أعاني من القلق النفسي والاكتئاب، ما السبب...وما العلاج؟

0 249

السؤال

السلام عليكم
بداية: أريد أن أشكركم على موقعكم الكريم, وعلى ما يقدمه من خدمات كثيرة, وجزاكم الله خيرا.

أنا بعمر27 سنة, مؤمن بالله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وكل ما أنزله الله تعالى, لم أؤذ إنسانا قط, ولم أقرب فاحشة الزنا, ولا القتل، والحمد لله.

لدي فائض هائل من الحنان والإخلاص والوفاء, وكارثتي تبدأ بأنني قد أسرفت وظلمتي نفسي ظلما شديدا، حيث أنني لم أكمل دراستي في السابق, ولم أحصل على أي شهادة علمية, وليس لدي أية مؤهلات للعمل, وبالتأكيد ليس لدي مال.

أصدقائي الذين كانوا أصدقاء طفولتي قد تخلوا عني في مرحلة ما من حياتي, ومنذ 6 سنوات وإلى الآن ليس لدي أي صديق، وأخجل من نفسي، وأشعر أنه لا يحق لي التكلم مع أي شخص, وسوف أقلل من قيمة هذا الشخص إذا تحدثت معه, فمستواي أقل بكثير من مستوى الشخص الذي سأكلمه.

أحتاج إلى الحنان والاهتمام ولم أجدهما قط, أشعر وكأنني أعيش لوحدي, على الرغم من أنني أشعر بوجود أسرتي من حولي، وأضحك ولكن ليس من قلبي, وأي شيء يمكن أن يسبب لي انهيارا يرافقه بكاء حتى أشعر وكأن روحي سوف تخرج من عنقي.

في العبادة أصلي ولا أشعر بارتياح, وأقول في نفسي: لا داع لصلاتي فهي غير مقبولة, أشعر بأن الله لا يحبني إطلاقا، ومهما فعلت لن يجد نفعا, فقد حرمت من العمل والمال والأصدقاء والزوجة، وكل شيء, فهذا غضب الله وسخطه علي.

أرى جهنم وكأن الله خلقها ليضعني فيها وحدي فقط, مهما فعلت من عمل صالح, أقول في نفسي: بأنني لا أستحق رحمة الله ولا يجوز لي دخول الجنة مطلقا؛ لأنني سوف أنجسها بدخولي فيها! ووصفي لنفسي أنني لست إنسانا, إنما أنا مجرد صنم, نكرة, دنيء, حقير, أرغب في الموت وأتمنى أنني لم أخلق أصلا.

فكرت في الانتحار، مع العلم أنني أعلم علم اليقين بأنه محرم شرعا, ولكن أقول في نفسي: سواء قتلت نفسي أم لا, فإنني في كلتا الحالتين في جهنم، فما المانع من ذلك؟!

أرى أن وجودي في المجتمع كارثة, وأن وجودي في الدنيا يسبب فساد الأرض بأكملها، وأرغب في قتل نفسي.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

أخي الكريم نقول لك: لابد من تغيير النظرة السلبية لنفسك، ولابد من عدم القنوط من رحمة الله، قال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم).

تذكر بأن العلم والتعلم ليس مقصورا على عمر معين وإنما هو مفتوح لكل الأعمار، فهناك العديد من الأمثلة لآباء وأمهات تعلموا العلم مع أولادهم، وهناك من حفظ القرآن في سن السبعين، وهناك من تعلم الفقه والعلوم الإسلامية من خلال مجالسته للعلماء من غير دراسة نظامية.

في هذا العصر هناك العديد من الوسائل التي تساعد في تعلم العلم بأيسر الطرق، فالرغبة الجادة والمثابرة والاجتهاد تلحقك بمن سبقوك، بل ربما تكون أفضل منهم، وليس ذلك على الله بعزيز.

نطلب منك أن تبعد اليأس الذي خيم على قلبك وفكرك، واستبدله بروح التفاؤل والنظرة المشرقة للحياة، فأنت لديك العديد من القدرات والطاقات المحتاجة للتفجير والاستثمار بصورة جيدة، والأمر ليس بالصعوبة أو التصور الذي يجعلك تحقر من نفسك ومن إمكانياتك.

بادر بوضع خطتك أخي الكريم، وتحديد أهدافك: ماذا تريد؟ وما هي الرغبات التي تتمنى تحقيقها؟ وما هي المكانة التي تريد وصولها؟ ثم قم باختيار الوسائل المناسبة لتحقيق أهدافك، واستشر في ذلك ذوي المعرفة والعلم، وأصحاب الخبرات الذين تثق بهم، وحاول اكتشاف قدراتك وإمكاناتك التي تؤهلك لذلك.

اعتبر المرحلة التي تمر بها الآن مرحلة مخاض لولادة شخصية جديدة بأفكار ورؤى جديدة للحياة، ونظرة جديدة للمستقبل، واعلم أن كل من سار على الدرب وصل، وكيف نبدأ الخطوة الأولى ونستعين بالله تعالى ونتوكل عليه، ويكون لدينا اليقين الصادق بأن كل شيء بيده سبحانه وتعالى، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فمجالات النجاح كثيرة في الحياة، فلا تقيد نفسك وتكبلها، فالعبرة يا أخي ليست بكثرة المال ولا بالجاه ولا بالشهادات، إنما بالتقوى، فرب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره.

نوصيك بالإكثار من الاستغفار؛ لأنه مفتاح الفرج، وستتبدل حالك -إن شاء الله- إلى أحسن حال، وتسعد بحياتك، في الرزق والمال والزوج والبنين بإذن الواحد الأحد، ولا تتبع خطوات الشيطان، ولا تفكر في الأفكار السوداوية، وليكن قلبك بين الخوف والرجاء، واسأل الله تعالى حسن الخاتمة.

تجنب الصفات الست التي تؤدي للشعور بالنقص، وهي الرغبة في بلوغ الكمال – سرعة التسليم بالهزيمة – التأثر السلبي بنجاح الآخرين – التلهف إلى الحب والعطف – الحساسية الفائقة – افتقاد روح الفكاهة.

نسأل الله تعالى لك الصحة والعافية وسعادة الدارين.

مواد ذات صلة

الاستشارات