السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة أرسلت لكم قبل عدة شهور بخصوص أنني مصابة بالوسواس القهري، ونصحني أحد الأفاضل هنا باستخدام البروزاك، واستخدمته لمدة شهر تقريبا، وتوقفت عنه؛ لأنه سبب لي صداعا قويا، وعدم القدرة على النوم.
أنا مصابة بالوسواس القهري منذ 13 سنة تقريبا، وأغلب الوساوس تتعلق بالطهارة والوضوء والصلاة، وقبل عدة سنوات أصبت بالقولون العصبي، نتيجة لذلك أعاني من انتفاخات شديدة في البطن، وفي الأشهر الأخيرة إذا دخلت دورة المياه -أعزكم الله-، أقضي فيها ما يقارب الساعة، ويؤذن لصلاة الفرض الثاني وأنا ما زلت في الحمام.
تعبت من هذا كثيرا، أصبحت لا أخرج من المنزل إلا قليلا، والسبب هذه الوساوس، وإذا خرجت وأنا على وضوء، فإنني أعيش في قلق شديد، أخاف أن ينتقض وضوئي، وأنا خارج المنزل أفكر كثيرا في خروج البول مني، وهذا لا يحدث، لكن الفكرة تسيطر علي، وأتعبتني جدا، وإذا صليت فلا بد أن أسجد سجود السهو في كل صلاة، وإذا أردت أن أكبر تكبيرة الإحرام تكون بصعوبة شديدة، وأصلي وأنا في خوف شديد، ماذا أفعل؟
قرأت عن حبوب الفافرين، هل تنفع حالتي؟ لأنني لا أستطيع مراجعة العيادة النفسية، ساعدوني، الله يجزاكم خيرا، أريد أن أعيش حياة طبيعية، تعبت كثيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ afaf حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أيتها الفاضلة الكريمة: ملاحظتك صحيحة جدا، حيث إن البروزاك قد يسبب صداعا بسيطا لحوالي ثلاثين بالمائة من الناس في الأسبوعين الأولين من تناوله، وفي هذه الحالة لا نطلب من المرضى التوقف عنه، إنما تناول عقار يعرف باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علميا باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol) معه، وهذا عقار جيد جدا، يتم تناوله بجرعة حبة واحدة مع البروزاك لمدة أسبوعين، ثم يتم التوقف عن الفلوناكسول، ويستمر الإنسان على البروزاك، ويكون الصداع قد انتهى.
لكن ما دام الدواء قد سبب لك بعض النفور منه من خلال وجود هذا الصداع، أعتقد أن جدواه لا تكون جيدة، لذا أنصحك بالفعل أن تبدئي تناول عقار يعرف تجاريا باسم (فافرين Faverin) ويعرف علميا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine) دواء رائع، دواء ممتاز، دواء فاعل جدا، لكن يتطلب منك الالتزام بجرعته.
الفافرين لا يسبب الصداع، لكن قد يسبب سوء هضم بسيط جدا في الأيام الأولى، وإن تم تناوله بعد الطعام هذا لن يحدث -إن شاء الله تعالى-.
ابدئي بخمسين مليجراما ليلا، تناوليها بعد الأكل، وبعد أسبوعين اجعليها مائة مليجرام ليلا، وهذه هي الجرعة العلاجية التمهيدية، وليست الجرعة الكلية، استمري على مائة مليجرام لمدة شهر، ثم اجعليها مائتي مليجرام، يمكن أن تتناوليها كجرعة واحدة مساء، أو تناوليها بمعدل مائة مليجرام صباحا ومائة مليجرام في المساء، وأعتقد هذه الجرعة سوف تكون كافية بالنسبة لك، علما بأن بعض الناس يحتاجون لثلاثمائة مليجرام في اليوم.
استمري على المائتي مليجرام يوميا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعليها مائة مليجرام ليلا لمدة ستة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة - أيتها الفاضلة الكريمة - لأن الوسواس مرض ماكر ومرض ذكي، وقد يرجع للإنسان مرة أخرى إذا لم يكن علاجه علاجا موثقا ورصينا وثابتا وقويا.
بعد انقضاء فترة الستة أشهر وأنت على مائة مليجرام ليلا من الفافرين، اجعلي الجرعة خمسين مليجراما ليلا لمدة شهر، ثم خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
بالنسبة للتطبيقات السلوكية يجب أن تركزي عليها، حددي كمية الماء، حددي الوقت الذي ستمكثين فيه في الحمام، ولا مانع أبدا من أن ينبهك أحد أهل بيتك بوقت الدخول ووقت الخروج من الحمام، يكون الأمر محددا ومعروفا، وحتى إن طرق عليك الباب فهذا يكون أفضل. ولا تستعملي ماء الصنبور، لا تستعملي ماء الحنفية، تصوري أنك في قرية بسيطة لا يوجد بها ماء في الحنفيات والمواسير، ضعي ماء في إبريق أو في إناء، واجعلي هذا هو الماء الذي يجب أن تستعمليه، وتذكري أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يكره الإسراف في الماء، وأمرنا ألا نسرف حتى وإن كان الواحد منا على ضفاف نهر جار غمر، وأنه -صلى الله عليه وسلم- مر بسعد وهو يتوضأ فقال: (ما هذا السرف يا سعد؟) قال: أفي الوضوء سرف؟ قال: (نعم وإن كنت على نهر جار).
وتذكري أن أصحاب الوساوس هم -إن شاء الله تعالى- من أصحاب الأعذار، لا تعيدي الصلاة، لا تكرري، لا تسجدي لسجود السهو، أنا قد أكون جريئا بعض الشيء، لكن هذا سمعته من علماء أثق فيهم، وأعرف أن هناك من تعالجوا من خلال هذه المنهجية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.