السؤال
السلام عليكم
لا أعرف من أين أبدأ، سؤالي؟
أنا بعمر 27 عاما، وأقترب من الزواج، ولكني لا أميل للجنس الآخر أبدا، بل أميل لنفس جنسي.
علما أني أشعر بداخلي أني رجل وليس أنثى، كبعض الأشخاص، ولقد قرأت كثيرا عندكم في هذا الموضوع، وفي موقعكم الكريم، ولكني أشعر أني غير مشابه لأي حالة لديكم قد أجبتموها عندكم.
حالتي تختلف، فأنا أشعر أني رجل، وأحب أن أبقى رجلا، وجسمي مشعر جدا، وكل مواصفات الرجولة موجودة، والحمد لله، لكني لا أميل للنساء، وهذا الشعور منذ الصغر لدي، كما أني لا أرغب بممارسة الجنس مع الرجال، فقط أميل لهم شعوريا.
أنا تعبت نفسيا أكثر مما تتصورن، وأنا شخص ملتزم في ديني، وكل من رآني يمدحني، وبأخلاقي، لكن هذه الابتلاء منكد على عيشتي.
دعوت الله بليالي القدر وغيرها، وأبكي مع نفسي تحت الفراش، وأحيانا أصبح أفكر بالانتحار للأسف، لأني إنسان غير سوي.
بدأت بالإحساس أن شخصيتي ضعيفة، ولم أعد أتحمل أكثر، والله إني تعبت جدا، وأصبحت شخصا ضائعا تائها، لا أعرف ما الحل؟
أسألكم عن قوم لوط، هل صحيح أن قوم لوط لم يكن لديهم ميل لنفس الجنس، أي أنهم كانوا يعملون الفاحشة فقط لمجرد اللهو والتسلية أم كان لديهم ميل لنفس الجنس؟ وما مصيري في هذه الحالة؟
أرجو منكم إجابتي بشيء يقنعني، مع التذكير أني قرأت جميع إجاباتكم عن الحالات المشابهة، ولكني أشعر أني غير عنهم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أبشرك أنك لا تعاني من الجنوسية المثلية، هذه المشاعر التي تأتيك حيال بني جنسك من الرجال تحدث لبعض الناس، وأنت تعرف خطورتها وتعرف قبحها، وهي أخذت الطابع الوسواسي التفكيري.
أخي الكريم: حقر هذا الفكر تحقيرا تاما، وحين تأتيك فكرة من هذا القبيل اربطها بأمر سخيف، أمر مقزز، مثلا تتذكر حادثا بشعا، - كارثة سقوط طائرة مثلا - وتربطها مع فكرة المشاعر الإيجابية حيال الرجال.
اذهب وشاهد الجنائز وصل عليها واحضر دفنها، وقف على القبر حين ينزل الميت، وتذكر مشاعرك حيال الرجال، هذا يسمى بالعلاج التنفيري الجيد جدا، إذا أخذه الإنسان بجدية متناهية يفيد كثيرا.
أخي: عليك بالدعاء، الدعاء سلاح المؤمن، وقل: (اللهم طهر قلبي، وحصن فرجي، واغفر ذنبي) واستغفر الله كثيرا، وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم كثيرا، حين تأتيك هذه المشاعر حيال الرجال.
أقول لك: أقدم على الزواج، قد تستغرب وتقول: كيف أقدم على الزواج وأنا ليس لدي ميول للنساء؟! أقول: الميل نحو النساء يأتي -إن شاء الله تعالى- في ليلة الدخلة، لا تستغرب كلامي هذا، الأحاسيس والاحتكاكات الجسدية واللحظة الوجدانية تثير الرجل - أيها الفاضل الكريم -.
لا أريدك أبدا أن تختبر نفسك جنسيا وتقول: ليس لدي مشاعر نحو النساء، لا، المشاعر موجودة، لكنها دفينة، والفكر الوسواسي هو الذي سيطر عليك.
أنت أيضا ستستفيد من علاج دوائي، وهو الـ (فافرين Faverin) والذي يعرف علميا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine).
هذه المشاعر فيها طابع وسواسي، لأنك خير، لأنك نقي، ولأنك طاهر فهي متسلطة عليك، وهي ليست شهوة حقيقية.
عقار فافرين، يتم تناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلا، وتستمر عليها لمدة عام، وهذه ليست مدة طويلة أبدا، بعد ذلك اجعلها خمسين مليجراما لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
أيها الفاضل الكريم: اجعل لحياتك معنى، انضم لحلقات حفظ القرآن، انضم للجمعيات الاجتماعية والخيرية والثقافية، مارس الرياضة، كن دائما في مجالس الرجال، احضر الأفراح والأعراس، وتمنى أن تكون أنت في موقف ذلك المعرس، هذه توجيهات بسيطة لكنها ذات فعالية كبيرة.
بالنسبة لسؤالك حول قوم لوط، لكني لا أريد أن أشغل نفسك وسواسيا بهذا الأمر، أمر قوم لوط - مع معرفتي المتواضعة - أقول لك:
كانت حالة معينة، الحكمة من ورائها لا يعلمها إلا الله، وأتفق معك أن هؤلاء الناس لم يكن لهم شهوة حقيقية، إنما كان هناك تسلط لممارسة الفاحشة، قال الحق عز وجل: { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون}، وكان الموضوع بالنسبة لهم افتخار واعتزاز بممارستهم القبيحة، حتى انتكست فطرتهم وقالوا: {أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون} فكانوا يرون أنفسهم هم الأحق بالوجود وهم الطبيعيون وغيرهم غير طبيعي.
ذلك كان حكمة عظيمة من رب العالمين، ليكون درسا وموعظة للزجر لمن اقترف اقترافهم وفعل فعلهم، {وما هي من الظالمين ببعيد}.
لا تشغل نفسك بالموضوع، ولا تسرف في تفسيره، لأني لا أريد النمط الوسواسي يطبق على تفكيرك.
حفظك الله، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.