بدأ إيماني يتناقص تدريجيًا حتى عدت كما كنت في السابق.

0 286

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أنا شاب عمري 20 سنة، من علي الله بنعمة عظيمة جدا، وهي نعمة الالتزام، أنا شاب معجب جدا بالموسيقى الكلاسيكية الأوربية التي تحتوي فقط على آلات موسيقية بدون الغناء، وأيضا أنا أعزف على الآلات الموسيقية منذ 5 سنين.

في العام الماضي رزقني الله بتوبة كاملة من المعاصي، وأصبحت شابا متدينا، ولكن منذ 6 أشهر، وبشكل مفاجئ بدأ يتناقص إيماني بشكل تدريجي حتى عدت كما كنت في السابق، حاولت جاهدا العودة إلى الله، ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل.

لا أريد قول هذا؛ لأنني لم أقنط من رحمة الله، ولكني أحيانا أشعر بأن الله قد طردني من رحمته، علما أنني كنت أرتكب بعض الذنوب التي يصعب علي تركها الآن.

أعينوني أعانكم الله، والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يردك إلى الحق مردا جميلا، وأن يغفر لك ما سلف من ذنوبك، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين.

وبخصوص ما ورد برسالتك فإنه مهما لعب بك الشيطان فإني أرى في قلبك جذوة الإيمان مشتعلة، والدليل على ذلك دخولك إلى هذا الموقع الإسلامي، وسؤالك عن قضايا تدل على أنه رغم ما وقعت فيه من معاص، ورغم أن إيمانك بدأ يتناقص تدريجيا، حتى عدت كما كنت قبل توبتك، إلا أني أقول: ما زال هناك قدر كبير من الإيمان يملأ قلبك، والدليل على ذلك أنك ما زلت تبحث عن الطريق الصحيح إلى الله تعالى.

كونك تشعر بأن الله قد طردك من رحمته، هذا كلام خطير، ولا ينبغي لمثلك أن يقوله أبدا؛ لأن الله تبارك وتعالى لم يطرد أحدا من رحمته، اللهم إلا إبليس -لعنه الله- الذي لو سأل الله تبارك وتعالى أن يغفر له لغفر الله له، ورغم أنك وقعت في معاص وما زلت تقع فيها إلا أنك ما زلت تسأل الله تبارك وتعالى من رحمته وفضله، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن أمرك سهل ميسور -بفضل الله تعالى-، وأن توبتك قاب قوسين أو أدنى.

ولذلك الذي أنصحك به -ولدي الكريم أحمد- أول شيء: أن تبحث عن العوامل التي أدت إلى انتكاستك؛ لأنه لا بد ومما لا شك فيه من وجود عوامل أدت إلى هذه الانتكاسة، وإلى هذه العودة التي لم تكن متوقعة، خاصة بعد أن ذقت حلاوة الإيمان وأصبحت متدينا بمعنى الكلمة، وأصبحت تشعر بقرب الله تبارك وتعالى منك وقربك منه، إذا لا بد من البحث أولا عن العوامل التي أدت إلى هذه الانتكاسة.

ثانيا: لا بد من وضع خطة للقضاء عليها.

ثالثا: لا بد من توفير بيئة بديلة، والبيئة البديلة أقصد الصحبة الصالحة، التي تعينك على طاعة الله تعالى ورضاه.

رابعا: مصاحبة القرآن الكريم الذي هو خير جليس؛ لأنك ما جلست إليه إلا وقمت غنيا ثريا من الحسنات والأجور والعلوم والمعارف.

خامسا: عليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يغفر الله ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يقبلك في عداد عباده التائبين.

سادسا: أوصيك بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وأذكار ما بعد الصلاة، كذلك المحافظة على أذكار الصباح والمساء، كذلك أوصيك بالإكثار من الاستغفار والصلاة على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-.

وأهم شيء كما ما ذكرت هي الصحبة الصالحة الطيبة، فابحث عن صحبة صالحة وعش معها وقت فراغك، وألح على الله تبارك وتعالى أن يغفر ذنبك وأن يستر عيبك، وحاول أن تشغل نفسك بالعلم الشرعي ولو بحفظ آية أو آيتين أو ثلاث آيات من القرآن الكريم يوميا، كذلك حفظ حديث أو قراءته من كتب السنة المشهورة، كذلك احرص على حضور المحاضرات والندوات، أكثر من ذكر الله تعالى حتى يسكب الله المحبة في قلبك، وأكثر من دعاء الله تبارك وتعالى أن يرزقك حبه ملء قلبه، حتى تكون من صالح عباده ومن أحب عباده إليه.

أنا واثق أنك -بإذن الله تعالى- سوف تتحسن حالتك، وسوف تعود مرة أخرى إلى ما كنت عليه -بإذن الله تعالى- من الإيمان والتقوى والصلاح. اعلم أن الله تبارك وتعالى لا يطرد من رحمته إلا الكافرين، أما العبد العاصي مهما بلغت ذنوبه فإن الله تبارك وتعالى بشرنا أن الذنوب حتى لو بلغت عنان السماء، أو كانت مثل زبد البحر، وسأله عبده أن يغفر له لغفر له.

لا تنس أن في قلبك مفتاح الجنة، وأنك تملك مفتاح الجنة الذي هو كلمة التوحيد، فحافظ على ما أكرمك الله به، وأبشرك بقوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} فاترك جميع المعاصي حياء من الله؛ لأن هذه الانتكاسة لعل سببها أن بعض المعاصي لم تتب منها، فوجد الشيطان سبيلا إلى قلبك حتى استطاع أن يعصف بك مرة أخرى.

أسأل الله أن يغفر لك وأن يتوب عليك، وأن يمن عليك برضاه ورضوانه، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات