هل يغفر الله لي ذنوبي وأنا أعصيه كل هذه السنين؟

0 400

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة أبلغ من العمر (26) سنة، لا أعرف من أين أبدأ، أنا متعبة جدا، بسبب ممارستي للعادة السرية منذ أن كان عمري (15) سنة، لا أعلم كيف بدأت فيها، ولكنني كنت أعتبر ممارستي لها شيئا ممتعا، وكنت أظنها شيئا من الترفيه فقط، حينما أشعر بالحرمان العاطفي أقوم بممارستها ولم أعلم بحرمة هذا الأمر إلا عندما بلغت من العمر (20) سنة، ثم توقفت عن ممارستها لفترة ثم عدت لها، وفي كل مرة كنت أتوب إلى الله، وأعاهد ربي بعدم العودة، وألح بالدعاء على الله، وأحافظ على صلاتي، فأنقطع لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر ثم أعود مرة أخرى للممارسة.

بعد أن أنهيت دراستي الجامعية شعرت بالفراغ الكبير والوحدة، أشعر بالوحدة العاطفية وأفتقد إلى حنان وعطف أبي، مع العلم بأنه لا يزال على قيد الحياة، أنا بأمس الحاجة إلى حنان أمي التي تسكن معي في نفس المنزل لكني لا أشعر باهتمامها أبدا، أنا إنسانة عاطفية كثيرا وحساسة جدا، بعد الانتهاء من المرحلة الجامعية امتلكت هاتف جوال خاص بي، وبعد فتح حساب خاص باسمي في أحد مواقع التواصل الاجتماعي، شاهدت فلما إباحيا لا أعلم كيف ظهر لي، لقد فتحته ولا أعلم كيف فعلت ذلك، بعد مشاهدة الفلم اشتد تعلقي بتلك العادة، لقد تألم ضميري كثيرا من هذه العادة، أصبحت أشاهد الأفلام قبل ممارسة العادة، فأصبح الذنب ذنبين، قمت بحذف حسابي من الموقع مرات عديدة ولكني أعود لفتحه من جديد، فكرت في كسر جهازي لكن خفت أن أتكلف بشراء جهاز آخر من جديد.

تعبت من هذه الحالة، في كثير من الأحيان أشعر بأنني لا أفعلها بإرادتي وأن هناك من يجبرني على فعلها، عندما أفكر في ممارستها -أستعيذ من الشيطان الرجيم- وادعو الله أن يجنبني ذلك الذنب، لكني أجد نفسي وقعت في ذلك الذنب ومارستها من جديد، تعبت من هذه الحالة، وكلما مارستها أشعر بالندم الشديد وأحزن على نفسي وأدخل في حالة من الحزن والبكاء، وبعد مدة أقلها ثلاثة أيام أو أسبوع أبدأ باستصغار نفسي كثيرا وكيف بأني لم استطع التخلص منها؟ علما بأني أحافظ على الصلاة وفي بعض الأحيان صيام التطوع وأقرأ القرآن يوميا، أحاول أن أشغل نفسي بالأشياء التي أحبها، لكن دون فائدة، أشعر باليأس في كثير من الأحيان.

في وقت الصلاة يظهر أمامي المقطع الإباحي الذي شاهدته، وأحاول نسيانه وأتمنى مسحة من ذاكرتي لكن دون جدوى، حينما أهم بالاستغفار والتوبة يراودني حلم في المنام للعودة لها، وبالفعل في اليوم التالي أفعلها، أتساءل في نفسي لماذا أخادع نفسي وأعمل الصالحات وانا أفعل هذا الذنب البشع؟ أحيانا كثيرة ألقي اللوم على أخواتي فهن لم يتزوجوا إلى الآن وأنا أيضا، علما بأن تأخر زواجنا ليس بسبب قلة جمالنا أو نسبنا أو علمنا، ولكن ذنبي هذا لا أعلم سببه، تعبت كثيرا منذ (10) سنوات أحاول التخلص من هذه العادة اللعينة دون فائدة.

أتساءل كيف يغفر لي ربي وأنا أعصيه كل هذه السنين، لا أحد يعلم بذنبي إلا الله، وفي كل مره أعاهده أعود فيها للخطأ، نفسيتي متعبة جدا؛ لأني أشعر بأنني أخفي ذنبا عظيما، أشعر أني إنسانه كاذبة، أتمنى منكم مساعدتي حتى أتمكن من التخلص من هذه العادة اللعينة، أريد سؤالكم هل لهذا الذنب علاقة بالمس؟ لأني أتذكرها في بعض الأحيان أثناء الاستحمام وأبدأ في ممارستها، أشعر بأني أفعلها وأنا مجبرة، قلبي لا يشتهي فعلها، فهل هذا الذنب هو السبب في عدم زواجي إلى الآن؟ وهل يوجد علاج طبي لهذه العادة؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Aaais حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

بالنسبة لموضوع العادة السرية والتي كنت تقومين بها دون إدراك تام لمخاطرها ولحرمتها، أقول لك: الآن أنت مدركة تماما لخبثها وحرمتها وأنها مهينة جدا للفتاة -أيتها الفاضلة الكريمة- لا يوجد شيء يسمى أنني أفعلها دون شعور، هذا الأمر ليس صحيحا، هنالك تهاون واضح من جانبك، أنت لم تنظري لهذا الموضوع بالغلظة وبالبشاعة المطلوبة، لذا أجدك تتهاونين مع نفسك وتمارسين العادة السرية، يجب أن تكون الأمور واضحة جدا بالنسبة لك وعلى أسس علمية.

مشاهدة الأفلام الإباحية أيضا، هذا المقطع الذي ذكرت بأنه ظهر أمامك فجأة دون أي اختراق من جانبك لهذا الموقع، أحسب أن هنالك خطأ ما أيضا قد حدث، إذا حاولنا تفسير الأمور على أسس المصداقية والتي يجب أن نضعها في شخصك الكريم، أقول لك أن الأمر الآن بيدك تماما، وهذه الأمور من الفتن، والشيطان والنفس لهم دور، يجب ألا تكون هنالك مساومات مع نفسك، ويجب أن تكوني صارمة مع نفسك، كل ما تفعلينه هو تحت إرادتك، أنت مستبصرة، أنت مسؤولة، أنت تفرقين بين الحق والشر، بين الحلال والحرام، وعليك أن تختاري الطريق والنهج الذي تريدينه، وقطعا أنت تريدين طريق الحياء، وطريق الجمال، وطريق العفة، وطريق طاعة الله، وطريق الهمة العالية وعلو النفس، ومن هنا يجب أن تنتهجي تلك الطرق.

الأمر يتطلب منك الصرامة، لا تجاهل، لا تبرير، ولا تهاون مع النفس، وكلمة (أفعل هذه الأمور دون أن أشعر)، هذه الكلمة يجب ألا تكون واردة أبدا في قاموسك الفكري، لا، هي منك وإليك، وأنت التي يجب أن تتوقفي عنها، والحق أبلج، والطريق واضح جد، فكثيرا ما يحدث خداعا للنفس من النفس ذاتها.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: سخري نفسك اللوامة لتسيطر على الموقف، لتضعف النفس الأمارة بالسوء.

افتحي لنفسك صفحة جديدة في الحياة، صفحة مليئة بالحياء والضياء، تواصلي مع الصالحات من النساء، لأن موضوع القدوة الحسنة هنا مطلوب جدا، وأكثري من بر والديك، لأن هذا يفتح لك خيري الدنيا والآخرة، ومع احترامي وتقديري الشديد لك: كل فتاة تحتاج لشيء من الحياء، والحياء نحتاجه كلنا، فالحياء مفتاح للخير مغلاق للشر، فطبعي نفسك وعودي نفسك على هذا الأمر.

وبالنسبة لموضوع تأخر زواج أخواتك، لا أعتقد أن له علاقة أبدا بما تمارسينه، لأن الله تعالى عادل، ولا تزر وازرة وزر أخرى، ولا شك في ذلك، أسأل الله لهن ولك الزوج الصالح.

أنا -إن شاء الله تعالى- مستبشر تماما أنك يمكن أن تتغيري، بشرط أن تكوني صارمة مع نفسك، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

+++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة د. أحمد الفرجابي استشاري الشؤون الأسرية والتربوية
+++++++++++++++++++++++++++

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يصلح الأحوال، وأن يقدر لك الخير ويرزقك الزوج الحلال ويحقق لنا ولكم الآمال.

بداية نحيي فيك هذه الروح التي دفعتك للكتابة إلينا، وأرجو أن تكون البداية الصحيحة لبلوغ العافية، ونذكرك بأنك مسلمة تتركين طعامك وشرابك لله في رمضان ومن خلال تطوعك بالصيام، فمن باب أولى أن تتركي ما حرمه الله عليك، وليس ذلك بالصعب عليك.

وأرجو أن تنتبهي لكيد الشيطان الذي يوقع الإنسان في المعصية ثم يدفع به إلى هاوية اليأس والقنوط، ليوقعه في كبيرة من الكبائر، ثم يوسوس له كلما هم بالخير ليتهم نفسه بالنفاق، وهكذا حتى يجلب له الأحزان، فعاملي عدونا بنقيض قصده وتذكري أن ربنا غفار لكن لمن تاب، وهو سبحانه يمهل ولا يهمل، فهو يستر ويستر، لكن إذا لبس الإنسان المعصية وبارز الله بالعصيان هتكه وفضحه وخذله، ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.

ولا يخفى عليك خطورة تلك الممارسة على الفتاة، بالإضافة إلى أن الإدمان عليها وعلى كل مخالفه يحرم الإنسان لذة الحلال، ويغير عنده نمط الاستمتاع، ولا يستمتع العاصي بمعصيته إلا كما يستمتع الجرب بحك الجرب، فهي متعة كاذبة مخلوطة بالألم، وهي لا توصل إلى الإشباع لكنها توصل للسعار واستمرار الهيجان.

ومما يعينك على التخلص منها بعد توفيق الله ما يلي:

1) اللجوء إلى الله والتضرع إليه.
2) مراقبة الله في السر والعلن.
3) تجنب الوحدة لأن الشيطان مع الواحد.
4) مصادقة الصالحات والقرب من الوالدة ومصادقتها وكذلك الوالد.
5) شغل النفس بالمفيد وبتلاوة كتاب ربنا المجيد، والسعي في اكتشاف نقاط القوة والإقبال على الهوايات النافعة.
6) تجنب التسويف وإحياء الهمه والعزيمة، وتذكر المساءلة بين يدي الله.
7) المحافظة على الأذكار وخاصة عند النوم، والحرص على النوم على ذكر وطهارة، والاستيقاظ بذكر وطهارة، وذكر الله كلما تقلبت في الفراش، وهذا من السنة، بالإضافة إلى عدم المكوث في الفراش بعد الاستيقاظ.
8) مطاردة خاطرة السوء في بداية ورودها حتى لا تتحول إلى فكرة وهم، ثم إرادة ثم عمل.
9) تعجيل التوبة والحرص على أن تكون بصدق وإخلاص، والحذر من توبة الكذابين وهي أن يتوب اللسان ويظل القلب متعلق بالمعصية.
10) تغيير عادات المعصية والتخلص من كل ما يذكرك بها، وخاصة الأفلام المحرمة.
11) التواصل مع موقعك.
12) اليقين أن ما عند الله من التوفيق لا ينال إلا بطاعته.
13)- إدراك آثار المعاصي وثمارها المرة، وقد يحرم الإنسان الخير بذنب يصيبه.

نسأل الله أن يوفقك، ونسعد بالاستمرار في التواصل بعد أن تنفذي ما طلب منك، ونسأل الله أن يأخذ بيدك.

مواد ذات صلة

الاستشارات