السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود استشارتكم حول مشكلة أخي الصغير، والذي يبلغ من العمر 12 سنة.
منذ شهر أو أكثر وأخي دائم البكاء والشكوى لأمي، فهو يشعر بالتعب والضيق، ولا يريد الذهاب إلى المدرسة، يقول أخي بأن أحد المعلمين قام بضربه على وجهه، ولا أحد من زملاء فصله يريد محادثته أو الجلوس معه، على الرغم من أنهم كانوا يجلسون معه في السابق، حينما كان صديقه السابق يدرس معه قبل انتقاله لمكان آخر.
أخي حساس جدا، ويبكي بسرعة لأتفه الأسباب، ولأي نقاشات أو مشاجرات قد تحصل، يقول أخي لأمي بأن أبي أقفل عليه في مكان ما، ولم يكن لديه إلا أمي وجهاز الأيباد، ولعبة البلاي ستيشن، منذ أشهر لاحظنا أن أخي يحب العزلة، ولا يريد الخروج، فقط يريد الجلوس بالمنزل واللعب بداخله.
في الأشهر الأخيرة ازدادت حساسية أخي كثيرا، وصل به الحال حينما يتكلم مع أحد ما، ولا يرد عليه، يبدأ بالتأويل والقول: بأن هذا الشخص قام بسفهي وعدم الاهتمام لأمري, وإنني حينما أطلب منكم شيئا تتهاونون به ولا تحضرونه لي.
أخذته أمي إلى الطبيب النفسي، وتكلم معه الطبيب، وشخص حالته بأنها اكتئاب شديد، ووصف له علاجا هو (سبرالكس)، يأخذه في البداية نصف حبة من 10، وبعد أسبوع يأخذ حبة كاملة.
سألت أمي الطبيب المعالج، هل يمكن إعطاء طفل مثل هذا الدواء؟ فأجاب بنعم، وحينما ذهبنا إلى الصيدلي تفاجأ وقال: كيف للطبيب أن يصرف لطفل هذا العلاج؟ فخافت أمي من كلامه، وتوقفت عن إعطاء أخي الدواء.
المشكلة أن أخي سمع الطبيب وهو يشخص حالته، ويقول لأمي بأنه يعاني اكتئابا شديدا، علما بأن الطبيب طلب منه الخروج للتحدث مع أمي، وصل الحال بأخي اليوم بأنه لا ينام ليلا، ودائم البكاء، ولا يهدأ إلا حينما تسمح له أمي بالتغيب عن المدرسة، قبل يومين أعطته أمي نصف حبة من (تريبتزول)؛ لأنه نافع للأطفال.
أخيرا، لدينا في العائلة وراثة لمرض نفسي أمي تعانيه، وأنا وإخوتي الاثنتان وأخوالي.
أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sakura حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله تعالى لهذا الابن العافية والشفاء.
أيتها الفاضلة الكريمة: هذا الابن يعاني من قلق الفراق؛ لأنه حدث له حادث كبير في المدرسة، وهو أن أحد المعلمين قام بضربه على وجهه، أنا لا أنتقد المعلم، ولكن قطعا ربما تكون هذه المنهجية ليست صحيحة، وقد حدث له جرح نفسي كبير جعله يفضل أمان البيت، خوفا من الفراق، لأنه لا يريد أن يذهب إلى المكان الذي ضرب فيه، وبعض الأطفال لديهم هشاشة نفسية، هذه الهشاشة النفسية تجعلهم يستغلون أبسط الحوادث، حتى يتخذوها وسيلة ومطية لأن يبتعدوا من المدرسة، الطفل لا يمثل قطعا، ولا يتصنع، ولا يدعي، لكنه استفاد من آليات نفسية سلبية.
العلاج في المقام الأول ليس دوائيا، مع احترامي الشديد لكل من وصف له الدواء، لكن هذا الطفل لا بد أن يشجع، لا بد أن يحفز، لا بد أن يطمأن، لا بد ألا يخاف من أحد، دعي والده يذهب إلى المعلم ليتحدث معه، لا أقول إن المعلم يعتذر له، لكن المعلم يجب أن يكون هو المصدر الذي يبعث الطمأنينة في نفس هذا الطفل، مهمة جدا أن يقابل هذا المعلم، وأنا متأكد أن المعلم كرجل تربوي سوف يقبل أن يقابله، وسوف يطمئنه، لا أقول يعتذر له؛ لأن سلطة المعلم يجب أن تحفظ، هذا هو المفتاح الأساسي لعلاج هذا الابن.
بعد ذلك يجب أن تتاح له الفرصة بأن يلعب مع أقرانه، ادعوا من في عمره من أهلكم ومن أصدقاء الأسرة ليحضروا إليه، ليخرجوا معه، ما داموا هم رفقة مؤتمنة.
دعوه يشعر بكيانه داخل البيت، لا بد أن يؤدي ترتيب خزانة ملابسه، يرتب فراشه في الصباح، يجلس مع أعضاء الأسرة، دعوه يذهب مثلا مع الوالد أو معك، ويقوم هو بشراء الأغراض الأسبوعية للمنزل، هنا نكون أعطيناه شعورا بالوجود، شعورا بالكينونة، وهذا هو العلاج الأساسي.
أما استعمال الأدوية حتى وإن كان لديه اكتئاب ظرفي، فالأدوية قد تكون فاعلة، (السبرالكس)، بعض الأطباء يعطونه، لكن الدواء الأسلم في هذه الأعمار هو عقار يعرف باسم (بروزاك )(Prozac)، ويسمى علميا باسم (فلوكستين )(Fluoxetine)، أو الأدوية القديمة نسبيا من ثلاثية الحلقات، مثل عقار يعرف تجاريا باسم (تفرانيل )(Tofranil)، ويعرف علميا باسم (امبرمين)
(Imipramine)، بجرعة خمسة وعشرين مليجراما، لكن يجب أن نترك أمر الدواء للطبيب الذي قام بفحص هذا الابن حفظه الله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد