شكوكي ووساوسي الدينية سوف تدمر حياتي ومستقبلي تماماً

0 320

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة بعمر (21) سنة، لا أعلم ما أعاني، ولكنني أظنه وسواسا قهريا.

منذ سنة كنت متدينة جدا، وكثيرة التقرب إلى الله، كنت أحفظ القرآن، وأحافظ على الصلاة، وأحاول بشتى الطرق أن أبتعد عن كل ما يغضب الله.

ذات ليلة حينما كنت أستمع لصوت القرآن تأثرت كثيرا، فقمت أصلي الليل، وفي اليوم التالي راودتني الوساوس، فشككت بوجود الله، فزعت وخفت أن أكون قد كفرت بالله، علما بأنني أعاني من الوساوس منذ سنة.

حاولت التخلص من هذه الوساوس، ولكنها ازدادت وأصبحت أكثر قوة، فكلما حاولت الفرار منها، أجد نفسي وقد بدأت أفكر في وساوس جديدة، فسلمتها نفسي؛ لأنني كلما حاولت أن أثبت عكسها أجدها تعود وبشكل جديد وقوي، أحاول جادة أن أشغل نفسى بأي شيء، حتى أتخلص منها، نعم إنني أنساها في بعض الأحيان، ولكن قلبي تأثر بسبب الوساوس.

حالتي النفسية سيئة جدا، أصبحت دائمة البكاء، وأشعر بأنني في بلاء كبير، أريد أن أتخلص من هذه الوساوس، أعيش في كابوس مزعج، هل أنا مريضة نفسية، أم أنني ملحدة - والعياذ بالله -؟ كيف لي أن أعالج نفسي؟ أتمنى منكم مساعدتي.

ولكم مني خاص الشكر والثناء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ mai حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أنت لست مريضة نفسية، لكن لديك ظاهرة نفسية، التجربة مع الوساوس مؤلمة، خاصة حين تكون هذه الوساوس ذات طابع ديني، ونوع الوساوس الذي أصابك منتشر جدا في منطقتنا وبيئتنا، والوساوس تعالج من خلال: أن يحقرها الإنسان، ألا يناقشها، وأن يغلق عليها الباب؛ لأن مجرد تداولها ذهنيا، ومحاولة تفسيرها أو تبريرها، أو إخضاعها للمنطق، يشعبها كثيرا.

إذا الفكرة الوسواسية تتطلب صرامة حين تأتي للإنسان، مثل هذا النوع من الوساوس يقال له: (أنت وسواس حقير، لن أناقشك أبدا، أنت تحت قدمي) وهكذا.

بالنسبة لموضوع العلاج بجانب التحقير: هنالك العلاج الدوائي، الوساوس الفكرية تستجيب للدواء بصورة ممتازة، وهنالك عدة أدوية الآن يتم استعمالها، وقد ساعدت الناس كثيرا، لكن بكل أسف كثير من الذين يعانون من الوساوس القهرية حتى وإن كانت ظاهرة، تجدهم يترددون في تناول الدواء، أو بعد أن يتناولوا الدواء ويظهر عليهم التحسن يوقفوا الدواء دون استشارة الطبيب، وهذا خطأ جسيم.

أريدك - أيتها الفاضلة الكريمة -، أن تذهبي وتقابلي طبيبا نفسيا، وسوف يصف لك - إن شاء الله تعالى - الدواء اللازم، هنالك عقار يعرف باسم (بروزاك) (Prozac)، ويسمى علميا باسم (فلوكستين) (Fluoxetine)، ويسمى في مصر باسم (فلوزاك) (Flozac)، هو من أفضل هذه الأدوية، كما أنه سليم، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية، وتوجد أدوية أخرى كثيرة.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنت لست مريضة نفسية، هذه ظاهرة نفسية، وقطعا أنت مؤمنة - إن شاء الله تعالى - وفي هذه الأمة المحمدية العظيمة، ولا علاقة لوساوسك بالإلحاد، أنت مكرهة، وتسلطت عليك هذه الوساوس، وشدة إلحاحها سبب لك هذه الآلام النفسية.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

++++++++
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم. استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الشيخ موافي عزب. مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
++++++++

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يرد عنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة -، فإني أحب أن أبين لك أن هذا الذي حدث إنما هو نوع من حسد الشيطان عليك، فالشيطان كما حسد آدم - عليه السلام - عندما أكرمه الله تبارك وتعالى بسكن الجنة، وسجود الملائكة له، يحسد أبنائه أيضا، ولذلك كان السبب الرئيسي في إخراج آدم - عليه السلام - من الجنة، عندما وسوس له بالأكل من الشجرة، هو وأمنا حواء، وبدأت معاناة الإنسانية منذ ذلك اليوم، وهذا قدر الله تبارك وتعالى يقينا؛ لأن الله تبارك وتعالى لا يقع في ملكه إلا ما أراد، والشيطان من هذا اليوم وهو على نفس الوتيرة من الحقد والحسد على آدم وأبنائه، ولذلك عبر الله تبارك وتعالى عن كيد الشيطان بقوله - كما ذكر الشيطان نفسه -: {قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين}، وقال: {قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين}.

هذا كله يدل على مدى حرص الشيطان - لعنه الله - على إفساد إيمان المؤمنين، ثم أيضا يبين أن الشيطان موجود، ولا يمل أبدا مطلقا، وإنما يسلك كل السبل لإفساد علاقة العبد بربه، ولإفساد علاقة العبد بنفسه، كذلك لإفساد علاقة الإنسان بغيره.

لذلك الذي تشعرين به، إنما هو نوع من كيد الشيطان، فإن الشيطان عز عليه أن تكوني صالحة مستقيمة، وأنت ما زلت شابة صغيرة، فحسدك، وبدأ يركز عليك، والشيطان عادة عندما يريد أن يفسد إيمان إنسان من المسلمين، فإنه يستعمل واحدا من اثنين: إما أن يستعمل معه أسلحة الشبهات، أو يستعمل معه أسلحة الشهوات.

أسلحة أو حرب الشبهات كحالتك التي أنت فيها، كالتشكيك في وجود الله تعالى، وفي عظمة الله، وفي كل شيء يتعلق بالله، كذلك التشكيك في القرآن، كذلك التشكيك في النبي - عليه الصلاة والسلام -، كذلك التشكيك في السنة، وهذه الحرب هي التي يستعملها عادة مع المؤمنين الصادقين، وأنا أحسب أنك على خير فعلا، وأنك الحمد لله في الطريق الصحيح، ولذلك عز على الشيطان أن يتركك لتدخلي الجنة، خاصة في مرحلة الشباب؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرنا بقوله: (عجب ربك من شاب ليس له صبوة) أي ليست له زلات وهفوات، كذلك أيضا: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)، وذكر منهم: (شاب نشأ في طاعة الله)، والشاب هنا يشمل الذكر والأنثى.

الشيطان حسدك - يا بنيتي -، ولذلك أتمنى أن تلزمي الكلام الذي أشار عليك به الدكتور محمد عبد العليم، وهو كبير الاستشاريين النفسيين عندنا في قطر، فإنه مفيد ونافع، وأريد أن أضيف إليه: أن تعلمي أنك في تحد، وأن الشيطان سيظل يضغط عليك بكل قوة، حتى يحول بينك وبين مرضاة الله تعالى، فعليك - بارك الله فيك - بمواصلة الطاعة، وعدم ترك الصلاة مطلقا، وأوصيك بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء بانتظام، خاصة التهليلات المائة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحا، ومثلها مساء، وبقية الأذكار الأخرى.

حافظي على أذكار ما بعد الصلوات، خاصة آية الكرسي والمعوذات، كذلك اجتهدي أن تكوني على طهارة دائما، أكثري من ذكر الله تعالى في الخلوات التي عندك، كلما كان عندك فراغ أكثري من ذكر الله، خاصة الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وكذلك الاستغفار، والإكثار من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -.

عليك بالدعاء - يا بنيتي -، والإلحاح على الله أن يعافيك الله تعالى من ذلك، واعلمي أن هذا الذي عندك كان موجودا حتى عند بعض الصحابة - رضي الله تعالى عنهم -، فلا تخافي، ولا تهتمي، ولا تشغلي بالك بهذا الأمر، واحتقري هذه الأفكار، وقولي له: (إن وسوستك تحت قدمي، إني ربي كريم، ربي حليم، ربي لطيف، ربي ودود، ولن يعذبني بسببك يا عدو الله، يا لعين).

حاولي - إن شاء الله تعالى - تطبيق هذا البرنامج، وبإذن الله تعالى سوف تتحسنين في أقرب فرصة، على قدر صدقك وتطبيقك لهذا الترتيب، مع تناولك للدواء الذي أشار عليك به الأخصائي النفساني، وأبشري بفرج من الله قريب.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات