لا أستطيع تكوين صداقة ولا يتواصل معي الآخرون، ما نصيحتكم؟

0 327

السؤال

السلام عليكم

أنا بعمر 35 سنة، أصاب بالخوف والهلع عند مقابلة المسئول الخاص بي أو مديري للاستئذان أو الخروج من العمل، أذهب وأعود وأفكر قبل المواجهة، وكأنها مواجهة تحد!

أشعر وقتها بزيادة في دقات القلب، وتعرق أحيانا، وحينما يرفض أكون حساسا أكثر، وأقوم بتأويل الرفض أنه لا يقدر عملي، أنا أعمل أكثر من الآخرين، وحين يرفض أستمر مدة يومين في التفكير بهذا الموضوع، والأكل يقل أكثر من الأول، لأنه حتى أكلي قبل المشكلة قليل، وجبتين باليوم فقط، وبعد ذلك يبدأ كرهي لهذا المدير، وتجدني لفترة طويلة لا أذهب لمكتبه.

الغريب في حال تكلم معي أشعر أنني أتخاطب معه بشكل طبيعي، وكأنه ليس بيننا شيء، وأنا محروق من الداخل!
لست اجتماعيا، أحس أني لا أفهم الناس أو الناس لا تفهمني، حينما أجلس بجانب شخص لا أستطيع أن أكون صداقة، لا أستطيع فتح مواضيع حوارية، وطول وقت جلوسنا يكون الصمت هو الأكثر، وتنتهي المناسبة والفرصة.

حساس جدا من أي كلمة، فأنا أسود البشرة، وحينما يقول شخص بالمجلس أو بالمحل أو أي مكان هناك عبيد قديما، أو يتكلم عن السودان أو إفريقيا فأقول أنا المقصود، وأخرج الجوال وأتصفح لكي لا يلاحظني الآخرون.

لا أحد يتصل إلا لمصلحة، كثيرا ما أتصل بالآخرين أسأل عن أحوالهم ولكنهم لا يعاودون الاتصال بي، فأنا من يتصل، وحينها أحس أنني أسبب ثقلا لهم، ولا أتصل عليهم وتنقطع علاقتنا ونتقابل بالمناسبات فقط.

علاقتي مع الوالدين رسمية، ولو كنا مسافرين أكون قليل الكلام، وما أقول لهم عن يومي، وماذا صار فيه وطول الطريق ساكت.

أما مع زوجتي وأولادي أعود من العمل، ولا أقول لهم ماذا فعلت، ولو ضاق صدري أو تعبت ما أقول، وكذلك مع إخوتي، فقط كيف الحال؟ ولا أضحك معهم، وهم أصلا يستغربون إذا ضحكت.

لدي قلون عصبي، وانتفاخات بالبطن، وتقرحات، وتم بحمد الله معالجتها، ولم أشاهد تغيرا في شخصيتي بسبب القلون العصبي، واستخدمت حشيشة القلب لمدة شهرين، والرهاب موجود، وعلاقتي الاجتماعية لم تتغير، وبعدها تم إيقاف العلاج.

ساعدوني، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Fahe حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

أيها الفاضل الكريم: رسالتك بينة وواضحة جدا، وأنت في الأصل لديك ما نسميه بالميول العصابي، حيث كنت تعاني من القولون العصبي، أي أنه لديك درجة من القلق، وهذه قطعا تعتبر تربة خصبة جدا لظهور المخاوف والرهاب واهتزاز الثقة بالذات، وسوء التأويل في بعض الأحيان.

جل أعراضك تتمثل فيما نسميه بالرهاب الاجتماعي الظرفي، وهذا تولد عنه انسحابك اجتماعيا، وأصبحت تؤول الأمور بصورة وسواسية جدا.

أنت حين تطرح فكرة عنك وتكون جالسا في مجلس ويتحدث الناس في أمور معينة، تبدأ أنت في تأويلها وسواسيا، وهذا كثيرا ما يكون مصاحبا بالمخاوف.

إذا التشخيص النهائي لحالتك أنك تعاني من قلق المخاوف الوسواسي من الدرجة البسيطة، ومخاوفك هي ذات طابع اجتماعي.

العلاج أن تحقر كل هذه الأفكار، ألا تعطيها اهتماما أبدا، أن تنظم وقتك، أن تمارس الرياضة، وألا تحتقن، تكون معبرا عن ذاتك، أن تحرص على صلواتك في وقتها، وأن تطور نفسك فكريا واجتماعيا، وأن تحسن إدارة الوقت، وألا تخاف من المستقبل ولا تتحسر على الماضي، وأن تعيش الحياة الحاضرة بكل قوة وأمل ورجاء، وأنت لديك أشياء جميلة جدا في حياتك أيها الفاضل الكريم.

أنت محتاج لعلاج دوائي، وكأني فهمت من محتوى رسالتك أنك تعيش في السودان، فإن كان هذا هو الوضع اذهب وقابل الأخ الدكتور البروفيسور (عبد العزيز أحمد عمر) في الخرطوم، طبيب نفسي متميز، وإن لم تكن في السودان فقابل أي طبيب نفسي في المكان الذي تعيش فيه، وهذا هو الأفضل، وإن لم تستطع ذلك فحاول أن تتحصل على علاج دوائي، أنت محتاج لعلاج دوائي يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft) أو يعرف تجاريا باسم (لسترال Lustral) ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline)، ودواء آخر يعرف تجاريا باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويعرف علميا باسم (سلبرايد Sulipride).

السيرترالين هو العلاج الرئيسي لحالتك، والسلبرايد هو العلاج المساعد.

جرعة السيرترالين هي أن تبدأ بحبة واحدة ليلا، تتناولها لمدة شهر، يفضل تناولها بعد الأكل، ثم بعد ذلك اجعلها حبتين ليلا لمدة أربعة أشهر، ثم اجعلها حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم حبة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أما السلبرايد وهو العلاج المساعد فتناوله بجرعة كبسولة واحدة لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

هذه الأدوية أدوية فاعلة، وهي أفضل كثيرا من حشيشة القلب، وليس لها آثار جانبية كثيرة، فقط قد تزيد شهيتك نحو الأكل، خاصة السيرترالين، وربما يحدث أيضا تأخر في القذف المنوي عند المعاشرة الزوجية، بخلاف ذلك ليس هنالك أي مشكلة.

أخي الكريم: في موضوع الرهاب الاجتماعي دائما يجب أن ننظر إلى البشر جميع البشر بتقدير واحترام، ولا نعظمهم أو نجلهم أكثر من ذلك، الناس هم الناس أخي الكريم، يحيون، ويعيشون، ويموتون، ويمرضون، ويأكلون، وينامون، ويذهبون إلى دروات المياه، هذا هو الإنسان.

المهم الاحترام والتقدير بينهم وإنزال الناس منازلهم، لكن الرهبة المرضية مرفوضة، وعليك أن تكثر من التواصل الاجتماعي، أن تتصدر المجالس، أن تكون في الصف الأول في صلاة الجماعة، هذا يزيل عنك أي رهبة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات