السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الماضي كنت إنسانة اجتماعية، وأحب مساعدة الجميع بمختلف طبقاتهم، كنت كتلة من الفرح والضحك، ولكنني اليوم أصبحت كتلة من الصمت والحزن.
منذ أربعة أعوام مضت، وفي إحدى الليالي، وحينما صحوت من النوم، وكنت في حالة من الخوف والرعب، تخيلت بأن الموت كان بجانبي، وكنت أرتعش بشدة، وأشعر بأنني أرى ملك الموت أمامي، منذ تلك الليلة وأنا متعبة جدا، وأصبح الموت مرتبطا بجميع أمور حياتي، أشعر بأنني حينما أريد الرد على هاتفي بأنني سوف أموت، وحينما أمسك شيئا أشعر بأنني سوف أموت....الخ، أشعر بأن حياتي أصبحت مقيدة.
ذهبت للطبيب النفسي، وشخص حالتي بأنها وسواس قهري وقلق، استخدمت علاجات بسببها تدهورت حالتي، فلجأت إلى الرقية الشرعية باقتناع تام، وقال لي الشيخ بأنني أعاني من العين، بعد الاستمرار والمواظبة على الرقية الشرعية، تحسنت حالتي – بفضل الله -.
قام أحدهم وعمل لي سحرا - سحر تفريق الزواج -، لقد أنهكني، ولكن - بفضل الله - بدأ السحر ينفك مني، وتحسنت حالتي، ولكنني أشعر برجوع وسواس الموت من جديد وبشدة، أشعر بقلق شديد ومخاوف من أي ألم يصيب جسمي، أتصوره مرضا خطيرا، ولا أستطيع النوم، وأشعر بالرعشة في جسمي كاملا، وألما في قلبي، وأشعر بأنني مثقلة بالهموم.
حينما يقول لي زوجي كلاما جميلا أبدأ بالشك والوسواس بأنني سوف أموت، أو أن زوجي سوف يموت، أو أن أمرا ما سيحدث، وأظل في حالة من الخوف والقلق، وتكون أعصابي مشدودة، أي أمر يحدث لي أشعر بعده بأنني سأموت، لا أريد تناول الأدوية، أريد علاجا سلوكيا.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ love حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
رسالتك واضحة ومفهومة جدا، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب، وأقول لك: إن الذي حدث لك هو نوع من الإحباط والإجهاد النفسي الشديد، وهذا قطعا يؤدي إلى الشعور بكدر وتعكر في المزاج، وهو صورة من صور الاكتئاب، ثم بعد ذلك سيطر عليك فكر المخاوف الوسواسية، خاصة حيال الموت كما ذكر لك الأخ الطبيب.
أيتها الفاضلة الكريمة: هذه الحالات تعالج من خلال أن يجلس الإنسان مع نفسه، ويقيم وضعه، ولا يقبل الفكر السلبي، ولا يقبل الأفكار السخيفة، ويجب عليك تجديد حياتك، من خلال أن تتمسكي بمشروع عمر، اجعلي لحياتك هدفا بمعنى آخر، أهدافا قريبة المدى، أهدافا متوسطة المدى، أهدافا بعيدة المدى، وهذه تجعل الحياة في نمط انتظامي منضبط، الإنسان الذي يعيش حياته في فراغ ودون هدف واضح تختلط عليه الأمور، قد يصيبه الإحباط، وإن كان لديه أي اكتئاب سوف يتمكن منه، إذا هذا هو الأساس، الإرشادي الرئيسي الذي أوجهه لك.
الأمر الآخر هو: دائما كوني إيجابية في تفكيرك، أنت الآن يهيمن عليك الفكر السلبي، اجردي حياتك، سوف تجدين فيها إيجابيات عظيمة جدا، نمي هذه الإيجابيات، واقبلي ذاتك - هذا مهم جدا -، قبول الذات يقودنا إلى تطورها، بعد ذلك اسعي فعلا لتطوير ذاتك، وتقليص السلبيات الموجودة في حياتك.
لا بد أن تحسني إدارة وقتك، الاكتئاب يتصيد الناس من خلال الفراغ الذهني والمعرفي، وكذلك الفراغ الزمني، الواجبات أكثر من الأوقات - أيتها الفاضلة الكريمة - والحياة ممتعة، استفيدي منها على هذا الأساس، لا تخافي من المستقبل، لا تتحسري على الماضي؛ لأنك إن انتهجت هذا المنهج - أي منهج الحسرة على الماضي والخوف من المستقبل -، سوف تفقدي الحاضر، والحاضر هو الأهم.
قضية الخوف من الموت هي جزء من ضعف النفس وإجهادها الذي أتاك، والموت لا شك أنه حق، لا أحد يجادل في ذلك أبدا، والخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان، ولا ينقص من عمره، والإنسان يعمل لما بعد الموت، وأنت مدركة لهذا.
أما موضوع السحر: لا أريدك أن تخوضي في هذا الموضوع كثيرا، أنا أؤمن بالسحر، لكن أؤمن أن الله سيبطله، وأن الله لا يصلح عمل المفسدين، وأؤمن أن هنالك شعوذة، وهنالك دجل، وهنالك كهانة، وأن هناك عرافين، وهنالك الكثير من الخزعبلات، وهنالك من استفاد من هذه الأوضاع، حتى المرضى يستفيدون حين يقال لهم (أنت مسحور)، فيتكاسل، ويتراخى، ويستسلم، ويكون دائما يدا دنيا، يريد من الآخرين، فيترك عمله، فيترك دوره الاجتماعي، استفادة كبيرة جدا من هذه الأوضاع، وهذا أمر مؤسف، نحن الآن في علوم السلوك هذا يسبب لنا هما كبيرا، وهنالك جهات أخرى مستفيدة من الزعم بوجود سحر أو حسد أو مس، والأمر قد يكون أمرا نفسيا أو غير ذلك.
فإذا هذا الأمر حرري نفسك منه من خلال شيء بسيط: أن تؤمني أن الله تعالى حافظك، وأن تصلي صلاتك بخشوع، وأن تجتهدي في الدعاء، وأن تداومي على أذكارك، وأن ترقي نفسك بالقرآن والسنة، والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين، ولا يوجد أكثر من ذلك.
كنت أتمنى أن تقبلي علاجا دوائيا بسيطا، مثل: عقار يعرف علميا باسم (ديولكستين) (Duloxetin)، ويسمى تجاريا باسم (سيمبالتا) (Cymbalta)؛ لأن هذا سوف يكمل لك الرزمة العلاجية، لكني أحترم وجهة نظرك التي تقول: إنك لا تفضلين الأدوية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد