السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لقد سبق لي إخوتي أن استشرتكم في شأن الوسواس القهري الذي أعاني منه، -وبحمد الله- استفدت كثيرا من نصيحتكم لي بأخذ الدواء، رغم أن ذلك قرار صعب بالنسبة لي، ولكنني سآخذه -إن شاء الله- بعد الانتهاء من اختباراتي مباشرة.
ولكن لدي سؤالان، الأول: هل بإمكاني أخذ الدواء دون الذهاب إلى الطبيب؟ وإذا كانت الإجابة لا، فهل تعرفون طبيبة ذات دين، وخلق، وعلم، وتكون ثقة في الأردن، وتحديدا في عمان؟
وسؤالي الثاني: لقد كان الوسواس عندي بالعقيدة، واعترتني شكوك كثيرة، فأصبح إيماني متزعزعا، وأشعر برغبة في البحث عن إجابات لكل الشكوك التي تراودني، فهل هناك مشكلة في ذلك؟ وهل إذا قرأت القرآن بتفكر وتدبر للآيات هل أكون مخطئة؟ وهل إذا مت قبل أن أصل إلى اليقين سيكون مصيري سيئا؟ وهل هناك كتب يمكن أن تساعدني في هذا المجال؟
أرجو مساعدتي في الوصول إلى اليقين، فقد اشتقت لحياة بدون شك.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راما حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أنا سعيد جدا أن أعرف أنك قد اقتنعت بتناول الأدوية المضادة للوساوس -وإن شاء الله تعالى- هذا سوف يكون فيه تفريج كبير لمعاناتك، لأن الوساوس بالفعل ممزقة للنفس جدا، وتناول الدواء يتطلب الالتزام، ويتطلب أن تكون الجرعة كاملة، وقطعا ذهابك إلى الطبيبة سيكون أمرا إيجابيا جدا، لأن المتابعة ممتازة، والمتابعة مطلوبة.
يا أيتها الفاضلة الكريمة: اذهبي إلى أي طبيب، أو طبيبة من الثقة الموجودين في الأردن، وأحسب أن كل طبيب لديه رخصة لمزاولة المهنة يجب أن نعتبره طبيبا ثقة، وليس لدي اسم معين أذكره لك، أعرف الكثير من الأطباء في الأردن، لكن أحسب أنهم جميعا ممتازون -وإن شاء الله تعالى- جميعهم على حق فيما يخص علاجك، وحالتك أصلا بسيطة، ومباشرة جدا من الناحية التشخيصية وخطة العلاج، فأرجو أن تذهبي وتقابلي الطبيب أو الطبيبة.
بالنسبة لسؤالك الثاني: هو ليس غريبا، ومحاولات منك لأن تخترقي وساوسك من خلال النقاش، ومن خلال الحوار، وهذا أيضا من طبيعة الوساوس، قطعا لا أحتكر عليك فكرا، ولا أريد أن أحرمك من أي معرفة، ولكنني أقول لك: حاولي أن تكوني وسطية، جالسي أهل العلم، فكتب الأصول معروفة جدا ويمكنك الرجوع إليها، ولكن احذري من الانتشار والتوسع الوسواسي، الذي قد يجرك إلى الحوار الوسواسي السلبي، مما يوطد ويقوي الوساوس.
أيتها الفاضلة الكريمة: شعورك بأن إيمانك متزعزع، هذا جلبه لك الوسواس، فاستعيذي بالله تعالى من الشيطان، وأنا أؤكد لك أن إيمانك صادق -إن شاء الله تعالى- وأعرف من جعلتهم الوسواس يتركون بعض عباداتهم، وهذا أمر محزن جدا، فهم لم يتركوها إنكارا ولا تكاسلا، ولكن درءا للوساوس، وأعرف من يعاني وساوس في الوضوء، فترك الصلاة لأنه لا يستطيع أن يتوضأ، جره الشيطان إلى هذا الأمر.
فيا أيتها الفاضلة الكريمة: كوني صارمة جدا في وجه الشيطان، وخذي بالأسباب وهي العلاج، كالعلاج الدوائي، والعلاج السلوكي، ولا تسرفي في حوار ونقاش الوساوس، هذا أمر مهم جدا -وإن شاء الله تعالى- سوف يفيدك الشيخ أحمد الفودعي فيما تطمئن إليه نفسك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الشيخ أحمد الفودعي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- مجددا في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية، وأن يذهب عنك هذه الوساوس، ونحن نؤكد ما نصحناك به سابقا من الأخذ بالدواء سواء الحسي، أو المعنوي، ونحن نؤكد ثانية هنا أيضا أن أمثل دواء لهذه الوسوسة هو الإعراض عنها، وعدم الاسترسال معها، وهذه هي الوصية النبوية، وهي سيدة الوصايا، وخير الأدوية وأمثلها، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما ابتلي بشيء من الوساوس، قال: (فليستعذ بالله ولينته).
فهذان دواءان نافعان -بإذن الله- يقتلعان الوساوس من جذورها، فنوصيك بالصبر عليهما، والثبات على تعاطيهما:
الأول: الاستعاذة بالله تعالى كلما خطر لك خاطر من هذه الوساوس.
والثاني: أن تنصرفي تمام الانصراف عن التفكير في ذلك الوسواس، فلا تسترسلي معه، ولا تبحثي عن أجوبة عنه، والشيطان يفرح كل الفرح حين يراك متفاعلة مع هذه الوساوس، وتبحثين عن أجوبة لإسكاتها وإقناعها، فيفجر لك وساوس جديدة ويجرك إلى مربعات أخرى.
ومن ثم فنحن نوصيك بأن تجاهدي نفسك للإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها، وستشعرين -بإذن الله تعالى- بزوالها عن قريب، ولا تضرك هذه الوساوس في دينك، ولا تنقص من إيمانك، فأنت -والحمد لله- على الإسلام والإيمان، وخير دليل على وجوده: هذا الألم الذي تجدينه في قلبك حين تراودك هذه الوساوس، وقد عد النبي -صلى الله عليه وسلم- نفور الإنسان من هذا الوساوس وكراهته لها دليلا صريحا على وجود الإيمان في قلبه، فقال لمن شكا إليه أنه يجد ذلك، قال: (ذاك صريح الإيمان).
واليقين سيصل إلى قلبك بتفكرك بمخلوقات الله تعالى من حولك، ففي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد، وما أكثر الأدلة التي تغرس في نفسك اليقين، إذا تفكرت أنت في خلقك، وفي نفسك، وما فيك من دقائق الخلق الدالة على قدرة الخالق -سبحانه وتعالى- وتمام علمه، وكمال حكمته وقدرته وقوته، فالتفكر في الكون، وفي مخلوقات الله تعالى يصنع في الإنسان اليقين.
نوصيك بالإكثار من قراءة القرآن، ولزوم الأذكار، لا سيما الأذكار الموظفة، وعدم الاختلاء بنفسك كثيرا، وملازمة مجالس الصالحات من النساء، والاستماع إلى العلم النافع الذي ينفعك في دينك، والاشتغال بما ينفعك من أمر دنياك، وبذلك ستقضين -بإذن الله تعالى- على هذه الوسوسة.
نسأل الله تعالى لك العافية، وأن يأخذ بيدك إلى كل خير.