السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أتوجه إليكم بعد الله بخصوص ما أعاني منه بخصوص مستقبلي.
أنا فتاة عمري 20 عاما، دخلت الجامعة في مجال غير مقتنعة به، ولا أطيقه، ولم أجتهد فيه أبدا، مع أنني حصلت على معدل جيد، وحلمي هو أن أصبح طبيبة، كنت متفوقة جدا في جميع مراحلي الدراسية الأولى، والكل يشير لي بالذكاء خاصة في المواد الأساسية (الرياضيات والعربي)، والمستوى بدأ في الانخفاض حتى وصلت إلى آخر سنة لي في المدرسة، وفي امتحان الشهادة لم أحصل على نسبة عالية تمكنني من الدخول في المجال الذي أرغب به، فاضطررت إلى دخول هذا المجال الذي لا أرغب به، وأنا الآن أفكر في الامتحان مرة أخرى حتى أصبح طبيبة، ولكنني أحاول الدراسة ولا أستطيع كما حدث معي من قبل، وقد شارف الامتحان على البدء.
وصلت لمرحلة سيئة جدا، حيث أنني ليس لي رغبة في ذلك المجال، وأريد تركه، وغير قادرة في الوصول إلى ما أرغب به، وأنا أعاني من أعراض شبيهة بالسحر، مثل: الصداع الشديد، والنعاس الشديد، وألم في أعلى الظهر والأكتاف، وكذلك مشاكل أخرى، غير الذي أراه كلما أردت النوم ليلا أو حاولت الدراسة، وكذلك كلما جاهدت نفسي أن أنتظم في صلاتي لا أستطيع أبدا، مع أنني قريبة من الله، وأدعوه كثيرا وهو يستجيب معظم دعواتي، أخاف أن يكون هذا سحرا، وإن لم يكن كذلك فما الذي أصابني؟
أرجوكم ساعدوني فأنا ليس لي رغبة سوى أن أصبح طبيبة، وهل أستطيع تحقيق حلمي؟ وهل يمكنني الاستعداد للامتحان هذا العام؟ وكيف يمكنني تحقيق ذلك؟
آسفة جدا للإطالة، وجزيتم خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Marwa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا: الاعتقاد بصورة مشوشة وخاطئة عن السحر والعين يضر بالإنسان، نحن نؤمن بهذه الثوابت: العين، والسحر، والحسد، وكل ذلك نؤمن به، لكن بكل أسف دخلت على مجتمعنا أفكار خاطئة، أفكار مشوهة، أفكار ليست صحيحة، أضرت بحياة الناس بشكل مفزع ومؤلم جدا، وهذا قطعا أدى إلى اضطراب كثير في الصحة النفسية للناس، هنالك الكثير من الشعوذة، هنالك الكثير من الإضافات الخاطئة.
أنا أقول لك إن السحر موجود، والعين موجودة، والحسد موجود، لكن الله خير حافظا، يجب أن يكون هذا قناعتك، وأفضل الرقية هي التي ترقيها على نفسك، وأفضل علاج ديني هو الالتزام بالعبادات، والصلاة على رأسها، والذكر، والدعاء وتلاوة القرآن.
الإنسان مكرم، الإنسان رفعه الله درجة عالية جدا {ولقد كرمنا بني آدم} لا يمكن للسحرة والدجالين والمشعوذين أن يتلاعبوا به، إلا إذا كان الإنسان ضعيفا هشا، فليس للشيطان سبيل ولا سلطان على المؤمنين ( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلىٰ ربهم يتوكلون (99) إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون}، واقرئي إن شئت: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}، واقرئي إن شئت: {وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله} واقرئي إن شئت: {إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله} فيا أيتها الفاضلة الكريمة امسحي تماما موضوع العين والسحر من رأسك، وتعاملي معه على الأسس التي ذكرتها لك.
النقطة الثالثة: فيما يخص الأكاديميات والدراسة، وأن أمنيتك هي أن تدرسي الطب، الأمنيات أمر جيد، ونسأل الله تعالى- أن يحقق للجميع أمنيتهم، لكن أنا لا أريد أن أحبطك، والذي أريد أن أقوله لك: إن دراسة الطب لها متطلبات، وفيه الكثير من المعاناة، هذا لا يعني أنه ليس لديك مقدرة، لكنني أخاف جدا أن تبدئي في دراسة الطب وبعد فترة تشعرين أنك قد تورطت في تخصص طويل جدا يتطلب سنوات وسنوات، وحتى بعد أن تتخرجي كطبيبة عمومية سوف تجدين أن الطب العمومي أصبح لا يساوي أي شيء إلا أن تبحثي بعد ذلك عن التخصص، وحتى التخصصات العمومية أصبحت قليلة الفائدة جدا، حتى في أسواق العمل المطلوب الآن التخصصات الدقيقة جدا.
أيتها الفاضلة الكريمة: انظري هذه النظرة الحقيقية والواقعية وذات المصداقية، أنا لا أحبطك أبدا، وأنا لا أختار للناس مساراتهم العملية حتى بالنسبة لأولادي، لكن التناصح والاستبصار مهم، وأنا أؤكد لك أنها توجد لديك فرصة عظيمة للتعليم، هنالك فصول، وهنالك شهادات صغيرة.
أعرف أحد الأخوة المهندسين تخرج من هندسة جامعة الخرطوم سنة 1995، هندسة مدنية، وكان إنسانا رائعا جدا، وبعد ذلك لم يشتغل بالهندسة، إنما درس الموارد البشرية، وحقق الكثير من الإنجازات فيها، كورسات صغيرة جدا، شهرين، ثلاثة، كان يحضر هنا وهناك، والآن تتخاطفه المؤسسات العالمية ليكون مديرا لإدارة الموارد البشرية لديها، فالإنسان يمكن أن يحقق الكثير والكثير.
أنت سيري في مسارك الأكاديمي، وأنا أقول: إن التعليم واحد، يتطلب الجدية والحزم، وأن نعرف قيمة العلم، من يفهم قيمة الشيء يجده، أي شيء.
ففكري على هذا الأساس، وسيري على هذا الطريق، ونظمي وقتك، واعلمي أن النوم المبكر عظيم جدا، فهو يعطي الإنسان شعورا بأنه منتعش، وأنه متقبل الحياة في الصباح، وما أجمل البكور، وصدق الصادق المصدوق – صلوات الله وسلامه عليه – حين قال: (بورك لأمتي في بكورها) وصدق الله تعالى حين أقسم بالفجر، وبالصبح إذا تنفس، ونحن نضيع الصباح، وهذه إشكاليتنا الكبيرة، من جرب أن ينجز في الصباح ساعة واحدة سوف يجد نفسه أن الدنيا قد فتحت أمامه بقية اليوم.
أيتها الفاضلة الكريمة: نظمي وقتك، من حقك أن تستمتعي بكل شيء، الأشياء الطيبة الجميلة في الحياة، والتواصل الاجتماعي، لكن يجب أن يكون هناك هدف، وأن يكون هنالك تنظيم للوقت، ويكون هنالك جدية في كل الأمور.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.