السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب بعمر 22 سنة، أكملت دراستي هذه السنة، وأنا أبحث عن عمل، ومتردد كثيرا في مواجهة الحياة، فمنذ فترة أصبحت أشعر بقلق شديد، ودخلت في حالة اكتئاب نتيجة تتالي نوبات من الهلع، حيث أصبحت أشعر بثقل في الرأس، وآلام في الصدر، وخفقان في القلب، تصاحبها حالة من الخوف الشديد، حيث أشعر بحالة من الإغماء، والدوخة وأريد الهرب من المكان الذي أنا فيه، مع صعوبة في مواجهة الناس، ودوخة دائمة، وعدم اتزان في المشي، كل هذه المشاكل جعلتني أدخل في حالة من الهلوسة، وعدم الشعور بطعم الحياة.
قمت بزيارة طبيب نفسي، وصف لي دواء paroxetine بمقدار نصف حبة صباحا، ونصف حبة مساء، لكن مع بداية تناول هذا الدواء زادت حالتي تعكرا، حيث أصبحت أحس بضغط كبير في رأسي، إلى درجة التفكير في الانتحار، توقفت عن تناول هذا الدواء، وقمت بزيارة طبيب آخر، وصف لدواء amitriptyline بمقدار حبة كل يوم، أتناوله منذ 10 أيام، وساعدني هذا الدواء على النوم في الليل، ولكن لم ألحظ تحسنا من ناحية الاكتئاب.
صرت أعيش في عزلة، وأجد صعوبة في التفكير، والاختلاط مع الناس، فبمجرد الحديث مع شخص يرتفع الضغط في رأسي.
أشعر وكأني إنسان بلا قيمة في الحياة، وكأني أعيش لأتعذب في الدنيا فقط! كل طموحاتي في الحياة، وهمي الوحيد هو كيف أخرج من هذا القلق الشديد، والتخلص من هذه الأعراض التي جعلت حياتي بدون معنى.
هل هذا الدواء فعال في مثل حالتي؟ وهل يمكنني العودة إلى حياة طبيعية؟ وكيف أتغلب على الخوف الشديد من مواجهة الناس؟
هل يمكن أن تكون المعدة سببا في هذا؟ حيث أني بمجرد الأكل أشعر باضطراب في المعدة، وضيق تنفس وضغط على القلب مع وجود غازات؟
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ saber حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أيها الفاضل الكريم: كل الذي بك كما تفضلت، هي نوبة هلع وهرع، تحولت بعد ذلك إلى شيء من قلق المخاوف الوسواسية الأمر الذي جعلك تشعر بالأعراض الجسدية والنفسية التي ذكرتها.
لا أعتقد أنك قد دخلت في حالة من الهلوسة، الذي حدث لك هو شعور بالخوف، جعل استدراكك للأمور ليس على ما يرام، وهذه حالات عارضة ومؤقتة، وأحسب أنك الآن - بفضل من الله تعالى – في كامل إدراكك وبصيرتك.
أيها الفاضل الكريم: الهرع والخوف والرهاب أيا كان يعالج من خلال تحقير فكرته، وألا يقبله الإنسان، وأن يخترق الإنسان هذا الخوف من خلال التوكل الشرعي والإصرار على القيام بما هو ضد الخوف والرهبة.
لا تمنع نفسك، لا تتجنب، تواصل اجتماعيا، كن في الصفوف الأولى في الصلاة وفي كل أمر، مارس الرياضة الجماعية مع أصدقائك مثل كرة القدم، اجلس في مرفقك الدراسي في الصفوف الأولى، كن دائما مبادرا، مثابرا، لك وجود في أسرتك، هذه هي الأسس العلاجية الحياتية الضرورية جدا التي تقضي تماما على الخوف الاجتماعي وتؤدي إلى بناء النفس وتطويرها.
عقار (amitriptyline) هو من الأدوية القديمة، لكنه عقار جيد، دواء ممتاز، وأنت - الحمد لله تعالى - قد انتفعت به، أعتقد كل الذي تحتاجه هو أن ترفع الجرعة قليلا بعد التشاور مع طبيبك.
جرعة خمسين مليجراما ليلا سوف تكون جرعة ممتازة، نعم هو ليس من مضادات المخاوف الرئيسية، لكنه يحسن المزاج، ويزيل القلق، ومن ثم هذا يساعدك -إن شاء الله تعالى- في إزالة المخاوف.
الـ (amitriptyline) ربما يسبب لك شيئا من الجفاف في الفم، أو ثقلا في العينين في الأيام الأولى للعلاج، أو شيئا من الإمساك، لكن بخلاف ذلك دواء ممتاز ولا شك في ذلك.
أنا أنصحك بخمسين مليجراما ليلا، علما بأن الجرعة الكلية قد تصل حتى مائة وخمسين مليجراما في اليوم، لكن لا أعتقد أنك في حاجة لهذه الجرعة، ويمكن أيضا أن تدعم عقار (amitriptyline) بدواء آخر يعرف تجاريا باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويسمى علميا باسم (سلبرايد Sulipride) جرعته هي خمسون مليجراما، كبسولة واحدة فقط، تتناولها في الصباح لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناوله.
أما بالنسبة للـ (amitriptyline) فأعتقد أنك تحتاج له على الأقل لمدة ستة أشهر بجرعة خمسين مليجراما، بعد ذلك اجعلها خمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة ثلاثة أشهر أخرى.
هذه سوف تكون مدة جيدة لتلقي هذا العلاج، وفي ذات الوقت الجرعة بسيطة وسليمة -إن شاء الله تعالى- وقطعا ما يقوله لك طبيبك حول كيفية تناول الدواء هو الذي يجب أن تأخذ به، لأن الطبيب قد قام بفحصك، وما ذكرته لك أيضا صحيح، لكن من رأى ليس كمن سمع.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.