أحس باكتئاب وحزن كلما فارقت صديقي.. كيف أعلق قلبي بالله؟

0 304

السؤال

أولا: أقدم شكري لكل من هو قائم على هذا الصرح الجميل المفيد للناس، جعله الله في ميزان حسناتكم.

ثانيا: مشكلتي هي الاكتئاب والحزن، ولكن في حالة معينة، وسأروي مشكلتي بالتفصيل، وأتمنى أن أجد الحل الصارم لديكم.

لدي صديق من أعز الأصدقاء على قلبي، وأنا متعلق به بشكل لا يوصف، لماذا؟ لا أعلم! صداقتي معه منذ سنين طويلة، ولا يخفى عليكم أن الأصدقاء يحصل بينهم خلاف في بعض الأمور لدرجة الفراق، وقد حصل ذلك معي، أي الخلاف مع صاحبي، ولكننا لم نفترق، وسؤالي هو: لماذا إذا حصل خلاف بيني وبينه، وأحسست بأن هذا الخلاف سيؤدي إلى الفراق، أصاب بحزن واكتئاب شديد لا يحصل مع غيره من أصحابي عند الخلاف الشديد؟! أنا لا أريد هذه الحالة، وأريد أن يكون قلبي معلقا بالله فقط لا معلقا بأحد من البشر بهذا الشكل، حتى إني حاولت بيني وبين نفسي أن أفترق أنا وإياه، وأتحمل الحزن والاكتئاب، ولكني لم أستطع أبدا.

مع العلم أن صاحبي هذا أراه كل يوم، ويصل الأمر أني أراه أكثر من رؤية أهلي وأقاربي، ولذلك إذا حدثت بيني وبينه مشكلة كبيرة، وستسبب الفراق مثلا، فإن ذهني يقوم تلقائيا بالتفكير في صداقته وأيامه معي، فأحن إليه، وأصحح المشكلة، حتى لو لم أكن أنا المخطئ.

أنا -والله- لا أريد أن أكون معلقا بأحد بهذا الشكل، وأريد أن أكون معلقا بالله وحده، فهو الذي يسعدني ويحزنني سبحانه، ولا أريد أن يكون فراق شخص في الدنيا يحزنني، ويجعل في قلبي الكآبة والألم بسبب فراقه، وهو حي يرزق.

فما الحل لهذه المشكلة النفسية التي أعاني منها؟ وكما ذكرت أن هذا الأمر لا يحدث إلا مع هذا الشخص، وهو صديقي منذ ثمان سنوات، وهذه الحالة أحسست بها منذ ثلاث سنوات تقريبا.

هل أنا أعاني من حالة نفسية ما؟ أو أني تعودت أن ألقاه يوميا فإذا غاب عني يوما أحسست بهذا الاكتئاب أي أنها مجرد تعود؟ مع العلم أني أعاني من فراغ شديد، ولا يملئ أحد هذا الفراغ إلا بتواجدي معه، فألتهي عن فراغي.

أتمنى مساعدتكم لي بنصائح علمية شرعية. بارك الله فيكم، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محب الله سبحانه حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -ابنننا الفاضل- في موقعك ونشكر لك الاهتمام والوفاء للصداقة، ونسأل الله أن يرزقك الحسنى وزيادة، وأن يلهمك السداد والرشاد والهداية.

الصداقة الناجحة هي ما كانت لله وفي الله وبالله، وعلى مراد الله، عمادها الصدق والنصح والتواصي بالحق وبالصبر، وهي التي قال فيها عمر رضى الله عنه: "ما أعطي المسلم بعد الإيمان أفضل من صديق حسن يذكره بالله إذا نسي، ويعينه على طاعة الله إن ذكر"، وللصديق الصالح المصلح منزلة رفيعة، وكانت العرب تقول الرفيق قبل الطريق، والصديق لوقت الضيق، وأخاك أخاك من نصحك في دينك وبصرك بعيوبك، وهداك إلى مراشدك وعدوك عدوك من غرك ومناك.

فإذا كانت صداقتك من النوع الرائع الذي ذكرناه، فهنيئا لك وله، وإن كانت مجرد صداقة تقوم على الدنيا، أو جمال الأشكال، أو الظرف وطيب الحديث، أو فاستمع إلى قول الله سبحانه: { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين }.

وإليك هذه النصائح:
1ـ اجعل صداقتك في الله.
2ـ احب صديقك بمقدار حبه لله، وقربه منه سبحانه.
3ـ انصح له وتعاون معه على تصحيح مسار الصداقة لتكون إخوة في الله.
4ـ اعلن له عن مشاعر الحب الإيمانية، وقل له: "أحبك في الله"، وكن صادقا في ما تقوله.
5- لا تحملك الصداقة والحب على مجاملته إذا قصر أو أخطأ، فمحبة الله أغلى وإرضائه سبحانه مقصودنا الأعلى.
7ـ أحبه هونا ما فالاعتدال مطلوب، ولا ينبغي لحبه أن يطغى على الواجبات الشرعية كبر الوالدين.
8- وسع دائرة الأحباب، ولا تقف عند صديق واحد، واجعل تعلقك بالله لا بغيره.
9- لا تطل الجلوس إلا عند من تذكرك بالله رؤيته.
10- وازن بين الواجبات الشرعية فلربك عليك حقا ولأهلك عليك حقا.
تقيد بالقواعد الشرعية واشغل نفسك بما خلقنا لأجله.
12- اتق الله في سرك وعلانيتك، واعلم بأنه أعلم بك من نفسك.
13- أكثر من الدعاء لنفسك ولأصدقائك، واسأل العظيم أن يجعل صداقتكم في الله، وبالله ولله، وعلى مراد الله، واجعل حبك لربنا العظيم هو قاعدة الانطلاق من أجل حياة عامرة بالأمن والإيمان.

نسأل الله لنا ولكما الخير والتوفيق والرضوان.

مواد ذات صلة

الاستشارات