السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب متزوج، عمري 30 سنة، أعاني بعض الأحيان من تقلب في المزاج وانعدام الثقة والتوتر، وأحاول تجنب المناسبات الاجتماعية، وخاصة مناسبات الأقارب؛ لأني دائما أحس بالارتباك والتعرق والتوتر ودقات قلبي تتسارع، وأتخيل دائما أنهم ينظرون إلي أنني مريض نفسيا.
عندما كنت في سن 18 كنت إنسانا اجتماعيا، وأحب أن أكون علاقات، وكان لدي الكثير الكثير من الأصدقاء، وأحب أن أحضر جميع المناسبات، بل أشعر بالفرح إذا حضرت، ولكن انتكست حالتي، وأعتقد أن السبب أنه لما كنت في مناسبة، وكان بها الكثير من الحضور، وتحدثت وتلعثمت في الكلام، وانحرجت كثيرا من هذه الحادثة، واعتقدت أنها منها، والآن فقدت الكثير من الأصحاب والأحباب والأقارب.
لدي الآن أصدقاء، ولكن دائما أحس أنني وحيد حتى اتجهت إلى ما يغضب الله، وبعض المرات لا أصلى ودائما أفكر أنني إنسان عالة على المجتمع؛ لأنه لا فائدة مني أنا أعلم أن الجميع يحبني ويحترمني، ولكن في بعض المرات أتخيل أن بعض الأقارب ينظرون إلي أني شخص مريض ومعقد.
طبيعة شخصيتي أني أحب الضحك مع من يحب الضحك والمرح، وشخصية ودودة جدا، ولا أحب أن أضر أحدا، أريد أن أرجع مثل السابق الشخصية الاجتماعية المحبة لفعل الخير، الشخصية المحبة للطاعات والعبادات، والخائفة من عذاب الله.
أريد أن أحس بتأنيب الضمير مثل السابق، أريد أن أكره كل شيء يغضب الله، وأريد أن تزيد الثقة لدي، وأن أرى الحياة بنظرة إيجابية، وأريد أن أصلي في المسجد؛ لأني أنا حاليا كل ما أريد أن أذهب أن أصلي بالمسجد أحس بالضيق، وأفكر أن سأرى أحدا أعرفه بالمسجد.
أريد علاجا مناسبا لحالتي وطريقة الوصفة والمدة.
جزاكم عنا خيرا، وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بدر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أيها الفاضل الكريم: الثقة بالنفس وتثبيت المزاج لا يأتي للإنسان إلا إذا كان إيجابيا في تفكيره، وقيم نفسه بصورة صحيحة، ولم يحقر، أو لم يقلل من مقدراته، وبجانب ذلك لا بد أن تكون للإنسان أهدافا في الحياة، الإنسان الذي ليس له أهداف في الحياة لا يثق بنفسه، يكون متوترا، يكون محبطا، يكون متقلب المزاج؛ لأن الشعور السلبي يكون هو المسيطر، أما الذي لديه أهداف واضحة في الحياة ويضع الآليات التي توصله لتلك الأهداف قطعا يشعر أن حياته لها معنى، مما يجعله مثابرا وإيجابيا وجيدا في كل شيء.
فيا أخي الكريم: ضع لنفسك أهدافا آنية، وأهدافا متوسطة المدى، وأهدافا بعيدة المدة، الأهداف الآنية هو الشيء الذي يجب أن تحققه في ظرف يوم أو يومين، والأهداف متوسطة المدى هي خلال ستة أشهر، والأهداف بعيدة المدى هي الأهداف التي يحاول أن يصل إليها الإنسان خلال حياته.
اجعل لنفسك نصيبا من هذا، أي أن تكون لك خططا واضحة، هذا يشعرك بقيمتك الذاتية، ويطور من مهاراتك.
والأمر الآخر هو: ضرورة التواصل مع الناس خاصة الصالحين منهم، الإنسان يجب أن يختار من يخالل ويصاحب، مصاحبة الخيرين والطيبين والخيرين والصالحين والمتميزين تجعل الإنسان يتمثل بهم ويأخذ بهم كنموذج في حياته، وتطوير المهارة يأتي من خلال ذلك.
النقطة الثالثة هي: يجب أن تكون شخصا فعالا في أسرتك، يجب أن تسأل نفسك: ما الذي يجب علي أن أقدمه لأسرتي؟ ما هي المبادرات التي يجب أن آخذ بها؟ ماذا فعلت من أجل أن تكون أسرتي مستقرة؟ هذا – أيها الفاضل الكريم – هو عين العلاج.
ما ذكرته لك هو الذي يجب أن تطبقه، ويجب أن تلجأ إليه، وتلجأ قبل ذلك وبعد ذلك إلى الله تعالى، وتتوكل على الله، وتستعن به، وإن اتبعت ما ذكرته لك سوف تجد تغيرات عظيمة جدا في شخصيتك.
بالنسبة لموضوع الصلاة في المسجد: من يستشعر أهمية الصلاة يصلي في المسجد، والصلاة يجب أن تكون على رأس الأمر كله – أيها الفاضل الكريم – هي خير الأعمال وأفضله ولا شك في ذلك، ولا بد أن يخاف الإنسان على نفسه إذا كان لا يحرص ويحافظ على الصلاة، أخافني جدا قول شيخ ابن عثيمين - عليه رحمة الله تعالى – حين قال أن الذي يحس بالتكاسل في العبادة - خاصة أنه لا يؤدي الصلاة في وقتها – يجب أن يعرف أنه ربما يكون من الذين كره الله انبعاثهم فثبطهم، وأبلغ من ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أخالف إلى رجال يتخلفون عنها فآمر بهم فيحرقوا عليهم بحزم الحطب بيوتهم ولو علم أحدهم أنه يجد عظما سمينا لشهدها) يعني صلاة الجماعة.
إذا يجب أن نخاف من أن هفواتنا وإخفاقاتنا في العبادة قد تكون دليلا أن الله تعالى كره عبادتنا ولم يأذن لنا بطاعته، لذلك نقول بعد كل صلاة: (اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك). نسأل الله تعالى أن يوفقنا لطاعته ولما فيه الخير.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.