السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزيتم خيرا على ما تقدمونه في الموقع.
أنا فتاة أنهيت الثانوية بتفوق -ولله الحمد-، دخلت الجامعة إلا أني انسحبت بلا سبب، وكان القرار في وقت كنت فيه متوترة وحزينة، ولم تقبلني بعدها أي جامعة، المهم أني إلى الآن في البيت بدون منفعة وساءت نفسيتي كثيرا.
منذ صغري كنت منعزلة خجولة انطوائية، ولكن بعد الانسحاب أصبحت متوترة أكثر وخائفة وقلقة، وأخاف أحيانا من الخروج من المنزل، ومنذ سنوات رأيت مريضا يتألم، وشعرت بخوف شديد وأحسست أنه سيغمى علي وشعرت بانسحاب روحي، لم تتكرر هذه الحالة إلا مؤخرا قبل 4 شهور حيث كنت أشاهد شيئا وفجأة شعرت بهلع شديد وضيق تنفس، وإحساس بانسحاب الروح، ذهبت للمستشفى وزاد هلعي هناك، أخبرتني الدكتورة بأنه مرض نفسي وأني لا أعاني من أي شيء، لكنها لم تأخذ تحليل دم، ولم تصف لي أي دواء.
من بعد ذلك اليوم أصبحت تأتيني الحالة يوميا أكثر من مرة، وقد أتعبتني كثيرا، لا أقوم إلا للصلاة، وأحيانا أقطع الصلاة من التعب، عرفت بعد مدة أن ما يصيبني هو نوبات هلع، وجدت أن الاسترخاء والتنفس بعمق -وأحيانا الخيال المضحك- من أكثر الأشياء التي نفعتني، لقد خفت النوبات كثيرا وأصبحت أقصر وأقل حدوثا، أصبحت أشعر بخوف أقل وضيق تنفس خفيف أستطيع السيطرة عليه وقله تركيز، إلا أن حالتي لم تتحسن أكثر من هذا، وهذا ليس جيدا.
قررت الخروج يوما إلا أنه جاءتني النوبة بشدة في الطريق، عانيت بعدها يوما من نوبات الهلع، لكنها تحسنت كما تحسنت من قبل، إلا أني لم أستطع التحسن أكثر من هذا، وكلما أخرج تحدث، فمكثت في البيت، كما أني أصبحت أخاف من مقابلة أي أحد أو السفر، لكني بحاجة للخروج ولا أريد أن ترجع الحالة السابقة أبدا، أريد أن أتحسن أكثر، فالخوف أحيانا ينقص وأخرى يصبح هلعا، كما أني قررت أن أتعالج دوائيا، لأن فعالية الاسترخاء لم تساعدني كثيرا، فهل يوجد دواء يناسبني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نقاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.
أيتها الفاضلة الكريمة، بالفعل الذي حدث لك هو نوبات هلع وهرع نتجت عنها مخاوف وسواسية، وبكل أسف انقطاعك عن الدراسة دعم لديك الشعور بالاستسلام، والشعور بالكدر والإحباط وتقليل الفعالية، أنا أدعوك بقوة شديدة أن تذهبي وتواصلي دراستك، وفرص التعليم الآن موجودة، افصلي تماما بين مشاعرك السلبية هذه ومستقبلك، وأريدك الآن أن تضعي أهدافا (أهداف آنية - أهداف متوسطة المدى – أهداف بعيدة المدى):
- الهدف الآني هو أن تذهبي وتلتحقي بأي مرفق دراسي متاح لك، هذا هدف آني يجب أن يتحقق في خلال شهر.
- الهدف متوسط المدى هو أن تحفظي ثلاثة أجزاء من القرآن.
- الهدف بعيد المدى هو أن يكون لديك التراكم العلمي والمهارات الشخصية، وأن تكوني زوجة صالحة، وإنسانة ناجحة في حياتك، وتحسي بمعنى الحياة.
الإنسان بدون أهداف سوف تتغلب عليه الأعراض، سوف يشعر بالإحباط، سوف يحس بالكدر، سوف تكون حياته بلا معنى، سوف يحس بالملل ويصبح ما أصبح فيه هو ما أمسى فيه، ويومه كأمسه، وغده كيومه، سوف تظهر عليه أعراض القلق والتوتر، سوف يتحسر على ما فات من عمر فيما لا فائدة فيه، لكن الإنسان يستطيع أن يهزم ذلك من خلال وضع الآليات التي توصله إلى ما يبتغيه، ويكون ناجحا ومتميزا وفعالا في الحياة.
أيتها الفاضلة الكريمة، لا تحكمي على نفسك بمشاعرك، أو لا تتبعي مشاعرك السلبية وأفكارك السلبية، إنما عليك بالإنجاز والأفعال الإيجابية مهما كانت مشاعرك، ومن خلال ما تقومين به من فعل وعمل إيجابي سوف تتغير مشاعرك وتصبح إيجابية.
الأمر في غاية البساطة، وأي تعامل بخلاف ما ذكرته لك حقيقة سوف تظل حالتك كما هي، وسوف تدخلك في حلقة مفرغة (قلق وخوف وفشل وملل وفشل يؤدي إلى المزيد من القلق والخوف) هذا لا أريده لك، أنت صغيرة في السن، وحباك الله بطاقات عظيمة، يجب أن تستفيدي منها، ولا بد أن تكون لك مبادرات في داخل أسرتك.
من أفضل الأدوية التي سوف تفيدك عقار يعرف تجاريا باسم (سبرالكس Cipralex)، ويعرف علميا باسم (استالوبرام Escitalopram). أريدك أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي أو طبيب الأسرة ليصف لك الجرعة التي تناسب عمرك ووضعك الصحي.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.