السؤال
أنا امرأة تزوجت منذ 4 سنين، وحملت بولد، وولدته قيصريا بسبب أن ماء الجنين نقص قبل مجيئي للمستشفى، وبهذا قال الدكتور: لا بد من القيصري، ولم ينتظر بل أجراها بسرعة، وتمت بحمد لله، وعندما أخذت الغرز أسبوعا وراجعته قام بإزالتها، وأعطاني بعض التعليمات إذا أردت الحمل مرة أخرى، قال لي: لا تحملي إلا بعد سنتين أو ثلاثا. ووصف لي حبوب منع فقط، هذا ما ذكره.
بعد مرور سنتين ونصف كتب لي الله الحمل وحملت، وكانت أموري طوال 9 أشهر طيبة، ولم أشتك من العملية السابقة سوى جهة اليمين، وزادت الشكوى عندما زاد الطلق الطبيعي، وذهبت للمستشفى؛ لأنه حان وقت ولادتي، وانتظروني ثلاث ساعات لعلي ألد طبيعيا، وقامت الدكتورة بثقب الكيس وانسكب ماء حار مني، وزاد الألم في جهة اليمين حين عملت التحريض، فوالله أحسست بألم لا يوصف، وخف نبض الجنين فجأة بعد التحريض، ولم أستطع تحمل الألم في جهة اليمين، وطلبت منها عمل عملية قيصرية.
انتظرت خمس دقائق، ودخلت غرفة العمليات، وعندما صحوت من البنج كان قد توفي ابني، وأعطوني دما بسبب فقر الدم الحاد معي، وانصدمت، وتعبت نفسيتي جدا، ولما سألتهم عن السبب قالوا: العملية القديمة كان فيها خطأ، وهو زيادة فتحة في الرحم جهة اليمين أثناء ولادة الابن الأول، وهو السبب في انفصال المشيمة وذهابها مع تلك الفتحة الخطأ، والجنين صعد فوق وحصل له اختناق، ومرة أخرى قالوا: عاش ساعة وتوفي بسبب نزيف داخلي، وأنا أعيش بتوتر نفسي لا يعلم به إلا الله، بسبب فرحتي لم يشأ الله لها أن تتم.
بعدها أعطوني تبليغ ولادة إذا ذهبت لأي مستشفى أن ألد في نهاية الثامن، وألا أحمل إلا بعد مرور ثلاث سنوات على هذه الولادة، وزاد التعب عندما أطالوا مدة الحمل؛ فأنا أرغب بالحمل بعد سنة ونصف بسبب ما أعانيه من تعب نفسي.
أطلب منكم الحكم فيما حدث معي، وهل أستطيع الحمل بعد سنة ونصف؟ وللعلم قالوا: قدمي شكوى على الدكتور الأول؛ لأنه لم ينبهني على أني لا أتحمل الطلق، ولا أستطيع الولادة طبيعيا بعد التمزق الذي أحدثه هو في ولادتي الأولى، ولكن كيف أشتكيه وهو تحت الأرض.
أتمنى الرد علي في أقرب وقت، ولكم جزيل الشكر، والحمد لله على كل حال.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ م.ز حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
عوضك الله بكل خير, وجعل صبرك واحتسابك في ميزان حسناتك يوم القيامة, يوم يجزى الصابرون أجرهم بغير حساب, والحمد لله أن رزقك بطفل جميل, جعله عز وجل قرة عين لك.
حسب ما تبين لي من رسالتك, فقد حدث عندك تمزق في الرحم خلال محاولة الولادة الطبيعية, والطبيبة قد استنتجت بأن هذا التمزق سببه هو أن الطبيب الذي قد قام بالعملية الأولى قام بعمل امتداد للجرح في الجهة اليمنى من الرحم.
ورغم أنني أتفهم مشاعرك واستياءك مما حدث -ولك العذر في ذلك- إلا أنني أحب أن أوضح لك بعض المعلومات الهامة, لعلك إن علمت بها تهون عليك الأمور وتنظري لما حدث نظرة واقعية بعض الشيء, ونظرة رضا بالقضاء والقدر.
المعلومات التي أود أن أوضحها هي: إذا كانت العملية القيصرية الأولى التي قام بها الطبيب هي (عملية سفلية) أي أنها في الجزء السفلي من الرحم (وهذا هو المتوقع) فهنا -وللإنصاف- أقول: لا يمكن لأحد أن يقرر الآن: هل التمزق الذي حدث عندك كان بسبب ضعف (امتداد) جرح القيصرية إلى اليمين أم بسبب ضعف الجرح الأصلي للقيصرية.
بمعنى أوضح أقول: إن جرح العملية القيصرية تتم في الجزء السفلي من الرحم، (وهذا هو نوع الغالبية العظمى من العمليات القيصرية الآن) يحمل معه احتمال حدوث تمزق خلال الولادة بشكل طبيعي (حتى لو تمت هذه العملية بيد أمهر الأطباء), لكن هذا الاحتمال هو قليل جدا, وهو بحدود 1% فقط, أي من ضمن كل 100 حامل لديها قيصرية سابقة, فإن واحدة منهن فقط ستتعرض لتمزق الرحم في حال أعطيت الفرصة لهن جميعا بولادة طبيعية.
وفي علم الإحصاء تعتبر هذه النسبة قليلة, وتصبح أقل بالمراقبة الدقيقة؛ مما يجعلنا نشجع المرأة على الولادة المهبلية, إذا كان كل شيء آخر عندها طبيعيا, لأن احتمال الولادة الطبيعية في هذه الحالة هو 70%, وهي نسبة عالية يجب الاستفادة منها بشرط أن تكون السيدة على علم بذلك وموافقة عليه, حينها يتم وضعها تحت مراقبة دقيقة في غرفة الولادة -كما سبق وذكرت- مع التأكد من أن غرفة العمليات جاهزة, و يتم الانتباه إلى تطور المخاض عندها بحذر, فإن لوحظ بأن المخاض لا يتطور بالشكل الطبيعي, أو إن شعرت بألم غير طبيعي في مكان الجرح, فيجب عدم الاستمرار بمحاولة الولادة الطبيعية, بل يجب التوجه إلى عمل قيصرية فورا, حتى لو كان نبض الجنين سليما.
لكن إذا كانت العملية القيصرية الأولى هي (قيصرية علوية) أي قد تم عملها في الجزء العلوي من الرحم (وهذه حالات نادرة), فهذه الحالة هي حالة هامة جدا, وكان يجب على طبيبك الأول أن يخبرك بحالتك وبخطورتها, بل وكان عليه أن يعطيك تقريرا مفصلا يفيد بأنه اضطر إلى عمل هذا النوع من العملية, مع شرح السبب الذي اضطره إلى ذلك من أجل أن تعرضيه على كل طبيبة تراجعينها مستقبلا، وفي كل حمل, وكان عليه أن ينبهك إلى أن كل ولاداتك القادمة يجب أن تتم بالعملية القيصرية الانتخابية, أي المجدولة مسبقا, ولا يجوز أن تأخذي أي فرصة في الولادة الطبيعية أبدا, حتى لو كانت ولادة مبكرة, بمعنى آخر وأوضح: في القيصرية العلوية, يجب أن لا تعاني أبدا من أي تقلصات رحمية، أو آلام المخاض؛ لأن احتمال تمزق الرحم في حال وجود قيصرية علوية هو احتمال مرتفع.
وهنا أنتهزها فرصة لأقول لك ولكل بناتي وأخواتي السائلات: إن عليكن دوما أن تحتفظن بصورة عن تقرير أي عملية قيصرية, من أجل عرض هذا التقرير على الطبيبة المتابعة في الحمل القادم, والتي ستقوم بعمل العملية الجديدة, لقراءته ومعرفة نوع العملية التي تم عملها, ومدى قوة الندبة في جدار الرحم, من أجل تحديد موعد القيصرية بناء على ذلك, وهذا الكلام هو هام جدا لك الآن.
بالنسبة لسؤالك عن الحمل فأقول لك: بإمكانك الحمل بعد سنة ونصف, فالندبة ستكون قد التأمت إن شاء الله, والمهم هو أن لا يحدث الحمل قبل سنة, وكلما طالت فترة الانتظار كان أفضل.
نسأل الله عز وجل أن يديم عليك ثوب الصحة والعافية دائما.