السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شابة بعمر 23 سنة، ذكية، لدي شهادتان جامعيتان، أبدو جميلة، تقدم العديد لخطبتي، هذه أنا من الخارج.
أما عن نفسي فأنا أشعر بوحدة، وبضعف وعجز، وكسل وخجل، وخوف، لا أعلم! أنا كنت فتاة لدي طموح، وأسعى للنجاح في حياتي، وأن أحقق ذاتي، ولكن كل السلبيات والإعاقات النفسية تمنعني، كل حدث يؤثر علي، أريد أن أتغير جذريا، وأصلح نفسي، وأنا أطلب منكم نصائح وإرشادات شاملة ودقيقة في كل مجالات وجوانب حياتي.
ماذا أفعل كي أكون قوية وأثق بنفسي؟ كيف أنجح وأحقق ما أريد؟ كيف أتخطى كل مشاعري السلبية والإحباط؟ كيف أكون أفضل ما في نفسي؟ كيف أتصرف مع الناس وأضبط علاقاتي؟
تقبلوا مني فائق التقدير والاحترام.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا على هذا الموقع، وبهذه الأسئلة.
نعم ليس غريبا أن يكون الإنسان نشيطا وطموحا ومتفائلا، ثم ولأسباب متعددة يتغير هذا الحال، إلى شيء شبيه بما وصفت في سؤالك.
الغالب أن هذا التغير إنما هو بسبب الظروف الأسرية والاجتماعية، وأحيانا أقل بسبب بعض الظروف النفسية كالشعور ببعض الاكتئاب أو الإحباط.
غالبا ما يحصل هذا التغير في السن المقاربة لعمرك، سن الشباب أوائل العشرينات من العمر، حيث يلعب البعد الاجتماعي الدور الأكبر، فهذا العمر يتطلب من الإنسان النمو والاندماج الاجتماعي، فربما واجه بعض الصعوبات، ليس لمرض أو ضعف في الشخصية، وإنما -وكما ذكرت- بسبب الأوضاع الأسرية والاجتماعية، وهذه المرحلة أيضا هي مرحلة البحث عن العمل، وبداية الحياة المهنية، وهي أيضا مرحلة الخطبة والزواج.
إذا كما تلاحظين، هي مرحلة ممتلئة بالمتغيرات الكثيرة، والتي تسبب ضغطا نفسيا وتوترا، يتطلب من الشخص التكيف معها.
لا شك أن هناك الكثير مما يمكنك أن تقومي به لتغيير هذا الحال، وخاصة أنه يبدو من خلال سؤالك أنك في حالة نفسية من ضعف الثقة بالنفس؛ لأنه يغلب على ذهنك الأمور السلبية، وهذا أيضا بسبب ضعف الثقة بالنفس.
أريد منك وخلال الثلاثة الأسابيع القادمة أن تتقصدي تذكر الإيجابيات في حياتك، ولا بد أن منها الكثير، بالرغم من عدم تصديقك الآن لهذا بسبب الحالة النفسية التي أنت فيها.
يمكن أن أعدد من الإيجابيات على سبيل المثال: أنك أنهيت الجامعة، وأنك خريجة بشهادتين، وما زلت في 23 سنة من العمر، والمنظر الحسن، والشباب يتقدمون لخطبتك، وأحلامك وطموحاتك.
إننا كثيرا ما نسجن أنفسنا في أفكار ومعتقدات عن أنفسنا، بأننا مثلا نتحلى بصفات معينة، أو أننا كسالى، أو أننا غير موفقين، أو بلا إرادة، أو أننا ضعاف الثقة في أنفسنا. وتأتي عادة هذه الأفكار من مواقف الناس منا، ومن كلامهم عنا، وخاصة في طفولتنا، فقد يقولون عنا -مثلا- أن عندنا خجلا أو ترددا أو ضعفا أو ضعف الثقة في أنفسنا، فإذا بنا نحمل هذه الأفكار والمعتقدات على أنها مسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل. وقد تمر سنوات قبل أن نكتشف بأننا ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين، والمؤسف أن الإنسان قد يعيش كل حياته، ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار!
لا بد لك، وقبل أي شيء آخر أن تبدئي (تحبي) هذه النفس التي بين جنبيك، وأن تتقبليها كما هي، فإذا لم تتقبليها أنت فكيف للآخرين أن يتقبلوها؟!
مارسي عملك بهمة ونشاط، وارعي نفسك بكل جوانبها وخاصة نمط الحياة، من صلاة، وعلاقة مع الله، والتغذية، والنوم، والأنشطة الرياضية، وغيرها مما له علاقة بأنماط الحياة، وأعطي نفسك بعض الوقت لتبدئي بتقدير نفسك وشخصيتك، وبذلك ستشعرين بأنك أصبحت أكثر إيجابية مع نفسك وشخصيتك وحياتك.
من المحتمل أن تخف عندك مثل هذه الأفكار السلبية من تلقاء نفسها، وخاصة من خلال اقتحام المواقف التي ترتبكين فيها، أو تشعرين معها بضعف الثقة في النفس كما في نطاق الحديث مع الناس.
أريدك أن تستيقظي غدا، مع يوم جديد، وليكن صباح الغد هو صباح ولادتك من جديد متذكرة تلك الفتاة التي كنتها في الماضي، فأنت أدرى الناس بها. ابدئي يومك بالصلاة، ومن ثم التواصل مع أسرتك، ومن بعدها الخروج من البيت في فعل عمل كنت تفكرين بالقيام به منذ مدة، مهما كان هذا العمل كبيرا أو صغيرا، وهكذا نبني ثقتنا بأنفسنا من خلال العمل والإنجاز، فالنجاح مهما كان صغيرا فإنه يؤدي لنجاح أكبر منه.
وفقك الله ويسر لك.