تربية الأطفال أمر يجهله أخي وزوجته، فكيف أتعامل معهما؟

0 368

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كيف أتعامل مع أخي وزوجته، عندما يخطئ أطفالهم، أجدهم يستخدمون العنف معهم وبشدة، فيضربونهم، علما بأنني أنصحهم، وأخبرهم بأن ما يفعلونه غير جائز، فلا يجوز ضرب الطفل الذي لم يبلغ العشر سنوات.

أتألم كثيرا مما أرى، حتى أمي عندما تشاهد هذا الفعل الخاطئ تتأثر، ولكنهم يرددون دائما ويقولون لنا: لا تتدخلوا بشيء.

بدأنا نلاحظ بأن الطفل أصبح انفعاليا، ويبكي كثيرا، وعندما أتعامل معه يستجيب معي، ولكنه في بقية الأوقات يظهر أفعال عنف، ويضرب الأخرين، ويسبب الإزعاج، وأنا متأكدة أن ما يقوم به؛ بسبب سوء تربية والديه، لقد نصحتهم مرارا وتكرارا، وقدمت ما بوسعي، ودعوت الله لهم بالصلاح، وغالبا تكون المشاكل بعائلتي؛ بسبب العنف مع الأطفال.

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rose حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا وإياك من عباده الصالحين، ومن أوليائه المقربين، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يعينك على طاعته ورضاه، وأن يوفق أخاك وزوجته لتربية أبنائهما تربية صحيحة مثالية، تتفق مع شرع الله تعالى، ومع ما عليه أهل الخبرة بالتربية والتقويم والإصلاح.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة -: مع الأسف الشديد أننا نجد أن الناس يهتمون بشراء الآلات البسيطة، فإذا أراد الإنسان أن يشتري جهازا، فإنه لا بد أن يقرأ الكتاب المصاحب له، ليعرف كيف يتعامل معه، وإذا أراد سيارة لا بد أن يسأل عنها أكثر من شخص، وإذا أراد أن يقوم برحلة إلى مكان من الأماكن، لا بد أن يأخذ فكرة وافية عنه، وإذا أراد أن يقيم في فندق من الفنادق، فكذلك أيضا لا بد أن يعرف الامتيازات التي سوف يحصل عليها، إلى غير ذلك من الأمور التافهة، فنحن مع الأسف الشديد نهتم بهذه الأمور كلها، في حين أننا لا نهتم بأعظم نعمة أنعم الله بها علينا، ألا وهي نعمة الأبناء.

ولذلك ندخل إلى عالم الحياة الزوجية، فيتزوج الإنسان، ولا يعرف أبسط حقوق الزوجة على زوجها، والعكس، لا يعرفان أبسط الحقوق الزوجية المتبادلة بينهما، ثم بعد ذلك لا تمر فترة بسيطة إلا وقد تحمل الزوجة، ثم بعد ذلك تنجب، ويستقبلون هذه النعمة العظيمة، وهذا المولود الجديد، بغير أي خبرة أو معرفة، أكثر من الجهل الذي ورثوه من البيئة التي يحيطون بها، وبذلك يسيئون التعامل معه؛ مما يترتب عليه أننا أصبحنا أمة في ذيل الأمم.

الفارق بيننا وبين الدول المتقدمة يكمن في عامل واحد، هو عامل التربية، فهم يربون أبنائهم بطريقة مرسومة محددة، بخطط علمية مدروسة، ولذلك النتائج أن أبنائهم - مع الأسف -، رغم أنهم ليسوا بأذكى من أبناء المسلمين، بل إن الثابت أن أبناء العرب على وجه الخصوص هم أذكى الأطفال في العالم، إلا أنه نتيجة التربية الخاطئة، لا يستطيعون أن يحققوا من الإنجازات ما يحققه أبناء الغرب، أو الشرق المتحضر، وهذا كله سببه مردود إلى التربية.

نحن نهتم بالأشياء التافهة، ونأخذ فيها دورات، ونحاول أن نستفيد لها خبرات، في حين أن أعظم نعمة - وهي نعمة الولد -، لا نحاول أن نقرأ ولو كتيبا بسيطا عن كيفية التعامل مع هذا المخلوق الجديد، وكيف نجعله إنسانا ناجحا، وكيف نتعامل معه في حالة الغضب، وفي حالة الرضا، وفي حالة العسر، وفي حالة اليسر، وفي حالة الفرح، وفي حالة الحزن، وبذلك تخرج هذه الكائنات كائنات معاقة ذهنيا، قد يكون هو من الأقوياء بدنيا، ولكن هو معاق ذهنيا؛ نتيجة التربية الخاطئة، وفي النهاية عندما يريد أحد أن يمد يد المساعدة لهم، تكون النتيجة أنه ليس من حقكم أن تتدخلوا، ودعونا نربي أبنائنا بالطريقة التي نريد.

عادة معظم حياة الأسر الجديدة هذه مشكلتها مع الأسف الشديد؛ لأن الرجل شاب قوي، والزوجة شابة قوية، ويرون أن العنف، والتنكيل، والتبكيت، والضرب، والإهانة، هي أفضل وسيلة للتربية، وهذا خطأ فادح وقاتل فعلا.

وكلامك في محله، ولذلك أرى عدم الاستسلام؛ لأنهم يرتكبون جريمة حقيقة بحق ولدهم، وبالتالي بحق الأمة الإسلامية كلها عندما يخرج ولد معاق ذهنيا، وعصبيا، ومتوتر، ويحمل كما كبيرا من الأمراض النفسية التي من الصعب علاجها في المستقبل.

أنصح - بارك الله فيك -: أن تتكلمي معهم، ولكن ليس في وقت الغضب، أو الضرب، وإنما حاولي أن تستغلي فرصة متاحة، وكم أتمنى أن تذهبي أنت إلى المكتبة، وأن تأتي بكتاب عن التربية من منظور إسلامي مبسط، تقدمينه هدية لأخيك أو لزوجة أخيك، وقولي لهم: (كم أتمنى أن تقرؤوا هذا الكتاب، لعلكم بذلك تسعدون وتسعدون أبنائكم، وتتمكنون من حل هذه المعضلة الصعبة، وتستطيعوا أن توفروا على أنفسكم هذا الجهد الكبير، وأن تحافظوا على جو المودة والمحبة بينكم وبين أبنائكم).

وعليك بالدعاء أنت والوالدة، وأسأل الله تعالى أن يوفقكم لكل خير، وأن يعين أخيك وزوجته على تربية أبنائهما تربية طيبة.

هذا وبالله التوفيق

مواد ذات صلة

الاستشارات