السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
تجد الفتيات في قمة الأخلاق والأدب والعلم ولكن الأمهات غير صالحات، وهذه المشكلة تواجه الفتيات من ناحية الزواج، وهذه المشكلة تواجه الشباب عندما يتقدمون للزواج، فهل الفتاة تتحمل ما تفعله أمها؟ وما العمل لإصلاح مثل هذه المشكلة؟ لقد أصبحت هذه المشكلة تواجه الكثير في المجتمعات العربية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
ابنتي العزيزة/ رجاء حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله العظيم أن يصلح أحوال الجميع وأن يردنا إلى رحاب طاعته، وأن يهدينا ويجعلنا سببا لمن اهتدى، وبعد:
فالصواب أنه لا تزر وازرة وزر أخرى، فلا ذنب للفتاة أو الفتى في أخطاء والديه أو سلوك بعض أفراد عشيرته، ولا يلام إلا من رضي بالشر وجامل أهله وسكت عن بيان الحق، أو هجران بيئة المنكر؛ لأنه بذلك يكون راضيا ومشاركا والعياذ بالله.
ولكن يؤسف الإنسان أن يقول: إن الفتاة كثيرا ما تتأثر بأخلاق أسرتها؛ لأن المرأة كالثوب الأبيض، وكما قيل: (إن البياض قليل الحمل للدنس)، ولذا أرجو أن تجتهدي في إصلاح الاعوجاج، واحرصي على أن تستقيمي على طريق الحق وتعلني مخالفتك لكل الممارسات التي تغضب الله، وكل إنسان يحب والديه، ولكن طاعة الله أغلى، والإنسان ينكر على والديه بأدب ولطف كما فعل الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام: ((يا أبت لا تعبد الشيطان ...))[مريم:44] إلخ.
ونلاحظ أنه اختار ألفاظا طيبة بدأها بهذا اللفظ المحبب (يا أبت)، وأظهر الشفقة الشديدة والحرص على هداية أقرب الناس إليه.
وابشري يا ابنتي فإنه إذا وجد صلاح حقيقي فإن الله يتولى الصالحين ويدافع عن الذين آمنوا من رجال ونساء، ومهما كان أهل الإنسان فيهم شر فلابد من ظهور الفجر ووضوح الحق، وقد قال الشاعر الحكيم:
دلائل الخير لا تخفى على أحد *** كحامل المسك لا يخلو من العبق
ويؤسفنا أن نقول: إن التناول الإعلامي لقضية أم الزوجة (الحماة) جعل هذا الأمر من المشكلات التي تؤرق الشباب، وليت القائمين على أمر إعلامنا يدركون أبعاد تلك الممارسات التي يهدفون من ورائها إلى شغل الناس، ومن ثم نجني تلك الثمار المرة.
ونذكر شبابنا بأن الإنسان يعيش بالدرجة الأولى مع زوجته وليس مع أمها أو خالتها، فإذا تيقنا أن الفتاة رافضة للممارسات الخاطئة، ومتمردة على الأعراف المخالفة لشريعتنا؛ فعلينا أن نسارع لتخليص مثل هؤلاء الخيرات من تلك البيئات، وبذلك نتيح للصالحة بناء مملكة جديدة وفق ضوابط هذه الشريعة الغراء.
وليس معنى ذلك أن نتخلى عن نصح أحب الناس إلينا، فكل إنسان فيه قابلية للتغيير ولذلك كانت الرسالات والمواعظ، وبالإخلاص والتوجه إلى الله والصبر يدرك الإنسان ما يريد بإذن الله وتوفيقه.
والهداية بيد الله سبحانه، وقد قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: ((إنك لا تهدي من أحببت))[القصص:56] وما ضر نوحا عليه السلام كفر ولده ولا خيانة زوجته بموالاتها للكافرين.
ولذا فنحن نوصي فتياتنا بالصبر وإظهار السيرة الحسنة بين زميلاتهن وأهلهن، ونوصي الرجال بعدم الظلم في الحكم على الفتيات بأحوال أهلهن، وأصابع اليد الواحدة مختلفة، ويخطئ من يتزوج من فتاة فقط لصلاح أبيها أو أخيها، ويخطئ كذلك من يترك الصالحات لأجل سلوك والدتها أو أهلها، فلابد من التثبت قبل إصدار الأحكام، ولا يجوز الانخداع بالمظاهر فقط.
نسأل الله العظيم أن يجعلنا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسنا أو الوالدين والأقربين، وأسأل الله العظيم أن يفرج عن فتياتنا، وأن يجعل الصلاح في ذرياتنا إلى يوم الدين.
وبالله التوفيق.