العلاج السلوكي والإيماني للوساوس الدينية المؤرقة

0 433

السؤال

الدكتور / محمد عبد العليم .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد قرأت الاستشارة رقم 24990، وأحسست كأن الشخص يصف حالي تماما، وأحيانا أحس أني لا أدري كيف أعبد الله، وهذه الأفكار تلاحقني، ولا أدري كيف أتخلص منها، أحس أحيانا أني لو وضعت يدي على الأرض من قوة الألم الذي أحس به أنها سوف تخترق الأرض.
أرجوك ساعدني، لا أدري من أين هذه الأفكار تأتي، مع أني أحاول دائما أن أفعل ما يرضي الله عز وجل، ولكن كلما زدت زادت الأفكار بشاعة وأحسست بخلل في ديني، وأصبحت خائفة جدا جدا أن أكون خرجت عن ملة الإسلام، في البداية كنت أرجع بعد فترة وجيزة إلى طبيعتي الإيمانية الصحيحة المطلوب من المسلم أن يملكها، ولكن هذه الأيام لا أستطيع طرد الأفكار مهما حاولت التخلص منها، وكأن نفسي تمسك بزمامي، لا أدري -يا أخي- هل وصلك ما أعاني؟ أرجوك أريد أن أكون مؤمنة، لا أدري كيف وصلت إلى مرحله لا أتحكم إلا بجسدي أي أدائي للعبادات البدنية كلها ولكن بجهد كبير للإتقان، والله إني أحس أني أموت كل لحظة، وأخاف أن أكون خرجت عن ملة الإسلام وأن ألاقي الله وأنا على هذه الحال، فهل أنا ما زلت مسلمة؟ وهل ما بي ليس ضعفا في الإيمان؟ وماذا أفعل كي أصل إلى اليقين ولا تخطر أفكار سيئه جدا في الإيمان؟ والله ثم والله لولا أن الله هداني ما اهتديت، أحاول أن أتفكر في الكون وأن أنظر حولي كما أمرنا القرآن وكما يدعونا إليه إسلامنا، ولكن دائما محاولاتي تبوء بالفشل كما قلت، أحس أني مؤمنه هكذا منة من الله.
أرجوك ساعدني، فلا أدري كيف أشرح وكيف أخرج من دائرة نفسي وشيطاني، كنت قبل فترة مسيطرة نوعا ما على نفسي، ولكن الآن بصعوبة أعيش مع ما في داخلي، أحس أني في أي لحظه أنهار، أرجوك ساعدني كي أشفى وجزاك الله عنا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله وشفاها.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا، ونعتذر شديد الاعتذار عن تأخر الرد لظروف قاهرة، ويسعدنا أن نرحب بك في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يشفيك، وأن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يرزقك القوة والعزيمة على مطاردة تلك الوساوس والتغلب عليها، وأن يجزل لك المثوبة والعطاء.

واعلمي أختنا الفاضلة أن الذي تعانين منه لست أنت وحدك التي تعانين منه، فهناك المئات بل والآلاف من الناس يعانون نفس معاناتك بل وأشد، ومما يؤسف له أن هذه الحالة لا تحدث إلا مع ذوي التميز إما في الدين والطاعة أو النظافة أو النظام أو الدقة، إلا أن الأمر يتجاوز عندهم حد المعقول إلى اللامعقول، حيث يتحول إلى حالة مرضية مزعجة تسبب الأرق والإرهاق والتوتر لصاحبها، وتحول حياته إلى جحيم لا يطاق كما ورد برسالتك، وعملا بقوله صلى الله عليه وسلم: (تداووا عباد الله فإن الله ما خلق داء إلا خلق له دواء علمه من علمه وجهله من جهله) أقول: من هذا المنطلق يجب على المؤمن ألا يتسرب إليه اليأس أبدا مهما كانت حدة المرض وشدته، فما دام هو مرض من الأمراض فإن له دواء وشفاء، وما على المسلم إلا أن يأخذ بالأسباب ويكثر من الدعاء والإلحاح على الله، وأن يعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا، وأن ما يصيب المسلم من هم أو غم أو أذى أو مرض إلا وله عليه أجرا حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه، كما ورد في السنة، فعلينا بالصبر والدعاء، والأخذ بالأسباب، ثم الرضا والتسليم لمراد الله وقضائه وقدره، وهو سبحانه لا يقدر إلا الخير، وهذه هي عقيدة المؤمن الصادق أن يعلم أن الخير في يديه سبحانه، وأن الشر ليس إليه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

وأما بخصوص العلاج فهو يدور على محورين:

الأول: المحور الطبي الدوائي، وهذا سيصفه لك الدكتور إن شاء الله.

الثاني: العلاج الروحاني الإيماني.

ولقد اخترت لك طريقة العلاج بتأمل ذكر الله وتطبيقها كالتالي:

1- اجلسي في مكان هادئ مريح، خال من الإزعاج وما يشتت الذهن.

2- اجلسي على كرسي مريح منتصبة الظهر، واجعلي الضوء خافتا نوعا ما.

3- ارتدي ملابس واسعة خفيفة، وأخرجي الهاتف من الغرفة أو افصليه.

4- تنفسي بانتظام وعمق وبطء، ولاحظي وركزي على التنفس وحركة الهواء الداخل إلى رئتيك وجسمك وكأنك تشاهدينه بعينك.

5- أغلقي عينيك خاصة خلال الدقائق الخمس الأولى، على أن تتجه العين وهي مغلقة إلى الأمام، ويمكن فتحها بعد ذلك مع تركيز النظر على هدف ثابت لا يثير الانتباه.

6- حاولي منع عقلك من الشرود والتفكير في أي موضوع أو مشكلة، وركزي على ملاحظة جسمك المسترخي وأنفاسك المنتظمة والهواء يدخل ويخرج من أنفك ورئتيك ببطء وعمق.

7- ابدئي في ترديد وتكرار الكلمات الآتية :
الله أكبر، سبحان الله، حسبي الله ونعم الوكيل، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
ولا بأس بإضافة الإخلاص مع المعوذتين، وذلك كله لمدة نصف ساعة، مع محاولة التركيز على هذه الكلمات وبالطريقة التي تناسبك، أي إن شئت تنطقيها بسرعة وبصوت مرتفع، أو ببطء وبهدوء حسب ما ترتاحين له، وهكذا كلما شعرت ببداية الحالة ابدئي فورا في تطبيق هذا البرنامج وهو سهل ميسور، ومع الأيام سوف تشعرين بتحسن واضح إن شاء الله، ولك أن تضيفي أي عبارة أخرى ترتاحين لها من الأدعية والأذكار؛ بشرط التركيز والتكرار، وابشري فإن المسألة مسألة وقت، وعما قريب ستكونين أحسن مما تتصورين، فما عليك إلا الأخذ بالأسباب وحسن الظن بالله، والإكثار من الدعاء بالشفاء، وعدم اليأس أو القنوط، وسيمن الله عليك بالشفاء العاجل إن شاء سبحانه، وبالله التوفيق.



مواد ذات صلة

الاستشارات