قابلة لعفو الله تبارك وتعالى ومغفرته، والله تبارك وتعالى وعدنا أن يغفر الذنوب جميعا، فإذا أيضا لا تلقي بالا لهذه المسألة من حيث تضخيم حكمها الشرعي، وإنما هي ذنب كأي ذنب من الذنوب، إن تاب منه العبد إلى الله تعالى تاب عليه وغفر له.

فإذا عليك باحتقار الفكرة كما ذكرت، وعدم الانتباه لها، ومحاولة تشتيتها، والاستعاذة بالله عز وجل، ولا تلقي بالا لهذا الكلام كله، وإنما هو نوع من كيد الشيطان، وبإذن الله تعالى سوف ينصرك الله عليه، لأن الله قال: {إن كيد الشيطان كان ضعيفا}.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات