أحب مجال دراستي لكني لا أذاكر مطلقًا ولست متفوقًا فيه .. هل هذا غضب من الله؟

0 339

السؤال

السلام عليكم

منذ صغري كنت مجتهدا جدا في دراستي، وكنت أحصل على المركز الأول دائما، حيث أني في الصف السادس الابتدائي حصلت على المركز الأول على مستوى محافظة الجيزة، وفي الصف الثالث الإعدادي حصلت على المركز الأول على مستوى المدرسة، وعندما التحقت بالصف الأول الثانوي انقلب حالي رأسا على عقب، لم أعد أذاكر كما ينبغي؛ بسبب انشغالي بالهاتف المحمول، وقضاء وقتي كله عليه، إما بالكلام أو الدخول على الإنترنت بالساعات، وأصبحت كسولا.

في الثانوية العامة حصلت على مجموع ضعيف لم يؤهلني لدخول كلية الهندسة التي كنت أتمناها، ومع ذلك وثق أهلي بي، وقالوا لي: إني سوف أنجح بها، وأدخلوني إحدى الجامعات الخاصة الجادة التي لا يوجد بها الهرج واللهو الموجود في الجامعات الأخرى، وفي أول العام كنت مجتهدا، ولكن ليس مثل اجتهادي في طفولتي، والآن أنا مقبل على الامتحانات، وأنا لا أذاكر مطلقا، مع أني أحب مجال دراستي، فهل حالي هذا هو غضب من الله، أم أني تعودت على الكسل في المرحلة الثانوية؟

أريد من سيادتكم طريقة تحفزني، وتشجعني على المذاكرة؛ لأني دائما أشعر أني لا أرغب في المذاكرة، بالرغم من حبي للمواد التي أدرسها، وأريد أدعية لصلاح حالي، وللتقرب من الله.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بهذا السؤال.

كم نفرح عندما يكتب لنا شاب لاحظ على نفسه بعض التراجع، وهو يريد ويعزم على الإصلاح وشد الهمة لما كان عليه في الماضي.

يبدو أن استعمالك للإنترنت والجوال قد أصبح مشكلة واقعية، نعم هناك الآن تشخيص سلوكي معروف وهو "إدمان الإنترنت" أو غيره من وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك مراكز متخصصة الآن لعلاج مثل هذا "الإدمان السلوكي" فليست كل الإدمانات هي إدمانات على المواد الكيميائية!

نعم كثرة الوقت الذي تقضيه على النت، يمكن أن يفسر قلة اهتمامك بالدراسة، ولا نحتاج أن نفسر ضعف الرغبة هذا بغضب الله... فأمامنا مبررات واضحة تفسر ما حدث، وهي أمور منتشرة بين الشباب خاصة، وليست أنت فقط.

وكثير من هؤلاء الشباب استطاع تغيير ضعف اهتمامه بالدراسة والمذاكرة، واستعاد حماسه ونشاطه عن طريق تغيير تعامله مع النت ووسائل التواصل.

أعتقد أنك في حاجة إلى تحديد ماذا تريد؟ وما تجب أن تعمله؟ وكيف ستقضي أوقاتك؟
وبعد أن تجيب على هذه الأسئلة وتحدد أهدافك، وقد يكون منها: التحصيل التعليمي العالي وبالشكل المتقدم في متابعة الجامعة، وخاصة مما ذكرت من طموحاتك في التحصيل، المهم أن تخطط لحياتك، وتقوم بالعمل على هذه الأهداف.

وأما استعمال النت، والشعور بضعف الحماس، فكلها أعراض متفهمة؛ بسبب ضعف استغلال الوقت.

طبعا هناك أمور أخرى كثيرة يمكنك القيام بها، وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

• أغلق الجهاز، وضعه بعيدا عنك.

• أعط الجهاز لأحد أفراد أسرتك، واطلب منهم ألا يعطوك إياه إلا بعد ساعتين مثلا أو أكثر.

• اترك الجهاز في البيت، وحاول أن تدرس وتنهي أعمالك في مكتبة الجامعة، أو المكتبة العامة.

• حدد وقتا لاستعمال النت والجوال، بحيث بعد ساعة مثلا أطفئ الجهاز، أي لا تنقطع كليا عنه فأنت تحتاج إليه، وإنما حدد وقتا مخصصا.

• ادرس مع صديق أو قريب لك، بحيث تلتزم بالجلوس معه طول مدة الدراسة.

• خصص يوما في الأسبوع لا تستعمل فيه الكمبيوتر، وإذا استطعت يمكن أن تجعله يومين.

• حدد وقتا في المساء كآخر ساعة تستعمل فيه الجهاز، فمثلا لا استعمال بعد الساعة 8 مساء.

• حدد وقتا في أثناء النهار بلا جهاز، مثلا بين الساعة 12 ظهرا و8 مساء، بحيث تكافئ نفسك على الدراسة باستعماله بعد هذه الساعة.

وهكذا ترى أن هناك وسائل كثيرة يمكننا من خلالها أن ننظم أمور حياتنا، بحيث نسيطر على ظروفنا ولا نجعل ظروفنا تتحكم بنا، وربما العنصر الأساسي في نجاح هذه الإجراءات هو صدق العزيمة، واتخاذ الأسباب، وكما يقول تعالى في موقف مشابه عن مدى استعداد الإنسان للقيام بعمل ما، أنه يحتاج صبرا وعزيمة، {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة}.

أرجو منك الآن، وبعد قراءة جوابي هذا أن تطفئ الجهاز، ولا تعود إليه إلا بعد ساعتين من الآن، وسترى كيف يمكن علاج المشكلة، ومن نفسك، ولكن لا بد من اتخاذ الخطوات البسيطة هذه.

وبالنسبة للأدعية، أفضل الدعاء أن تدعوه تعالى بما في نفسك، وتخاطبه تعالى بحاجاتك، وأنت أدرى بها.

وفقك الله، وأرجو أن تكتب لنا تفاصيل نجاحاتك.

مواد ذات صلة

الاستشارات