السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أبلغ من العمر (19) سنة، أحببت شخصا يكبرني بثلاثة أعوام، وأحاول جاهدة نسيانه،، لكن ما باليد حيلة، فقد مر على هذا الشعور ما يقارب الخمسة أعوام، أردد في نفسي بأن علاقتنا ليست إلا مجرد نزوه، وأنني سأتمكن من تخطيها - بإذن الله -.
لقد عجزت، وليس باستطاعتي التخلص من هذه المشاعر، فكلما التقيته يزداد إعجابي به، وبأخلاقه الحسنة، وحسن معاملته، أنا أرتاح كثيرا من حديثي وفضفضتي له، ولكن سرعان ما يراودني الغضب، والشعور بعدم الرضى على نفسي؛ لأني أحمل له هذه المشاعر، فأردد في نفسي قائلة: إلى متى سيستمر ذلك؟
الحب فطرة فطرنا الله عليها، ماذا يجب أن أفعل؟ وكيف يمكنني الهروب؟ وإلى أين المفر؟ لقد قرأت من بعض المصادر أن هذا الحب حب جائز، والحل هو تعويضه بحب الله عز وجل، حبي لله خالقي يفوق حبي لأي شيء في الدنيا، وكذلك حبي لعائلتي وأصدقائي، لكنني وبالرغم من ذلك كله، ما زلت أحبه، وحبه يحتل مكانا كبيرا في قلبي، فهل لي أن أحتفظ بهذا الشعور لنفسي، وأدعو لله بأن يجعله من نصيبي فيما يرضيه؟ أم أن هذا الحب حب محرم، ويجب التخلص منه؟ وهل يجب أن أمتنع عن رؤية هذا الشخص؟ علما بأنه لا يعلم شيئا عن هذه المشاعر، والعلاقة التي تجمعنا هي علاقة صداقة محترمة.
أخيرا وليس آخرا، أشكركم على عملكم هذا، وأدعو الله أن يعينكم عليه، وأن يجعله في ميزان حسناتكم، وأرجو أن تفقهوا ما ورد باستشارتي، وأن تتمكنوا من مساعدتي قدر المستطاع، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ fatima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك - ابنتنا العزيزة - في استشارات إسلام ويب، نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يقدر لك الخير، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك، وتسكن إليه نفسك، ونشكرك على تواصلك معنا، وثنائك علينا، ودعائك لنا، ونحن نبادلك هذا الثناء بالدعاء، فنسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير كله عاجله وآجله.
ما ذكرته - أيتها البنت العزيزة -، يستحق منا أن نقف معه وقفات.
مع موضوع الحب لهذا الشخص، والتعلق به، وهل ذلك حرام أم جائز؟ والجواب عنه - ابنتنا الكريمة -، أن الحب من أعمال القلب، فإن كان الإنسان قد تسبب بذلك، بأن نظر نظرا محرما عليه، أو فعل شيئا من هذا الجنس من التصرفات، أي ما نهى الله تعالى عنه من النظر، أو الكلام، أو غير ذلك، فوقع القلب في الحب بسبب ذلك، فإنه يأثم؛ لأنه أثم بالسبب.
أما إذا وقع الحب في القلب من غير تسبب من صاحبه، فإن هذا لا يأثم به الإنسان، وإنما يطالب بمدافعته وعلاجه.
ونحن لمسنا من كلامك - أيتها البنت العزيزة -، أنك لا تزالين في المراحل الأولى من الوقوع في شراك العشق والحب، ولهذا فنحن ننصحك نصيحة من يحب لك الخير، ويتمنى لك سعادة الدنيا والآخرة، ننصحك بأن تكوني جادة في معالجة هذا الحب، والتخلص من آثاره قبل أن يتمكن منك، فلا تستطيعين له دفعا بعد ذلك، وربما جرك إلى ما لا تحمد عاقبته في أمر دينك ودنياك.
فنصيحتنا لك: أولا أن تدركي أن لله تعالى حدودا، يجب عليك أن تقفي عندها، وقد قال الله تعالى: {تلك حدود الله فلا تعتدوها}، ومن هذه الحدود أنه سبحانه حرم على المرأة أن تختلي بالرجل الأجنبي، أو أن تتكلم معه بكلام فيه خضوع ولين، كما قال سبحانه وتعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}، وألزمها الحجاب الشرعي أمام الأجنبي، فقال سبحانه: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}.
والنبي - صلى الله عليه وسلم -، حذرنا من فتنة الرجل بالمرأة، وفتنة المرأة بالرجل، وأخبرنا بأنها من أعظم الفتن التي يتعرض لها الإنسان.
هذه التعليمات والآداب كلها - أيتها البنت العزيزة -، ينبغي لك أن تقفي عندها جيدا، وألا تتهاوني أو تتساهلي في التعامل معها، واعلمي أن الله تعالى غني عنا جميعا، لا يحتاج إلى عباداتنا، ولا تنفعه تقوانا، ولكنه شرع سبحانه وتعالى ما شرع من الأحكام، لإصلاح أحوالنا الظاهرة والباطنة، فالراحة، والنعيم، والسعادة في طاعة الله تعالى، والشقاوة، وأنواع الهموم، ونكد العيش، إنما يجنيه الإنسان عندما ينحرف عن طريق الله، ويقع في معاصيه،فالحذر الحذر من تجاوز حدود الله.
أما هذا الحب الذي أنت فيه، فإن علاجه كما وصفنا لك، أن تأخذي أولا نفسك بالوقوف عند حدود الله، وتجنب تلك الممارسات التي كنت تفعلينها، من الحديث إلى هذا الشاب، والكلام معه، ثم إن كان الزواج بهذا الشاب ممكنا، فينبغي لك أن تعرضي نفسك على الزواج به، من خلال محارمك – إخوانك، أو أعمامك، أو أخوالك، أو من ترين من تركنين إليه -، فإن كان له رغبة في الزواج بك - فالحمد لله -، فما شيء أنفع للمتحابين مثل النكاح، وبهذا ورد الحديث الصحيح، وإن لم يكن إلى ذلك سبيل، فالحل هو السعي في قطع دابر التفكر بهذا الشاب، ومحاولة تيئيس النفس منه، وتذكيرها بخطاب العقل، فالنفس إذا يئست من الشيء نسته، وما دامت معلقة به محبة له، فإنها لا تزال تشتاق إليه، ويزداد التعلق به.
وننصحك بقراءة كلام ابن القيم - رحمه الله تعالى -، حول علاج العشق، فقد تكلم في كتابه الماتع المفيد، (زاد المعاد)، في المجلد الرابع، في صفحة مائتي وخمسة وسبعين(245)، كلاما جميلا حول علاج العشق، فننصحك بمراجعته، لأنه أطال الكلام فيه، وفيه نفع كثير، لكننا قد أتينا لك بأهم ما ينبغي أن تعولي عليه.
نسأل الله بأسمائه وصفاته أن يأخذ بيدك إلى كل خير.