السؤال
السلام عليكم
لثقتي بما تطرحونه ونصائحكم الرائعة والمفيدة أكتب لكم عن معاناتي.
كان لدي وسواس من الأمراض، وكذلك على صحة والدي، وبعدها تطور إلى قلق ورهاب اجتماعي، صرت أكره المناسبات، ولا أستطيع حتى الصلاة في المسجد، قمت بزيارة أحد الأطباء عام 1422هـ، واستمررت على العلاج لمدة 12 سنة، -والحمد لله- تحسنت حالتي كثيرا، وبعد إيقاف العلاج بالتدريج حسب كلام الطبيب رجعت لي حالات الخوف والهلع، لدي خوف شديد من الاجتماعات والأماكن المزدحمة، وعندي وسواس شديد وخوف من المستشفيات، وقياس الضغط تحديدا والتحاليل.
اتصلت بالطبيب المعالج فقال استخدم علاج باروكسات 30مج، نصف حبة يوميا، لمدة أربعة أشهر، علما أن أعراض الحالة: خوف شديد خفقان وبرود بالأطراف، غازات ضيق تنفس، ضعف بالقدمين.
أرجو منكم إرشادي للعلاج الصحيح، ومدة شفائي من هذه الحالة، لأنني لست متحسرا على شيء أكثر مما أتحسر على التفريط بصلاة الجماعة والجمعة.
بارك الله فيكم وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لك العافية والشفاء.
أيها الفاضل الكريم: أنت لديك تجربة طويلة جدا مع العلاج الدوائي لعلاج حالة الرهاب الاجتماعي والقلق الذي تعاني منه، وكان العلاج جيدا، لكن بعد أن توقفت عنه أتتك الانتكاسة المرضية مرة أخرى، والسبب واضح جدا، وهو أنك لم تدعم الآليات السلوكية التي تحفظك من الانتكاسة.
أثناء تناول العلاج الدوائي من المفترض أن يقوم الإنسان بإجراءات سلوكية كثيرة، مثل الانضمام لجمعية خيرية أو دعوية أو ثقافية، هذا يساعد في استمرارية التواصل الاجتماعي الصحيح، أن يكون دائما في الصف الأول في صلاة الجماعة، أن يمارس رياضة جماعية، بمعنى أن يكون هنالك سلوك مؤسس على قيمة التمازج الاجتماعي الصالح والمفيد، هذا يدعم التحسن، ويمنع الانتكاسات.
أقول لك: أن عقار (باروكسات) الذي وصفه لك الطبيب هو دواء جيد، دواء فاعل جدا، وأتصور أن الطبيب قد نصحك لزيادة الجرعة بأن تجعلها حبة واحدة، جرعة ثلاثين مليجراما يوميا لمدة ستة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى 15 مليجرام يوميا لمدة أربعة أشهر مثلا، ثم 15 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم 15 مليجرام مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء، وخلال هذه المدة لابد أن تكون لديك تطبيقات سلوكية واضحة جدا.
أخي: الخوف الذي يمنع من الصلاة هذا خوف شيطاني ولا شك في ذلك، بمعنى أن الشيطان قد راوغ الإنسان للدرجة التي تجعله يتقاعس عن الصلاة، أخي الكريم: أنت أرفع من هذا، وأنت أسمى من الشيطان وكيده، والخوف من ترك الصلاة وعواقبه يجب أن يطغى على كل خوف آخر ليجعلك تذهب إلى الصلاة.
أخي الكريم: من هذه اللحظة، حتم على نفسك أن صلواتك الخمس يجب أن تكون مع الجماعة، واعرف أن الصلاة مع الجماعة هي أفضل الأعمال، كما روي عن سيدنا عبد الله بن مسعود، حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم-: أي العمل أفضل؟ قال: (الصلاة على وقتها) قال: ثم أي؟ قال: (بر الوالدين) قال: ثم أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله).
أيها الفاضل الكريم: الإنسان إذا أدرك قيمة الشيء وجعله على رأس أسبقياته ينفذه ولا شك في ذلك.
سر على هذا المسار، وحقر فكرة الخوف، وغير نمط حياتك، ووسع من شبكتك الاجتماعية، وهذا هو الذي يجب أن تنتهجه للخروج من دائرة المخاوف.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.