أختي تعاني من تخيلات بأن هناك كاميرات تصورها وهي عارية، كيف نقنعها بمرضها؟

0 307

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على ما تبذلونه من مجهودات، كما أرجو منكم الرد السريع -إن شاء الله-.

أختي الصغيرة، عمرها 18 سنة، منذ شهرين تقريبا تقول لنا: إنها من حين لآخر تسمع صوت أطفال، وعراك، ولكننا لا نسمع، ونقول لها: إنك تتخيلين، وفي يوم 3:1:2015 السبت الذي مضى قامت من النوم في الساعة 4 صباحا فزعة، وقلبها يدق بسرعة، وقالت: إنها لم تكن تحلم بكابوس، ثم هدأت ورجعت للنوم، ولكنها لم تنم وأنا كذلك رأيتها تدخل الحمام، ثم رجعت إلى مكانها، ولم تقل لي شيئا.

وفي الصباح قالت لأمي: بأنه كلمها اثنان من الجيران، ونصحاها بأن هناك من وضع في منزلنا كاميرات مراقبة، وهو يراقبنا الآن وبعثوها إلى الحمام، فسألناها متى وأين؟ فقالت: وأنا في فراشي سمعتهما يكلماني أحدهما من الشارع، والآخر من منزله في نفس التوقيت الذي رأيتها فيه ذاهبة إلى الحمام.

أفهمناها أنه من غير الممكن ما تقولين، وأنه غير منطقي، ثم أصبحت تسمعهم يسبونها، ويشوهون سمعتها، ويقولون: إن كل العالم يتفرج على صوركم العارية، وتبكي، فقلنا لها: هذا في خيالك، ونحن لم نسمع شيئا واحضرنا لها راق شرعي رقاها، وقال لها: إن هذا من الوهم، والهذيان وعندما تسمعي الأصوات لا تستسلمي لها، واقرئي القرآن، واستعيذي بالله فصدقته، ولكن عندما غادر قالت: بأنه يكذب عليها، وهو كذلك يشتمها معهم، وأنه كاذب.

في اليوم التالي أصبحت تسمع الكثير من الأصوات تتآمر عليها حسب كلامها، ويقولون لها: إن صورك في الفيسبوك، وتذهب هي لتتأكد ولا تجد شيئا، وتخرج للشارع وفي ظنها أنهم هناك، فلا تجدهم، وتريد الذهاب إليهم.

قمنا بالتفتيش عن الكاميرات لعلها تصدقنا، ولكن بدون جدوى، الأصوات تمكنت منها 24 ساعة دون توقف، وهي منذ ذلك اليوم تدخل الحمام بفستان طويل، ولا تبدل ثيابها، ولا تستحم خوفا من الكاميرات.

أخذناها إلى طبيب نفسي يوم الاثنين، فلم تتكلم معه أبدا، وكانت أمي هي التي تجيبه، أعطاها دوائين واحدا يزيل الأوهام، والثاني عند الحاجة من أجل النوم.

منذ ذلك الوقت أحسسنا بأنها فقدت ثقتها بنا ولم تعد تتكلم معنا إلا بعد إلحاح منا، وتقول لنا: صدقوني، وأنا لا أصدقكم بأنكم لا تسمعون الأصوات.

واليوم بعد تأثير الدواء قلت الأصوات، ولكنها ما زالت مصدقة بأنها على حق، وترفض كلامنا بأنها فقط مريضة بالهذيان، وقد تعبت من الدراسة، فهذه السنة عندها دورة بكالوريا، ويجب أن تتابع الطبيب النفسي، والأمور ستحل بإذن الله، تقول: أنا لست مجنونة، وأنتم تسخرون مني، أحضروا مختصا لكي يعاين المنزل بأن فيه كاميرات وستصدقونني، فقلنا لها: سوف نحضره، ولكن إن لم يجد شيئا، هل ستصدقيننا؟ فقالت: لا، أنا متأكدة مما أقول.

سؤالي هو: كيف يمكن أن نقنعها بأنها مريضة، والذي تعيشه هو مجرد تهيئات، ونحثها على العلاج، ولا تضيع وقتها، وترجع للدراسة، والنجاح؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على الثقة في إسلام ويب، وعلى اهتمامك بأمر أختك.

الأعراض التي تعاني منها أختك واضحة جدا وجلية، وبالفعل هي تعاني من حالة من حالات الأمراض الذهانية، وأنا متأكد أن الطبيب قد شرح لكم ذلك، هذا الذي تعاني منه يسمى بالضلالات الذهانية، والتعامل مع هذه الحالات يكون من خلال تناول الدواء؛ لأن السبب الرئيسي غالبا يكون من اضطراب في كيمياء الدماغ، وأسبابه قد لا تكون معروفة.

معظم هؤلاء المرضى لا يعترفون بأنهم مرضى، لذا لا نقول لهم: إنكم مرضى، وهذا أمر ضروري، وفي ذات الوقت لا نخدعهم، الأسلوب الصحيح هو أن يقال لها: إنك تعانين من إجهاد نفسي وإجهاد عصبي، وهو الذي جعلك تمرين بهذه التجارب الغريبة من سماع للأصوات واضطراب في نومك، -وإن شاء الله تعالى بتناول الدواء سوف تكونين في حالة طيبة جدا، هذا هو المنهج الصحيح، أما أن يقال لها: إنك متوهمة، أو نبحث عن الكاميرات، فهذا يعزز من ظنانها وشكوكها؛ مما يجعلها لا تثق في أحد أبدا.

أرجو أن تجيبوها إجابات محايدة، حين تتحدث عن الكاميرات وأنها مزروعة حول المنزل وهكذا، هنا يتم التعامل معها بالقول مثلا: لا تزعجي نفسك، -إن شاء الله- نحن في أمان وسلام وفي حفظ الله ورعايته، دون أن تخوضي في موضوع الكاميرات، هذه الإجابات ذات المحتوى الحيادي هي الأفضل، أن نقول للمريض: إنه لا توجد كاميرات أو أنك متوهم، أو أن نقول: بالفعل توجد كاميرات، كل هذا خطير جدا، ويثبت المرض ويزيد من نفور المريض.

فالمنهج الذي يتم التعامل معها هو المنهج الذي ذكرته.

الأمر الآخر: يجب أن يكون وقت الدواء ثابتا، والدواء مهم جدا جدا، والآن العلاجات تعطى بجرعات مختصرة جدا، جرعات مسائية مثلا، أو جرعة في الصباح، وتكون الجرعة المسائية في المساء، المرضى الذين يرفضون تناول العلاج يتم إعطائهم قطعا نوعا من الإبر، هنالك إبر تعطى كل أسبوعين، وأخرى كل أربعة أسابيع، وهي معلومة ومفهومة عند الأطباء.

أيتها الفاضلة الكريمة: -إن شاء الله تعالى- أختكم سوف تتحسن، لكن لا بد أن ألفت النظر وبقوة وشدة أن هذا المرض يجب أن نتعامل معه بجدية، والجدية تتمثل في عدم تأخير العلاج أبدا، والمتابعة مع الطبيب، ويعرف تماما أن هذه الحالات سوف تكون مزمنة إذا لم ينتظم المريض على الدواء.

والأمر الثاني: تأخير التدخل الطبي هذا مشكلة كبيرة جدا، هذا المرض حين يتمكن من المريض -خاصة أن أختك صغيرة، حفظها الله-، هذا قد تكون نتائجه سلبية، لكن -الحمد لله- الذي يظهر لي أن تدخلكم الطبي كان مبكرا، وهذا -إن شاء الله تعالى- يفيدها كثيرا.

بالنسبة للدراسة: هذا أمر حقيقة يتطلب بعض التفكير من جانبكم ومن جانب إدارة المدرسة، ربما لا تستطيع أن تواكب المتطلبات الأكاديمية كاملا، على الأقل لمدة أربعة أسابيع، وبعد ذلك يمكنها مواصلة دراستها بصورة طبيعية.

اجعلوها تعتمد على نفسها، ولا تتركوها تجلس لوحدها، ودعوها تشارك في الأنشطة الأسرية، هذا أيضا يعطيها شيئا من الثقة بنفسها، ويصرف انتباهها عن التفكير في الظواهر الذهانية التي استحوذت عليها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات