أمنع نفسي عن الذنوب بصعوبة شديدة، فماذا أفعل؟

0 346

السؤال

سلام عليكم

أنا -يا أخي- أعلم أني لو بقيت حيا سوف أرتكب الكبائر، وأنا أمنع نفسي عنها بكل جهد، لكني أشعر بأني سوف أرتكب واحدة من الكبائر وليس ذنبا عاديا، ولذلك أريد أن أقتل نفسي، وأعلم أنه حرام ولكن لا أريد أن أعمل كبيرة من الكبائر، وهي هز عرش الرحمن سبحانه وتعالى، وفهمكم كفاية، لذلك الموت راحة لنفسي المتعذبة.

أرجوك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإني أعجب من أمرك، أنت لا تريد أن ترتكب فاحشة كفاحشة الزنى –عياذا بالله– في حين أنك تريد أن تقتل نفسك، ونسيت أن قتل النفس أعظم عند الله تبارك وتعالى من فاحشة الزنى بآلاف المرات؛ لأن فاحشة الزنى ذنب قابل لأن يغفر الله تبارك وتعالى لصاحبه إن أخلص في توبته، وكانت صادقة من قلبه، وقبلها الله تعالى، أما الذي يقتل نفسه فلقد منع أو حرم نفسه من أي فرصة لأن يعفو الله تبارك وتعالى عنه، ولذلك الذي يقتل نفسه مقطوع بأنه من أهل النار، ما دام لم يندم أو لم يعتذر أو لم يبد نوعا من التوبة قبل أن تخرج روحه من جسده.

ولذلك أقول لك: إن ما تفكر فيه إنما هو تفكير شيطاني مخالف للحقيقة، مخالف للواقع، ولا أساس له من الصحة. وعليك أن تجتهد –بارك الله فيك– في البحث عن حل لمشكلتك بعيدا عن قضية أن تقتل نفسك، أو أن ترتكب ذنبا أو معصية أخرى، ومن فضل الله تعالى ورحمته أن الله تبارك وتعالى جعل أمام الناس أبوابا كثيرة من الحلال يستطيعون بها أن يحفظوا أنفسهم من الوقوع في المعاصي، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء) وقال الله تعالى: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم}.

ولذلك أقول: ابحث عن أسباب الحلال، ولا تفكر في ارتكاب جريمة سماها الله تعالى فاحشة وأسوأ سبيل، كما قال تعالى: {ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا}.

لذا أقول لك –ولدي محمد-: عليك بتقوى الله تعالى، فهو مفتاح الأرزاق، ومخرج من كل هم وغم، قال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا*ويرزقه من حيث لا يحتسب}، وعليك بالاستغفار فإنه سيل فياض من الأرزاق {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين* ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا} وعليك بالدعاء فهو الخير، وهو العبادة، {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} وقال: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}. ولا تنس الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد قال لمن جعل صلاته كلها: (إذا تكفى همك، ويغفر لك ذنبك).

وبذكر الله تطمئن القلوب، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وقال تعالى: {واذكروا الله كثيرا} ما النتيجة؟ {لعلكم تفحلون} ففي ذكر الله الفلاح، والفوز والتيسير، والنجاح والتوفيق، وسعة الرزق، وتفريج الهموم والغموم والكرب، إي والله.

الصبر خير ما بعده خير، قال تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} وبالصبر ينال الخير، قال -صلى الله عليه وسلم-: (واعلم بأن الصبر مع النصر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسرا) وقال الله تعالى: {فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا} ولن يغلب عسر يسرين.

وعليك بالاجتهاد في القضاء على الأسباب المثيرة التي توقعك في العنت والمشقة والحرام، وإياك ثم إياك أن تفكر في جريمة قتل النفس؛ لأن إثمها أو وزرها أكبر وأشد من جريمة الزنا مرات ومرات ومرات، ولا تقع في هذا ولا ذاك، واحذر، وعليك بالبحث عن أسباب الحلال والاجتهاد في الوصول إليها، والاجتهاد في أن تغض بصرك وتحصن فرجك، وأن تبحث عن الأسباب المؤدية إلى ذلك.

ولا تنس اختيار الصحبة الصالحة التي تعينك على الخير، وتحتمي بها من الشر ودواعي الوقوع في الفساد، فإن الصاحب ساحب، فاختر أصحابا يسحبونك إلى الخير ، ولا تصحب الذين يزينون لك الحرام، ويهيجون العواطف والشهوات.
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم *** ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
(والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).

اجتهد في الدعاء؛ لأن الله تبارك وتعالى يحب الملحين في الدعاء، ولأنه جل جلاله أمرك بالدعاء ووعدك بالإجابة، وعد الله لا يخلف الله وعده، كما أخبر الله تبارك وتعالى بنفسه، فتوكل على الله، واستعن بالله، وأر الله من نفسك خيرا، وأسأل الله أن يغفر لي ولك، وأن يتوب علي وعليك، وأن يجعلنا وإياك من الصالحين المؤمنين، إنه جواد كريم.

مواد ذات صلة

الاستشارات