السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
تعرض ابن صديقة لي للاعتداء الجنسي، حوالي 6 مرات خلال هذا الشهر، وهو في الصف الأول، أي في السابعة من عمره، على يد طفل آخر في المدرسة في الصف السادس؛ مما سبب لصديقتي حزنا شديدا.
ابنها إلى الآن لا يدري بالضبط ماذا حدث له، فهو يعتقد أن الولد أدخل قدمه أو عمودا داخله، ولكنه تعرض لضرب شديد أثناء حدوث الأمر، الولد يأكل بشكل طبيعي، لكنه يغضب ويصرخ كثيرا، كما أنه يعيد تمثيل ما جرى معه بالألعاب، كما أنه يقوم بحركات مزعجة، كأن يضع يده على أعضائه هو وأخته الصغيرة.
صديقتي تخشى أن يصاب الولد بمرض نفسي، أو أن يدمر ما جرى لابنها إلى الأبد، حيث كان في منتهى البراءة.
أرجوكم كيف يمكن علاجه بالتفصيل؟ وماذا عليها أن تفعل عندما يقول أو يفعل أشياء ذات دلالات؟ كيف عليها أن تتعامل معه؟ سترفع دعوى فهي في بلد أوروبي، فهل من الأفضل أن يشعر الطفل أن من اعتدى عليه سيجازى على ما فعله؟ وما الطريقة لقول ذلك له؟ وهل سينسى ما حصل إذا أعطته الحنان والرعاية اللازمة، ونقلته إلى مدرسة جديدة؟ وماذا عن مستقبله؟
أشكركم كثيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ abeer .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا بهذا السؤال نيابة عن صديقتك، ولا شك أن ما حدث أمر مؤلم جدا لهذه الأم ولأسرتها.
ومع الأسف يمكن للطفل الذي هو عادة رمز البراءة أن يتعرض للتحرش أو الاعتداء الجنسي، وهو في هذا العمر الصغير، وفي كثير من الأحيان يمكن أن يكون الاعتداء من قبل راشد كبير أو صغير، وكما حصل مع هذا الطفل حيث اعتدى عليه طفل يكبره بخمس سنوات تقريبا، ويمكن لهذا الاعتداء أن يحدث في كل المجتمعات، سواء كانت أجنبية أو عربية، مع الأسف الشديد.
وما يقوم به هذا الطفل من بعض الحركات الجنسية إنما هو عرض ونتيجة لهذا التحرش الجنسي، ولكن في نفس الوقت لا يعلم الطفل عادة طبيعة ما حدث، ولا يعلم مدى خطأ هذا السلوك، أو بعده الأخلاقي، ففي هذا السن قد لا يعلم الطفل الكثير من أمور الحلال والحرام، والمقبول وغير المقبول من السلوك، ولكن هذه الآن فرصة مناسبة ليشرح للطفل أن ما حدث أمر خطأ، وكان يجب أن لا يحصل، ولكن في نفس الوقت علينا بإشعاره بأنه هو لم يرتكب أي شيء خطأ، فهو ليس المبادر وليس الفاعل، وهذا أمر ضروري؛ لأن بعض أولياء الأمور قد يشعرون الطفل في مثل هذه الظروف ببعض الشعور بالذنب، وكأنه مسؤول عما حصل.
نعم أنصح إما بنقل هذا الطفل من المدرسة، أو بنقل الطفل المعتدي، ولكن بشرط أن لا ينتشر الخبر في المدرسة عن طريق الطفل المعتدي أو غيره عما حدث، فإذا عرف الأطفال الآخرون بما جرى فهذا قد يجرئ أطفالا آخرين على محاولة التحرش مجددا بهذا الطفل، ويصبح ضحية اعتداء من جديد، ولذلك ربما نقله لمدرسة أخرى يكون أفضل، مع أنه ليس المعتدي وليس المخطئ.
يحتاج هذا الطفل لبعض الرقابة الخفيفة وعن بعد من قبل الأهل، لأنه قد يحاول تقليد ما حدث له مع أخته الصغيرة أو غيرها من الأطفال، ليس لأنه سيئ أو منحرف، وإنما فقط من باب التقليد للسلوك الذي تعلمه من حادثة الاعتداء.
وربما يفيد أن يقرر الأهل في مرحلة ما بعرض الطفل على أخصائية نفسية، ممن يمكن أن تساعد الطفل على التفريغ العاطفي، سواء من خلال الكلام أو الرسم، فهذا يمكن أن يساعده على تجاوز ما حدث.
طبعا ما حدث ليس بالضرورة أن يؤدي لشيء من الانحراف السلوكي، وخاصة إن أحسنا التصرف والتعامل معه.
يفيد أن نشرح له أن ما حدث خطأ، وكان يجب أن لا يحدث، وأن المسؤول هو فقط الولد الكبير المعتدي، وأنه سيعاقب، ولكن على أن نشرح له هذا مرة واحدة، ثم لا نعود نذكره به، وبالتالي سينسى ما حدث، وإن شاء الله من دون أن يترك عنده هذا أي مضاعفات، ولن يصاب كذلك بمرض نفسي، وغالبية الأطفال الذين يتعرضون للتحرش يمكن أن ينموا ويتجاوزا الحدث، ويعيشوا حياة طبيعية.
ونعم يفيد للأم أن تعطي هذا الطفل الكثير من العطف والرعاية، وليس لحد أن تسمح له بأن يفعل كل ما يحلو له فقط لأنه "ضحية اعتداء"، وإنما تعامله الأسرة معاملة طبيعية، وكأي طفل عادي.
حفظ الله هذا الطفل، وأراح بال أسرته من هذا الحدث المؤلم.