السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من خدمة للإسلام والمسلمين، أنا أعاني من خوف وفزع وهلع واكتئاب وقلق وتوتر؛ لدرجة أني لا أحس بطعم الحياة، وأفكاري دائما سلبية، وهذا حدث لي عندما كنت في المستشفى، ورأيت بعض جثث الحوادث أمامي من بعد هذا المنظر انقلبت حياتي وصرت أخاف من كل شيء، علما أني أعمل في منطقة تبعد عن بيتي حوالي 100 كلم.
وأنا في الطريق إلى العمل أتخيل أني سوف أرى حادثا شنيعا أمامي وموتى، وتتمثل لي صورة ذهنية سيئة، وأبقى في خوف حتى أصل إلى الدوام، وهكذا حتى في العودة من الدوام، وصرت أخاف من السفر، وقد قل خروجي من البيت بسبب هذه الأفكار والتخيلات، أيضا عندما أكون في السيارة أحس ببرودة في أطراف أصابعي، حاولت التغلب على نفسي، وعلى هذه الأفكار، ولكن دون جدوى من ذلك، لدرجة أني عندما أرى حادثا مروريا أمامي أحاول تجنبه، وأبحث عن طريق آخر، وضربات قلبي تزيد في هذه اللحظة.
أخاف من الظلام والبقاء في البيت وحيدا، أعاني كثيرا من هذه الحالة، أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ali khaled حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أيها الفاضل الكريم: حالتك هي مثال حقيقي لما نسميه بالمخاوف المكتسبة، تشكلت عندك صورة ذهنية، وهي صورة موت الحوادث، وهذه قطعا مواقف ليست سهلة، مواقف عظيمة، مواقف تحس فيها برهبة الموت، وهذا أدى إلى تكوين صورة ذهنية وجدانية دماغية لديك، أدت إلى تكوين شيء من المخاوف، والوسواس حول الموت.
فيا أخي الكريم: حالتك ببساطة هي حالة سلوكية وجدانية مكتسبة، أفضل ما نسميه بها هي (مخاوف وسواسية)، وإن شاء الله تعالى الحالة بسيطة، أنا على ثقة تامة أنك تدرك حقيقة الموت على أصوله الشرعية، ولا شك في ذلك، فيا أخي الكريم: اسع، وأكثر من الدعاء والذكر، واسأل الله تعالى أن يحفظك ويطيل من عمرك في عمل الخير، وأسأل الله تعالى أن يرحم موتانا وموتاكم وموتى جميع المسلمين. هذه هي النقطة الأولى.
النقطة الثانية – أيها الفاضل الكريم - أن تتناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف الوسواسية، الدواء هنا سوف يفيدك جدا؛ لأنه سوف يبني لك قاعدة تزيل هذا الخوف، وحين يزيل الخوف من خلال تناول الدواء عليك أن تسخر وتفعل آلاتك وأدواتك ودفاعاتك النفسية الداخلية التي وهبها الله تعالى لك من أجل التخلص من المخاوف.
ويا أخي الكريم: حين تكون في السيارة مثلا لماذا لا تستمع لشيء من القرآن الكريم من قارئك المفضل على سبيل المثال، هذا يصرف عنك الكثير من المخاوف الوسواسية، واحرص على دعاء الركوب، دعاء الركوب أقول لك وبكل تواضع على النطاق الشخصي وجدته أنه دعاء عظيم، إذا طبقه الإنسان واقتنع به، وكان يأخذه بيقين تام، لا وجل ولا خوف، لا في السيارة ولا في طائرة، ولا في غيره، فاحرص عليه أخي الكريم.
كذلك عليك بالصدقة، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بادروا بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطاها)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب).
الدواء الذي أريدك أن تتناوله هو عقار يعرف تجاريا باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علميا باسم (استالوبرام Escitalopram)، أنت لم تذكر عمرك، لكن أحسب أنك فوق العشرين عاما، الجرعة التي تناسبك هي جرعة صغيرة، تبدأ بخمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – تتناولها يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة (عشرة مليجرام) تناولها أيضا يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذه الجرعة جرعة بسيطة وصغيرة، والسبرالكس دواء رائع جدا، ليس له آثار جانبية حقيقية، فقط في بعض الأحيان قد يفتح الشهية قليلا نحو الطعام، كما أنه قد يؤخر القذف المنوي قليلا عند بعض المتزوجين، لكنه قطعا لا يخل بهرمون الذكورة أو الإنجاب عند الرجل، وكذلك عند المرأة.
إذا هذا هو الذي أراه، وأعتقد أنه ليس لديك أي مشكلة، المشكلة بسيطة، والحلول بسيطة، وأنا أعرف أنها مزعجة لك، لكن الله تعالى سوف يصرفها عنك.
أخي الكريم: انتبه لعملك، وتواصلك الاجتماعي، وطور من ذاتك، ومارس الرياضة، وتمارين الاسترخاء مفيدة جدا لإجهاض الآثار الفسيولوجية للمخاوف وللوساوس، وهذه الآثار الفسيولوجية تظهر في شكل تسارع في ضربات القلب وشيء من البرودة والرعشة، إذا هذه التمارين أيضا مفيدة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.